مقتدى الصدر.. رجل تناقضات يحاول أن يرسم خارطة العراق

مرصد مينا – بروفايل

عرف منذ بداية دخوله في الحياة السياسية داخل العراق في عام 2003، بعد إسقاط النظام العراقي السابق، بمواقفه المتناقضة لا سيما حيال الوجود الأمريكي في العراق أوالنفوذ الإيراني، لتتصاعد موجة الجدل حوله، بعد مواقفه المتقلبة حيال الانتفاضة العراقية الأخيرة منذ تشرين الأول عام 2019.

فيما يلي يستعرض مرصد مينا، أبرز محطات حياة الصدر ودوره السياسي والميليشيوي في العراق.

حياته ونشأته:

ولد “مقتدى الصدر” عام 1974، وهو الابن الرابع للزعيم الشيعي، “محمد صادق الصدر”، وينحدر من إحدى أبرز العوائل الدينية الشيعية والسياسية في العراق، حيث شغل جده “محمد حسن الصدر” رئيساً لوزراء العراق عام 1948 كما كان عضو ورئيس لمجلس الاعيان في البلاد.

تظهر بعض المعلومات أن “مقتدى” درس على يد والده، وعدد من المراجع الشيعية، “محمد كلانتر”، و”محمد الجواهري”، إلا أنه لم يصل إلى مرحلة الاجتهاد على الرغم من محاولات والده لتأهيله ليكون مرجعية.

متزوج من ابنة عمه، “محمد باقر الصدر”، الذي قدم دعماً كبيراً له ليبرز “مقتدى الصدر” على الساحة السياسية، حيث يشير بعض الباحثون إلى أن “مقتدى” بعد اغتيال عمه، أظهر شخصية لا تتلاءم مع الوضع السياسي في العراق، وتطوراته، خاصةً وأنه كان متذبذب المواقف ومتناقض.

دخوله إلى السياسة:

دخل “الصدر” إلى مجال السياسة بشكل أكبر عقب اغتيال والده محمد الصدر والتي عرفت بانتفاضة 1999 انتقل إلى حوزة قم في إيران بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 م وما رافقه من تصاعد أعمال المقاومة العراقية ضد الجيش الأمريكي، ووضع اسمه على رأس المطلوبين للاحتلال الأمريكي والحكومة العراقية.

اشرف بعد اغتيال والده، على مدارس الحوزة العلمية، وفتح مكتب والده، كما اسس مجاميع سرية تولت استهداف قيادات واعضاء حزب البعث واجهزة الامن والاستخبارات، وقد برز نشاطها بهجوم منظم استهدف مباني لجهات امنية وحكومية، ومقرات الأجهزة الاستخباراتية، ومكاتب لحزب البعث في محافظة البصرة ضمن ماعرف باسم انتفاضة الصدر، حيث سيطر المسلحون على المدينة، وقتلوا محافظ البصرة، وعشرات من اعضاء وقادة حزب البعث في المدينة قبل ان يتدخل الفيلق الثالث في الجيش لاخماد التمرد ، وكان للتضييق الأمني الشديد، والمراقبة المستمرة، التي وضعت على شخص مقتدى الصدر الدور الكبير في عرقلة حركته وعدم صعوده اعلامياً خشية التعرض لمصير مماثل لوالده واخوته، وعلى هذا الاساس استمر بالدراسة في الحوزة العلمية تحت اشراف المرجع محمد اسحاق الفياض، كما كان الظهور الاعلامي الأبرز لاتباعه خلال تلك الحقبة في عام 2002 حينما تظاهروا امام وزارة الاعلام العراقية مطالبين باطلاق سراح المعتقلين من انصار الصدر، ومع سقوط نظام صدام حسين.

برز “الصدر” كقائد لقوة شعبية كبيرة في العراق، وانتشر انصاره في اغلب مدن العراق، وتولى عدد منهم حماية محطات الطاقة، وبعض الدوائر الحكومية وحراسة الاحياء السكنية، وتنظيف الشوارع، ورفع النفايات، وتوجيه المرور، وتوزيع الرواتب لكوادر المستشفيات والدوائر الصحية، وحمايتهم في بعض المدن.

بعد عام 2003.. والغزو الأمريكي

لعب “الصدر” بعد إسقاط النظام العراقي، عام 2003، دوراً كبيراً في الساحة العراقية، فقد أصبح “الصدر” رقماً صعباً في المعادلة السياسية، من خلال التيار الصدري ومنظمتيه الدينية والعسكرية.

بقيت سياسات “الصدر” متناقضة حيال الوجود الأمريكي، بين التراخي والصدام المسلح، كما حدث عام 2004 بعد أن أصدر الحاكم الذي عينه الاحتلال على العراق بول بريمر قرارا بإغلاق صحيفة الحوزة التابعة للحوزة الناطقة، واعتقال أحد مساعدي الصدر في 4 نيسان من العام ذاته.

في العام ذاته، هاجم مسلحين تابعين للصدر دورية أمريكية في مدينة الصدر مما أوقع ثمانية جنود امريكيين قتلى مع اصابة واحد وخمسين وتدمير عدد من الاليات الأمريكية استمر القتال لشهرين وامتد بصورة سريعة إلى معظم محافظات وسط وجنوب العراق كالنجف والكوفة وكربلاء والناصرية والكوت وسيطر جيش المهدي عليها

قام “الصدر” بعد تجميد جيش المهدي عام 2007 بتأسيس قوة قال إن شأنها مواجهة الجيش الأمريكي أسماها “لواء اليوم الموعود” وتبنى العمليات ضد القوات الأمريكية خلال الأعوام 2009، 2010 و2011.

العلاقات مع إيران

يعتبر “الصدر” أحد أهم الداعمين للنفوذ الإيراني في العراق، حيث كان جيش المهدي، الذي شكله بعد انهيار نظام “صدام حسين”، والذي كان يتلقى دعماً من الحرس الثوري الإيراني، وعمل يتوجيهات من قائد فيلق القدس الإيراني السابق، “قاسم سليماني”.

تم استغلاله من ساسة مرحلة بداية الاحتلال الأمريكي، ومن ثم تحول الى قوة انشق عنها فيما بعد أبرز قادة الميليشيات مثل “قيس الخزعلي”، كما تشير بعض المصادر العراقية، إلى أن أساس قوة “مقتدى” السياسية تأتي من التركة السياسية لوالده وعمه.

لعب “الصدر” دوراً كبيراً في سيطرة إيران على القرار العراقي، من خلال الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي، كما يعتبر التيار الصدري من أشد الداعمين لميليشيات الحشد الشعبي في العراق بعد سيطرة تنظيم داعش، على مساحات كبيرة من العراق، عام 2014، كما ساهم بشكل كبير من خلال تحالفه مع بقية الكتل البرلمانية في دعم حكومات مقربة من إيران مثل “نوري المالكي” و”إبراهيم الجعفري”.

قام بعد سيطرة تنيظم داعش على محافظات وسط العراق، بتشكيل سرايا السلام، المدعوم من إيران، وهو تشكيل مسلح تم إطلاقع بعد فتوى الجهاد الكفائي التي اطلقتها المرجعية الدينية في النجف للقتال والتطوع في صفوف القوات الامنية دعا مقتدى الصدر المتطوعين في صفوف سرايا السلام إلى تنظيم استعراض عسكري في جميع المحافظات التي ضمت الوية تابعة لهيكلة السرايا وقد تم الاستعراض بعد ايام قليلة حيث ظهر آلاف من المتطوعين ضمن صفوف سرايا السلام في مختلف المحافظات وهم يستعرضون برفقة اسلحة ثقيلة ومتوسطة وخفيفة تتقدمهم صواريخ وراجمات ومدافع وانخرطت سرايا السلام في القتال ضد داعش في سامراء بعد اسابيع قليلة اعقبه دخولها في جرف الصخر وامرلي والاسحاقي وديالى.

المظاهرات .. بين التأييد والوعيد

مع انطلاق المظاهرات العراقية عام 2019، تذبذب موقف التيار الصدري بين تأييد المظاهرات وبين الوعيد والاعتداءات ضد المتظاهرين، حيث اصطف إلى جانب المحتجين في الأسابيع الأولى، قبل أن ينقلب موالوه على المتظاهرين ويقتحمون ساحات الاعتصام في عدة مدن عراقية بينها البصرة وبغداد.

وهاجم الصدر المتظاهرين في عدة مواقف، متهما إياهم بعشق الأمريكيين والتشبه بالغرب في التعري والسكر والمخدرات، محذرا مما اسماه تنامي ظاهرة “التشدد أو النفور من الاسلام من طبقة الشباب” خاصة من هم بداخل المذهب بحجة الدعوة الى الاصلاح.

كما وصف الصدر المتظاهرين بالمغرر بهم، قائلا ان “البعض منهم ينادي بالخدمات وهو يغلق الدوائر الخدمية وينادي بأنه مظلوم ومقموع من القوات الامنية وهو يقمع ويجبر المدنيين على الالتحاق به ويصلبهم ويضربهم”، متجاهلا حادث مهاجمة انصاره للمتظاهرين في الناصرية الجمعة الماضي، حيث أوقعوا بهم عشرات القتلى والمصابين.

وعلى الرغم من حديثه عن المظاهرات ودعم المتظاهرين إلى أن الشهر الماضي شهد اجتياح مدينة الناصرية بمحافظة البصرة وارتكبت مجزرة بحق التظاهرين أدت إلى مقتل 5 متظاهرين في صدامات مع ميليشيات تابعة لمقتدى الصدر، حيث أكد المتظاهرون في بيان لهم أن الميليشيات أقرت بجريمتها واعترفت بها، كما أنها لم تخف أسلحتها، لافتين إلى أن الميليشيات بعد اقتحامها لساحات التظاهر أقدمت على حرق كل الخيم وفرضت سيطرتها على مركز محافظة ذي قار بأسلحتها غير الشرعية.