من يتعلم مِن مَن: ملالي طهران أم ضباع سوريا؟
ربما لايعادل توحش السجون الإيرانية سوى التوحش في السجون السورية، وكليهما، يتكئان على اديولوجيا “الحق المطلق”، و”اليقين المطلق”، في سوريا يأتي اليقين من وهم القوة الكلية.. القوة المطلقة وقد منحت حافظ الأسد لقب “الرئيس الخالد” وورثها الابن دون نسيان أنه لم يرث من أبيه سوى الحماقة، أما الحنكة فقد تركها لمستشاريه من نساء القصر، زوجة، ومستشارتين، مضافًا لمجموعة من المتوحشين القادمين من متاهات التاريخ في سجونه المظلمة.
الصور انتشرت على نطاق واسع مؤخرًا، كان الفيديو الأكثر شناعة، وقد تسرب من سجن “إيفين” شمال العاصمة الإيرانية طهران، السجن الرهيب الذي يعيشه عشرات الآلاف من السجناء السياسيين والجنائيين الإيرانيين كواحد من مئات المعتقلات في البلاد.
صور سجن “إيفين”، أكدت ما سبق أن أوردته آلاف الشهادات التي قدمها السجناء السابقون عما يجري داخل ذلك السجن، في ممارسات تقول منظمات حقوق الإنسان إنها تشمل التعذيب والإهانة والتجويع والعزل وسوء الرعاية وتحطيم الكرامة الآدمية.
الصور أثارت استياء واسعا.
السُلطات الإيرانية لاتقدم أية معطيات واضحة حول أحوال السجون في البلاد، ولا تسمح بأية رقابة أو زيارات لمنظمات حقوق الإنسان العالمية إلى سجونها، كما لا تعترف بآلاف الشهادات الموثقة التي رواها سجناء سياسيون إيرانيون سابقون، طوال 40 عاما ماضية.
ـ تمامًا كما الحال في سوريا.. استنساخًا الأول عن الثاني.
وزارة الداخلية الإيرانية تقول إنها تشترك مع وزارة العدل في الإشراف على 253 سجناً داخل البلاد، لكن مركز المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران، وهو منظمة محظورة في إيران شاركت في تأسيسها الناشطة الحقوقية الشهيرة شيرين عبادي، يُقدم قائمة مراكز اعتقال غير معلنة.
ـ غير معلنة؟
ـ نعم.
وغير المعلنة تلك، تضم 223 سجناً ومركز اعتقال آخر غير معلن عنه في مختلف مناطق البلاد، وبالذات في المُدن الثلاث الكُبرى، وفي المنطقتين ذات الأغلبية العربية والكردية، حيث يتم احتجاز الآلاف من السجناء السياسيين بطريق غير رسمية.
كشفت انتهاكات بحق السجناء.
المنظمات الحقوقية الإيرانية في الخارج تفيدنا ، بأن ثمة 240 ألف سجين في البلاد، يشكلون 0.3 بالمئة من مجموع سكان البلاد.
قد يكون سجن “إيفين” الذي سُربت عنه الصور الأخيرة، لتحوله إلى مركز لاحتجاز و”ترهيب” السجناء السياسيين في العاصمة طهران، هو الأشهر، إلا أنه ثمة العديد من السجون الإيرانية الأخرى، المرتبطة في المخيلة العامة لدى الأوساط الشعبية والسياسية الإيرانية بالرُعب.
يأتي سجن (قرجك) على رأس تلك السجون، الواقع بدوره في قلب العاصمة طهران والذي يُعتبر النظير لسجن “إيفين”، لكنه سجن خاص بالنساء.
وثمة شهادات وثقتها المحتجزات في ذلك السجن، لا سيما اللواتي جرى حبسهن لأسباب سياسية، حيث يتم ابتزازهن والتحرش بهن جنسياً، كما تقول الناشطة في مجال حقوق الإنسان مريم شفيبور “أكثر ما يثير الرُعب في ذلك السجن هو الاعتداء الجنسي. شخصياً، حينما كُنت مُعتقلة خلال العام 2014، هددني المحقق بقول واضح (أنت امرأة، يمكنني أن أبقيك هنا وأفعل ما أريد معك)”.
سيكون للحرس الثوري سجونه أيضًا، فهناك سجن حشمتية، الموجود داخل قاعدة للحرس الثوري الإيراني شمال شرق العاصمة طهران، وهذا السجن المعروف كمركز أبدي لقيادات المعارضة الإيرانية، بمن فيهم مرشح الانتخابات الرئاسية مير حسين موسوي ومهدي كروبي، مع عائلاتهم. أما سجن حشمتية يُعتبر عالماً مجهولاً تماماً، إذ تُمنع الزيارات إليه، ومديروه وسجانوه غير معروفين أبداً.
إلى جانبهما، يُعرف سجن جوهارشت بالقُرب من مدينة كرج الإيرانية على أنه أقسى السجون الإيرانية على الاطلاق، وهو مركز لاعتقال المعارضين السياسيين المُسلحين، من الأكراد والبلوش ومُسلحي حركة “مجاهدي خلق” الإيرانية المعارضة.
الشهادات الحقوقية كانت تقول إنه يُمارس كُل أنواع التعذيب داخل ذلك السجن، بما في ذلك اغتصاب الذكور وتجويعهم حتى الموت، كما أن المحققين داخله يستلهمون أدوات استجواب من الحقبة النازية في ألمانيا.
محطة سكاي نيوز، كانت قد نقلت عن الناشط الحقوقي الإيراني محقوق دمجرآي، وصفًا لآليات استخدام النظام الإيراني لمنظومة السجون في البلاد “السجون هي العالم الحقيقي الذي تتعامل به السلطات الإيرانية مع معارضها. فمئات الآلاف من السجناء الجنائيين هُم في المحصلة ضحايا هذا النظام، من فساد وإفقار وتهميش للحقوق الطبيعية للمواطنين الإيرانيين. “
وأضاف أن “السجناء السياسيين، بمن فيهم من رفع السلاح ضد السُلطة الحاكمة، إنما هُم النتيجة الطبيعة لانغلاق أفق أي شكل للحُرية واحترام آدمية البشر في هذا البلد، وما يُمارس ضدهم في السجون هو لكسر إرادة المُجتمع الإيراني بكامل، وليس السجناء فحسب”.
كان السؤال على الدوام:
ـ من نهل من مدرسة الآخر:
ـ ملالي إيران، أم ضباع سوريا؟
والسؤال الثاني:
ـ أي من النظامين كان الأكثر محاكاة للنازية؟
ومع كل سؤال يأتي السؤال الأخير، وهو السؤال الذي يطرح على منظمات تمثل الأذرع الايرانية كما حال حزب الله اللبناني:
ـ ترى لو أحكم مثل هذا الحزب قبضته على لبنان، كم سجنًا من مثل سجن أيفين سيشيد فوق الأراضي اللبنانية؟