من سيقاوم العسكر الأتراك فيما لو شقت دباباتهم طريقها للاستيلاء على ادلب؟ الادالبة مثلاً؟
من سيحمي شمال شرق سوريا من الزحف التركي؟ الزحف الموشك على الانطلاق مابين ليلة وضحاها؟
المعارضة السورية؟ ونعني مجموعة السادة المتمرغين بالعباءة التركية والبلاط التركي؟ أم النظام وقد باتت حدوده محصورة في القصر الرئاسي المدار من “حريم الرئيس”؟ أم القوات الكردية التي لابد وتحسب ألف حساب لنفضها من اليد الامريكية وتركها وحيدة في مواجهة مقايضة لابد وتنجز مابين أردوغان والأمريكان؟
من سيمنع هذا الزحف، والعالم كل العالم انتقل إلى الحرب حتى الدولتان المحايدتان ونعني فنلندا والسويد وقد خرجتا من الحياد الى الخنادق مطالبين بـ “عسكرة” عاصمتين طالما كانتا مأوى للاطمئنان؟
أحد فصول الكوميديا ستحدث مابين لحظة وأخرى، فالقوات التركية تحتشد على الحدود الجنوبية الغربية مع سوريا الأسبوع الماضي. وقد أرسلت ما يصل إلى 80 مركبة عسكرية، تضم عددا غير معروف من الدبابات وشاحنات المساعدات الطبية، إلى ولاية هاتاي التي تبعد حوالى 30 ميلا عن الحدود. وذُكر أن قافلة أخرى تتكون من عدد غير محدد من المركبات العسكرية أرسلت إلى منطقة أخرى في هاتاي، على بعد ميلين فقط من الحدود السورية، كما شوهدت مجموعة ثالثة من 20 مركبة عسكرية بالقرب من الحدود عند معبر باب الهوى في سوريا، على بعد حوالي 7 أميال من الريحانية.
قد تبدو هذه التحركات عديمة الضرر في حد ذاتها، فمن الطبيعي لتركيا أن تنقل الجنود والعتاد حول حدودها اعتمادا على المكان الذي تعتقد أن التهديدات قد تظهر فيه. ولكن السياق هو كل شيء، وسياق عمليات الانتشار تلك ليس اعتياديا. في 15 سبتمبر/ أيلول، وافقت تركيا وإيران وروسيا في أستانا على إنشاء منطقة آمنة في محافظة إدلب السورية، إلى الغرب من حلب. وذكرت الأنباء أن الدول الثلاث اتفقت على تقسيم المحافظة إلى ثلاث مناطق. وفي اليوم نفسه، أفادت صحيفة تركية مقربة من الحكومة أن 25 ألف جندي تركي يستعدون للانتشار في محافظة إدلب، بهدف السيطرة على منطقة تبلغ مساحتها نحو ألفي ميل (5 آلاف كيلومتر مربع) يعيش فيها أكثر من مليوني نسمة.
سبق لتركيا أن توغلت في عملية “درع الفرات” بـ 8 آلاف جندي تركي، واحتلت عفرين، فيما اتكلت على جبهة النصرة لاحتلال ادلب، فامتلكت مفتاح المدينة، واليوم ستكون القفزة الكبرى، في لحظة تقاطعات مابين ثلاث قوى دولية تحكم سوريا، ولن تكون القفزة خارج علم الروس ولا الايرانيين، فالأتراك لايرغبون برؤية قوة مؤيدة لروسيا أو مؤيدة لإيران في المنطقة يمكن أن تهدد جنوب تركيا وفق ادعاءات أردوغان.
تركيا أردوغان، وقد أطاحت بتركيا كمال اتاتورك، لابد ولديها فائض حنين للعثمانية، فالمشكلة ليست مشكلة حديثة، فقد سبق وحاولت الدولة العثمانية، في الواقع، الإبقاء على بعض ما أصبح جزءا من سورية الحالية داخل أراضيها، وكانت إحدى المناطق الرئيسية التي فقدت فيها الجمهورية التركية أراضيها أو ماتدعيه أراضيها هي منطقة شمال غرب سوريا.
ليست مسألة أمنية فحسب، إنها القفزة المتصلة بصلب الأردوغانية التي ترى في تركيا الحالية، الوطن الأصغر من الوطن المطلوب، وفي حال كهذا لابد من التوسع، ولن يكون التوسع على يد “الوكلاء”، وكلاء من نموذج جبهة النصرة، بل سيكون على أيدي الجيش التركي، وفي اللحظة المناسبة.. لحظة فوضى العالم وقد اطلقت الحرب الروسية الأوكرانية مايكفي للتغطية على أية فوضى لاحقة، ويبقى السؤال:
ـ من سيقاوم العسكر الأتراك فيما لو شقت دباباتهم طريقها للاستيلاء على ادلب؟
ـ الادالبة مثلاً؟
بلاد انتهك نظامها مواطنيها، لن تحارب من أجل نصرة هكذا نظام، فبوابات الناس قد تكون مشرعة لـ “من يأتي” باستثناء النظام وقوات النظام وحلفاء النظام.
اليوم قفزة اولى، ومن بعدها تأبيد الخطوة، لتستعيد العثمانية ماخسرته على يد التتريك.
ستكون الحرب “الظل”.. الحرب التي لم يسمع دويها العالم في ضجيج الحرب الواقعة في أوروبا وعلى اوروبا، باحتمالات التي قد تمتد وتمتد إلى ماهو أوسع من الروس والأوكران.