من هو عبد القدير خان “أبو القنبلة النووية الباكستانية”؟
مرصد مينا – بروفايل
أعلنت باكستان اليوم الاحد وفاة العالم النووي الباكستاني “عبد القدير خان” المعروف باسم “أبو القنبلة النووية الباكستانية”، فمن هو عبد القدير خان:
ولد عبد القدير خان في الأول من أبريل 1936 في مدينة “بهوبال” بالهند أثناء الاحتلال البريطاني قبل انفصال باكستان عن الهند. تنقل خان بين جامعات عدة ومؤسسات تعليمية أوروبية في ألمانيا وهولندا وبلجيكا أواسط الستينيات، ثم حصل على الدكتوراه من جامعة بلجيكية مطلع السبعينيات، قبل أن يستقر به الحال في هولندا موظفا بمعمل لتخصيب اليورانيوم.
ترقى خان في عمله بهولندا، حتى أصبح كبيرا لخبراء المعادن في شركة (FDO) الهندسية الهولندية، التي كانت يومذاك على صلة وثيقة بمنظمة “اليورنكو” المهتمة بتخصيب اليورانيوم، و خلال عمله بالشركة الهولندية؛ كان خان -وفقا لبعض المصادر- ينسخ سرّا تصميمات لأجهزة الطرد المركزي، ويجمع قائمة بالشركات التي يمكن أن تزود باكستان بالتكنولوجيا اللازمة لإنتاج يورانيوم عالي التخصيب للأسلحة النووية، رغم أن خان نفى مرارا أن يكون سرق بيانات من هولندا.
شكل التحاق الهند غريمة باكستان بالنادي النووي بتفجير قنبلتها النووية الأولى عام 1974 منعطفا بالغ الأهمية في مسيرة خان، إذ كان يرسل رسائل سرية للمسؤولين الباكستانيين ذات صلة بتطوير القدرات الباكستانية، ولكن رسائله كانت تواجه بالتجاهل وعدم الاهتمام، بيد أن الدوي الهائل الذي أحدثه التفجير النووي الهندي في الساحة العسكرية والأمنية وحتى السياسية الباكستانية غيّر بالكامل من تعاطي المؤسسة الباكستانية مع خان، فمع حالة القلق الهائل والاستنفار التي عمّت باكستان قام رئيس الوزراء الباكستاني ذو الفقار علي بوتو باستدعاء عبد القدير سنة 1975 من هولندا ليسند إليه رئاسة برنامج باكستان النووي.
بدأ خان عمله انطلاقا من مدينة كاهوتا القريبة من مدينة راولبندي التي أنشأ فيها معامل هندسية للبحوث عام 1976، وهي المعامل التي سميت لاحقا في عام 1981 بـ”معامل الدكتور عبد القدير خان للبحوث” تثمينا لجهوده البحثية.
وفي سبتمبر/أيلول 1986 تمكنت باكستان من القيام بأول تفجير نووي تحت سطح الأرض، حسب صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، وهي خطوة تمثل أبرز إنجاز عسكري حققته باكستان في تاريخها، وما زالت إلى اليوم هي الدولة الإسلامية الوحيدة التي بلغت مرحلة إنتاج القنبلة النووية.
تشير مصادر غربية إلى أن العمل الذي أنجزه عبد القدير خان في 6 أعوام في البرنامج النووي لبلاده يستغرق في العادة عقدين من الزمان في الدول الغربية ذات التقاليد الراسخة في مجال الصناعة النووية، وقد ساعده كتمانه الشديد على نجاح مشروع إنشاء القنبلة النووية الباكستانية، كما ساعدته علاقاته بالشركات الغربية ذات الصلة بميدان التخصيب وبناء آلات الطرد المركزي على أن يشتري ما يعينه على بناء مختبراته وعلى تطوير بحوثه.
بعد إعلان باكستان التحاقها بالنادي النووي، بدأت الدول الغربية ضغطا هائلا اقتصاديا وسياسيا عليها، ففرضت واشنطن عقوبات اقتصادية عليها، كما رفعت قضية على عبد القدير خان بداية الثمانينيات في هولندا تتهمه بسرقة وثائق نووية سرية، وهو أمر نفاه خان وفنّدته حكومة إسلام آباد مرارا، وقد أسقطت التهمة محكمة أمستردام العليا بعد ذلك.
بدأت المتاعب تلاحق أبا القنبلة النووية منذ عام 2003، حين استجوب هو وبعض علماء الذرة الباكستانيين في ديسمبر/كانون الأول 2003 من طرف الأمن الباكستاني بشأن احتمال وجود علاقة بين البرنامجين النوويين في باكستان وإيران، وتسريب أسرار نووية إلى دول مثل ليبيا وكوريا الشمالية.
مع الضغوط الخارجية ومطالبة الولايات المتحدة باستجوابه، واستمرار التحقيق بشأن الاتهامات الموجهة له، ظهر العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان في الرابع من فبراير/شباط 2004 على شاشات التلفزيون ليعترف بتسريب أسرار نووية إلى دول أخرى نافيا أي مسؤولية عن حكومة بلاده، وقد أعلن مجلس الوزراء الباكستاني لاحقا العفو عن عبد القدير خان في ظل التضامن الشعبي الكبير مع من يُنظر إليه محليا على أنه بطل قومي.
وقبل أيام أُعلنت إصابته بفيروس كورونا ودخل المستشفى إثر ذلك، ومع تحسن حالته الصحية نُقل إلى منزله، لكن حالته تدهورت فجأة الليلة الماضية، وتوفي في أحد مستشفيات العاصمة إسلام آباد.
يشار أن عبد القدير خان نشر نحو 150 بحثا علميا في مجلات علمية عالمية، كما نشر في عام 1981 كتاب “القنبلة الإسلامية” بالإنجليزية.