موسكو تعلن السيطرة على شرق أوكرانيا.. هل بدأت المرحلة الثالثة من الحرب؟
مرصد مينا
أعلنت روسيا سيطرتها على مناطق شرقي أوكرانيا وتحقيق اتصال بري مع شبه جزيرة القرم، حيث أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، الثلاثاء، سيطرة قوات بلاده بالكامل على الأحياء السكنية بمدينة سيفيرودونيتسك.
وأضاف أن بلاده ترسل المزيد من القوات بهدف السيطرة على المدينة بأكملها، مؤكدا أن القوات الروسية عززت مواقعها وصمدت على خط المواجهة.
شويغو أوضح أنه تم فتح الاتصالات البرية من أراضي روسيا على طول البر الرئيسي إلى شبه جزيرة القرم وأنه تمت أيضا تهيئة الظروف اللازمة لاستئناف حركة القطارات بين روسيا ودونباس وأوكرانيا وشبه جزيرة القرم في 6 أجزاء من خطوط السكك الحديدية، فيما بدأ بالفعل إيصال الشحنات إلى ماريوبول وبيرديانسك وخيرسون، وبهذا تكون موسكو قد أكمل المرحلة الثانية من الحرب والتي أعلنت عنها أواخر مارس الماضي، حينما أكدت سعيها لتركيز مجهودها الحربي على “تحرير دونباس”، بعيد فكها الحصار على أطراف العاصمة الأوكرانية كييف، وتكثيف جهودها العملياتية الميدانية في مناطق شرق وجنوب أوكرانيا مثل ماريوبول وخيرسون ، لتبقى الأسئلة المفتوحة ماذا ستفعل أوكرانية ومن خلفها دول حلف شمال الأطلسي ردا على الإعلان الروسي.
مهند العزاوي الخبير العسكري والاستراتيجي يقول: “المتابع للتحركات الروسية العسكرية مؤخرا، يدرك أن موسكو حددت أهدافها بدقة بعد أن كانت فضفاضة وواسعة في بداية الحرب، وقلصت بذلك من رهاناتها متبعة مبدأ قضم مسرح العمليات، وهو ما يعتمد على مسوغات وحسابات استراتيجية، قوامها أن الهلال الشرقي الذي أكملت روسيا السيطرة عليه بعد إحكام قبضتها على مدينة سيفيرودونيتسك، يعطيها قاعدة إمداد وإسناد لوجستي متطورة وراسخة، بعد أن كانت قاعدتها اللوجستية والخلفية مبعثرة ومشتتة عندما وسع الجيش الروسي نطاق الحرب نحو مدن خاركيف وسومي وكييف”.
العزاوي يضيف بحسب سكاي نيوز عربية أن الروس بعد إعادتهم رسم الجبهات والأولويات: “تمكنوا من إحرار نجاحات عسكرية واضحة ومهمة جدا، عبر سيطرتهم الآن بشكل كامل على إقليم دونباس وربطهم الطريق البري منه مباشرة مع شبه جزيرة القرم، وبذلك تم انجاز المرحلة الثانية من العملية العسكرية”.
ويشير إلى أنه في المرحلة الثالثة: “التي ستتلو السيطرة على دونباس ربما تشكل الضربات الأخيرة على محيط العاصمة الأوكرانية كييف، جس نبض ومحاولة لتحييد كييف عبر ترهيبها والتلويح بها بالعصا، مع استكمال عملية السيطرة على الشريط البحري الأوكراني للتفاوض عليه لاحقا، عبر السيطرة خصوصا على مدينتي أوديسا وميكولايف”.
وبذلك ستسعى روسيا، كما يشرح الخبير العسكري: “لكسب التنازل الأوكراني رسميا عن بعض الأراضي لصالحها، ولتوسيع رئتها البحرية في منطقة البحر الأسود وتاليا في المياه الدافئة، وتكون قد نجحت بذلك في إبعاد شبح وجود الناتو على حدودها مع أوكرانيا”.
أما عن رد الفعل الغربي والأوكراني المتوقع على الإعلان الروسي، يقول جمال آريز الباحث والكاتب السياسي بحسب المصدر نفسه:”غالبا سترفض كييف الرضوخ للأمر الواقع الروسي في شرق وجنوب أراضيها، لكن من المستبعد نظرا لعدم التكافؤ في ميزان القوى العسكري أن يكون بمقدورها استعادة تلك الأراضي من قبضة الروس، لكنها قد تعمد لاستهداف القواعد والمقرات العسكرية الروسية فيها بالقصف، وهو ما سيقود لرد روسي مماثل وهكذا فمن المرجح أن نشهد تصاعدا للحرب خلال المرحلة القادمة”.
وبالنسبة للدول الغربية، يقول آريز : “قد ترفع من وتيرة تقديم الأسلحة لكييف، لكن دون أن تتورط مباشرة في دخول الحرب، كما وأن نجاح الروس في السيطرة على مناطق شرق وجنوب أوكرانيا، قد يدفع بعض الدول الغربية الأقل تشددا في التعاطي مع روسيا مثل فرنسا مثلا، لطرح مبادرات تفاوضية بين موسكو وكييف للتوصل لصيغ ما تنهي الحرب عبر تقديم تنازلات متبادلة، وهو ما قد يفضي لتنازل كييف عن مناطق مثل دونباس وغيرها، مقابل أن تنسحب موسكو مثلا من مناطق جنوبية وعلى الشريط البحري”.
واستدرك: “لكن يبقى السيناريو القاتم هو أن يتعنت الطرفان ويواصلان معركة كسر العظم للنهاية، والتي ستكون نتائجها دموية وكارثية كما هو معلوم، والتي تطال العالم بأسره بتبعاتها السلبية المدمرة على أمنه واستقراره وخبزه ومصادر طاقته”.