من هم الدروز ولماذا تستهدف إسرائيل سوريا بحجة حمايتهم؟

مرصد مينا
شن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، ضربات جوية جديدة على العاصمة السورية دمشق، مستهدفا القصر الرئاسي ومقر هيئة الأركان السورية، بالإضافة إلى مواقع أخرى استراتيجية.
وبرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، هذه الهجمات بضرورة حماية الدروز، مشيرا إلى التزام دولته بالحفاظ على أمن هذه الطائفة.
تأتي هذه الضربات في ظل تصاعد المواجهات في محافظة السويداء جنوبي سوريا بين القوات الحكومية وفصائل درزية متمردة على سلطة دمشق، وأسفرت هذه المواجهات عن مقتل نحو 300 شخص خلال الأيام الماضية.
دخل الجيش السوري في البداية لفك الاشتباكات بين مجموعات مسلحة من العشائر العربية ومجموعات مسلحة درزية، لكن تعرضت بعض دورياته لكمائن من قبل الفصائل الدرزية-وفقا لرواية الحكومة السورية-، مما دفعه للدخول في المعركة وإعلان عزمه السيطرة على محافظة السويداء التي لا تزال خارج سلطة دمشق، وذلك بالتنسيق مع وجهاء وأعيان المدينة، في محاولة لتهدئة الوضع المتوتر.
لكن بعد ساعات، أعلن الزعيم الدرزي الأقوى في السويداء والمقرب من وفيق طريف، زعيم الدروز في إسرائيل، رفضه لهذا الاتفاق، وحث مقاتليه على استمرار القتال، والذي تم بدعم وتغطية جوية من الطيران الإسرائيلي.
وفيما أكد مسؤولون إسرائيليون أن هناك تنسيقا مع الجيش السوري قبل دخول قواته إلى السويداء، أشاروا إلى أن السلطات السورية خالف التفاهم بعدم إدخال أسلحة ثقيلة إلى المنطقة.
وأوضح مسؤول عسكري إسرائيلي أن بلاده لن تسمح بتشكيل حشد عسكري على حدودها الجنوبية مع سوريا.
من هم الدروز؟
الدروز هم طائفة عربية ظهرت في القرن الحادي عشر الميلادي، ويبلغ عددهم اليوم نحو مليون نسمة، يعيش معظمهم في سوريا ولبنان وإسرائيل.
في سوريا، يتركز الدروز بشكل خاص في محافظة السويداء وجنوب البلاد، بينما يعيش أكثر من 20 ألف درزي في هضبة الجولان المحتلة، التي استولت عليها إسرائيل في حرب عام 1967 وضمتها رسميا في عام 1981.
وفي الجولان، يعيش الدروز إلى جانب حوالي 25 ألف مستوطن يهودي موزعين على أكثر من 30 مستوطنة.
ويعتبر معظم الدروز في الجولان أنفسهم سوريين، وقد رفضوا قبول الجنسية الإسرائيلية التي قدمتها لهم إسرائيل، مكتفين ببطاقات إقامة.
الأوضاع مع الحكومة السورية الجديدة
بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد، تعهد الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع بحماية جميع الطوائف السورية، إلا أن التوترات استمرت، لا سيما في مناطق تواجد الدروز بمحافظة السويداء.
وتعد قضية نزع سلاح الفصائل الدرزية ودمجها في الجيش السوري الوطني من النقاط الأساسية التي تشكل عائقا أمام استقرار العلاقة بين الدروز والحكومة، حيث يصر الدروز على الاحتفاظ بأسلحتهم الخاصة ورفضهم كذلك دخول القوات الحكومية.
لماذا تدخلت إسرائيل؟
صرح مكتب نتنياهو يوم الثلاثاء بأن إسرائيل ملزمة بمنع إيذاء الدروز في سوريا، خاصة مع وجود نحو 130 ألف درزي في مناطق الكرمل والجليل شمال إسرائيل.
على عكس الأقليات الأخرى في إسرائيل، يُجند الرجال الدروز في الجيش الإسرائيلي منذ عام 1957، وحقق العديد منهم رتباً رفيعة في الجيش وأجهزة الأمن.
بعد تدخل الجيش السوري في السويداء، نشر الزعيم الديني الدرزي السوري، حكمت الهجري، بيانًا مصوراً زعم فيه أنهم يتعرضون لـ”حرب إبادة شاملة”.
في المقابل، رحبت الرئاسة الروحية الدرزية في بيان سابق بدخول القوات الحكومية إلى السويداء، داعية الفصائل المسلحة إلى التعاون وتسليم أسلحتها لوزارة الداخلية، وعدم مقاومة القوات الحكومية.
يظهر في السويداء جناحان، أحدهما ضعيف يمثله شيخا العقل يوسف الجربوع وحمود الحناوي، وهما مع دمج السويداء ضمن الدولة السورية ويرفضان القتال، والآخر قوي يمثله شيخ العقل حكمت الهجري، الذي يقود “المجلس العسكري في السويداء” ويرفض الاعتراف بالحكومة، وهو متمرد على سلطة دمشق.
لهذا السبب، تعرضت البيانات الصادرة عن الجناح الأول للرفض مرتين من قبل الهجري، وسط استمرار القتال حتى الآن.
تظل محافظة السويداء ومصير الدروز من أبرز نقاط التوتر في سوريا، وسط صراعات إقليمية ودولية تُعقّد المشهد السوري وتلقي بظلالها على مستقبل هذه الطائفة المهمة في نسيج المجتمع السوري.
وفقاً لمراقبين، فإن التدخل الإسرائيلي الذي جاء بحجة حماية الدروز يخفي وراءه ضغوطاً تمارس على الإدارة السورية الجديدة، تتعلق بقضايا مثل مسألة السلام مع إسرائيل وغيرها من النقاط، رغم أنه يبدو ظاهرياً كدعم وحماية للدروز.