تسببت الدعوات الأمريكية للانكفاء على الذات والممثلة بشعار “أمريكا أولًا” الذي رفعه الرئيس ترامب منذ دخوله البيت الأبيض وسيره في خطوات توحي بتغير السياسة الأمريكية بذلك الاتجاه، تسببت بفزع أوربي وقلق على موقع القارة العجوز في وجه التهديدات الدفاعية والأمنية التي يفرضها العالم المتغير في مراحله الأخيرة.
وتصدرت فرنسا مشهد الممتعضين من تلك التغيرات والداعين إلى اتخاذ خطوات فعالة، تحمي أوربا من منعكسات تلك المخاطر؛ بدءً من تأكيدات قديمة للرئيس الفرنسي ” عمانويل ماكرون” عن موت حلف الناتو سريرًا، وهي التصريحات التي أطلقت عاصفة كبيرة من النقد والاعتراض من بين أعضاء الحلف.. لينقل بعدها الرئيس الفرنسي لتغيير بوصلة الأعداء بالنسبة للأوربيين معتبرًا أن الخطر الروسي ليس هو العدو الحقيقي للقارة على خلاف الخطر الصيني مثلًا.
وأطلق الرئيس ماكرون حينها، دعوات تكررت، لوجوب دراسة فكرة الحوار الإستراتيجي مع موسكو لتجاوز النقاط الخلافية وتأكيد وجهة نظره التي تعتبر تغيرًا جذريًا – لو اعتمدت – في العقيدة الدفاعية والأمنية الأوربية.
وانطلقت أمس الجمعة، فعاليات مؤتمر ميونخ للأمن في نسخته الـ 56، وسط حالة من الغموض في عدد من الملفات الدولية، في مقدمتها الخلافات التجارية العالمية، والتغير المناخي.
ويعتبر المؤتمر الذي يعقد سنويا أحد أهم التجمعات الدولية التي تصدر عنها رسائل مهمة عن مستقبل الحياة على كوكب الأرض. حيث تختتم فعاليات المؤتمر – الذي يتوقع أن يركز هذا العام على السياسات الأمنية والتحديات الاقتصادية – في 16 فبراير/ شباط الجاري.
وأعلن الرئيس الفرنسي، عبر ملتقى ميونخ الأمني أن “سياسة تحدي أوروبا لروسيا في السنوات الأخيرة قد فشلت، وأن الخيار الوحيد هو التوجه نحو حوار أوثق مع موسكو لحل الخلافات، وأرى التحدي الصادر عن جميع شركائنا. أنا لست غاضبا، ولكنني أعرف أنك إذا كنت متحديا وضعيفا… فتلك ليست سياسة، إنه نظام غير فعال أبدا”.
ولفت خلال مؤتمر ميونخ للأمن الى أن “هنالك خيار آخر وهو طلب وإعادة إطلاق الحوار، لأننا نتحاور بشكل أقل اليوم، بينما تتضاعف صراعات نقف عاجزين عن حلها”.
وحث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأوروبيين يوم الجمعة (السابع من شباط / فبراير 2020) على تعزيز تعاونهم بشأن الاستقلال العسكري والدفاع الجماعي، فيما عرض على الدول فرصة بأن يصيروا شركاء مع فرنسا بشأن برنامجها الخاص بالردع النووي.
وتسببت دعوة ماكرون بجدل جديد في كواليس السياسة الألمانية، حيث اختلفت وجهة نظر الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الشريك في الائتلاف الحاكم في ألمانيا، بشأن الموقف من الترسانة النووية في فرنسا في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية نُشِرت اليوم السبت حيث أعرب عن معارضته لتعزيز التعاون بين ألمانيا وفرنسا في مجال الردع النووي.
وعرض الحزب الاشتراكي الديمقراطي وجهة نظر نأت عن وجهة نظر شريكه في الحكومة، التحالف المسيحي، بشأن الموقف من السلاح النووي في أوروبا في ضوء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانفراد فرنسا بامتلاك ترسانة نووية.
وقال رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، رولف موتسنيش، إنه يتعين على فرنسا أن تقطع خطوات نحو التخلص من ترسانتها النووية، مشيراً إلى أن الرئيس الفرنسي أعلن من قبل عزمه العمل للحد من التسلح، والرقابة على الأسلحة. وأوضح موتسنيش أنه يتعين “أن ينعكس ذلك أيضاً على السياسة الفرنسية خلال الفترة المقبلة”.