من أجل تقديم “مزارع شبعا” هبة لإسرائيل
اللبنانيون شعبيًا، وهذا ملحوظ، يشكرون “حزب الله” على دفعه ومجاراته لاتفاقي ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، ولكنهم يضيفون إلى شكرهم هذا حتى يكتمل الشكر، أن يذهب حزب الله إلى تسمية الأشياء بأسمائها، فالاتفاق ببعده السياسي الناتج عن بعده الاقتصادي هو “تطبيع” ، والسياسة هي ضامن الاقتصاد في مثل الحالة اللبنانية، وبالتالي فلكي “يكمّل حزب الله معروفه”، يتبقّى له اولاً تفكيك سلاحه وتسليمه الى الدولة اللبنانية، ليعفي لبنان من العيش في ظل دولتين، واحدة هي “الجمهورية” وثانية هي “الحوزة” كما ليعفيه من مصرفين ومن برلمانين، ومن سلاح بات عبئًا ليس على اللبنانيين فحسب، بل على المنطقة برمتها، تمامًا كما على جمهور حزب الله وحاضنته التي انتهت إلى العزلة لبنانيًا، كما إلى الموت المجاني في معارك لانصر إلهي فيها.
والحال كذلك، ماهي الآفاق التي ستترتب على اتفاقية الترسيم هذه؟
يذهب الكثير من اللبنانيين، إلى الاعتقاد بأن حزب الله اليوم سيتحوّل مع تحوّلات كثيرة إلى ضامن لأمن إسرائيل، وسيكون ذلك وفق ترتيبات أمريكية، إيرانية، تقدم فيها إيران على تقديم هدية لإسرائيل هي حزب الله في لبنان وحماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، والهدية مقابل تسهيلات تحظى بها إيران في ملف المفاوضات النووية، كما في رفع العقوبات عن شخصيات وأموال إيرانية تحجر عليها الخزانة الأمريكية.
الصفقة تمت بنجاح، غير أن خطاب حسن نصر الله لم يتغير فالرجل يشتغل على اللغة حين تخونه الوقائع، والوقائع تقول بأنه الضامن للحدود الشمالية لإسرائيل، فيما اللغة مازالت مرهونة لخطاب الأمس الذي يرفق كلمة إسرائيل بـ “العدو” وهذا ماكان حليفه نبيه بري قد تجاوزه من زمان حيث ينطق الإسم بلا إضافة “العدو” وإن بدا ذلك زلات لسان.
الترسيم البحري أنجز وما تبقّى هو الترسيم البري، والعالق فيه مزارع شبعا، وهي المنطقة الحائرة في الدوائر العقارية، فلا هي لبنانية خالصة، ولا هي سورية خالصة، وما يتبقى هو حسم النزاع عليها مابين البلدين “الشقيقين” و “الجارين” ومن بعدها يكون الكلام مع إسرائيل.
حزب الله وكان متمسكًا بلبنانيتها، سيأخذ طريقه لإعلان البراءة منها وإلقاء كاهلها على كتف بشار الأسد، وبشار الأسد لن يحتمل المزيد من الأحمال، فدولته منهكة، وجيشة مشتت واقتصاده منها، وناسه ينفضّون من حوله يومًا بعد يوم، مرة بسبب المجاعة، وثانية لأسباب الفضيحة، وفي كل لحظة يزداد عراءه حتى لن يتبقى في خزانته ثياب.
الآن بانتظار أمرين اثنين:
ـ ان يغير حزب الله خطابه ويسحب من التداول مفردة “العدو”، وهذا يعني فيما يعنيه إسقاط مبررات لسلاحه.
ـ ثانيها أن يدخل الاشتباك مع حليفه في دمشق ليرسو بر الترسيم البري، وينتهي النزاع على البراءة من مزارع شبعا، بما يعني تقديمها هبة لإسرائيل.
لعبة الكلام انتهت.. الآن بات اللعب مع الوقائع، والبحر يكذّب الغطّاس.