fbpx

نذر كارثة إنسانية في الأحواز جراء الفيضانات.. والحرس الثوري يمنع وصول المساعدات الدولية للمنكوبين

دخلت أزمة الفيضانات في إقليم الأحواز، أسبوعها الثالث في ظل تشرد مئات الآف من الأحوازيين من مناطق سكناهم، الأمر الذي ينذر بوقوع كارثة إنسانية إذ استمرت الأوضاع على ما هي الآن.

بدأ الفيضانات قبل ثلاثة أسابيع حينما هطلت أمطار غزيرة لم يشهدها الإقليم منذ 50 عاماً ومع ارتفاع كميات المياه المخزنة خلف السدود، فتحت السلطات الإيرانية السدود دون سابق أنذار، مما أدى إلى ارتفاع منسوب المياه وإغراق مئات القرى ومئات الآف من الأرضي الزراعية في شمال وغرب الأحواز.

وقد برر المسؤولون الإيرانيون هذا الإجراء –فتح السدود-بأنه جاء لتفادي خطر انهيار السدود ووقوع كارثة إنسانية وبيئية مروعة لكن في المقابل يرى الأحوازيون أن تبريرات المسؤولين الإيرانيين غير مقنعة وأن اتساع رقعة الفيضانات جاء نتيجة مخطط مسبق يهدف إلى تدمير القرى الأحوازية وتشريد سكانها العرب وبالتالي تغيير التركيبة الديمغرافية في الإقليم. ويستند الأحوازيون في قولهم هذا إلى تحذيرات ومناشدات سابقة قد أطلقوها، حيث دعوا فيها السلطات الإيرانية إلى فتح السدود في فترة الجفاف على مدار السنوات الماضية وكان آخرها الصيف الماضي لكن جميع هذه المناشدات لم تجد آذاناً صاغية لدى الإيرانيين.

دمار هائل وخسائر مادية كبيرة

كشف كيامرث حاجي زاده مدير إدارة الأزمات في إقليم الأحواز ، في مؤتمر صحفي يوم 9 أبريل ، أن حجم الخسائر المادية حتى تلك اللحظة قد بلغ 40 ألف مليار ريال أي ما يعادل 952 مليون دولار. شملت الخسائر قطاعات مختلفة مثل الزراعة و السكن و البنية التحتية والطرق والمدارس ومحطات الكهرباء ومنشآت صناعية وتجارية. في السياق ذاته قال مدير دائرة الزراعة في إقليم الأحواز كيخسرو تشنغلوایی، إن خسائر قطاع الزراعة وحده فاقت 20 ألف مليار ريال أي ما يعادل أكثر من 476 مليون دولار حتى يوم 9 أبريل . وأضاف أن 170 ألف هكتار من الأراضي الزراعية –المزروعة بالقمح والشعير والشمندر والمحاصيل الصيفية-قد غمرتها المياه وتلفت كل محاصيلها .وكشف أن 30 ألف هكتار من البساتين و1200 هكتار من أحواض تربية الأسماك قد دمرت نتيجة الفيضانات. وتابع أن نحو 2500 رأس من أنواع المواشي قد نفقت جراء كارثة السيول.

وفيما يتعلق بحجم الدمار الذي لحق بالقرى وضواحي بعض المدن المنكوبة فقد كشف مدير إدارة الأزمات في الإقليم كيامرث حاجي زادة عن إحصائيات مرعبة، إذ كشف عن تقارير رسمية، أظهرت أن 270 قرية على ضفاف أنهر الدجيل (كارون) والكرخة والدز قد دمرت  وأن نحو 57 ألف و700 منزل قد تضررت بشكل شبه كامل.

فيما يخص أعداد النازحين والمشردين لاتوجد إحصائيات رسمية حتى هذه اللحظة، لكن سبق وأن قالت السلطات الإيرانية إن الفيضانات تسببت في تشريد قرابة 400 ألف من سكان حوض نهر الكرخة وحده وهو أحد ثلاثة أنهر الأحواز التي فاضت مياهها وهناك تقارير أخرى تتحدث عن نزوح 500 ألف في قرى الواقعة على ضفاف الكرخة في منطقة جغرافية تبدأ من جنوب مدينة سوس حتى مدينة الحميدية غرب مدينة الأحواز العاصمة.

إهمال متعمد من قبل الحكومة الإيرانية

رغم مرور ثلاثة أسابيع من أزمة الفيضانات، إلا أن طريقة تعامل النظام الإيراني ومؤسساته في الأحواز مع هذه الكارثة لم تكن مسؤولة، بل أظهرت إهمال دوائر ومؤسسات النظام عن تلبية احتياجات المنكوبين الأساسية، فضلا عن تقاعسها المتعمد في مواجهة السيول وعدم اكتراثها لتبعات الإنسانية والبيئية المدمرة جراء هذه الكارثة.

ويعتقد الأحوازيون أن طريقة إدارة أزمة السيول من قبل النظام الإيراني ومؤسساته، كشفت النوايا الحقيقية والأهداف التي يطمح ساسة هذا النظام تحقيقها على الأرض الواقع في الأحواز والتي تتمثل في تشريد وتهجير الأحوازيين  من مناطق سكناهم قسراً تحت غطاء الكوارث الطبيعية.

وتعزز اعتقاد الأحوازيين بهذا الأمر، عندما منع الحرس الثوري في الأيام الأولى من حدوث الفيضانات، قوافل المساعدات الإنسانية التي جمعها الأحوازيون من جميع المدن والقرى لمنحها إلى المناطق المنكوبة، منعها من الوصول واعتقل عدداً من القائمين عليها. ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية واتساع رقعة الفيضانات يوماً بعد يوم لم يجد الحرس الثوري ومؤسسات النظام أمامهم سوى السماح للمساعدات الإنسانية التي يجمعها الأحوازيون بالوصول إلى المناطق المنكوبة. وتحدثت تقارير عن وضع الإيرانيون شروطاً على الدول والمؤسسات المانحة للمساعدات الإنسانية، إذ يجب أن تقدم هذه الجهات كل المواد الإغاثية عبر جسر جوي إلى مدينة طهران وليس الأحواز الأمر الذي أدى إلى عزوف العديد من هذه الجهات عن تقديم المساعدات.

مايحدث في الأحواز، هل هو صراع عسكري أم كارثة إنسانية؟!

اللافت فيما يحصل منذ بدء أزمة الفيضانات في الأحواز، هو غياب الوزراء والمسؤولين الخدميين والمدنيين من مشهد الأحداث وتربع قادة الحرس الثوري على مسرح الفيضانات. ما عدا وزيري الداخلية والدفاع وقائد عمليات الجيش الإيراني-هم أيضا عسكريون- كل الذين زاروا الإقليم طوال الأسبوعين الماضيين هم قادة ومسؤولو الحرس الثوري. إذ بدأ الأمر مع زيارة اللواء محمد علي جعفري القائد العام للحرس الثوري ثم اللواء محمد باقري رئيس هيئة الأركان القوات المسلحة الإيرانية وتلاه العميد حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري ثم العميد قاسم سليماني قائد فيلق القدس بعد ذلك العميد غلامحسين غيب برور القائد العام لمليشيا البسيج وأيضا العميد محمد باكبور قائد القوات البرية في الحرس الثوري والعميد أحمد خادم سيد الشهداء قائد عمليات كربلاء في الحرس الثوري كانوا أخر الزائرين إلى الأحواز.

ويتساءل الأحوازيون عن أسباب مجيءكل هؤلاء العسكريين إلى الأحواز بدل وزراء ومسؤولين في الشؤون الخدمية والمدنية وكأن هناك صراع عسكري يدور على الأرض الأحواز وليست كارثة إنسانية وبيئية. ويفسر الخبراء والناشطون الأحوازيون ما يحدث من زيارات متلاحقة لقادة الحرس الثوري إلى الأحواز بأن ذلك يأتي في إطار تعاظم دور الحرس الثوري في إدارة البلاد بالأخص في مناطق الشعوب غير الفارسية وعلى رأسها إقليم الأحواز نظراً لموقعه الجيوإستراتيجي وأهميته الاقتصادية والحيوية بالنسبة لدولة والنظام في إيران. وثمة هاجس آخر يؤرق مسؤولي النظام وقادة الحرس الثوري وهو الملف الأمني في الأحواز الذي غالباً ما يتصدر المشهد السياسي والأمني على مستوى إيران.

ويخشى النظام والحرس الثوري من انفلات الأوضاع الأمنية في الأحواز وخروجها عن السيطرة خاصة وأن هناك قد تشكلت حاضنة شعبية، تستطيع استيعاب وتوفير الحماية لثوار ومناهضي الوجود الإيراني في الأحواز نتيجة تصاعد الوعي القومي لدى الأحوازيين بعد الانتفاضة النيسانية في عام 2005.

ويمكن لمس ذلك في عملية استهداف العرض العسكري للقوات المسلحة الإيرانية في 22 سبتمبر 2018 التي أسفرت عن مقتل 25 ضابطاً وجندياً من الحرس الثوري والجيش الإيراني. فقد شنت استخبارات الحرس الثوري ووزراة المخابرات والأمن الإيرانية، حملات اعتقال عشوائية عقب العملية أدت إلى اعتقال أكثر من 1000 شخص بينهم نساء في عموم مدن الأحواز.

تصاعد الاستياء والغضب شعبي

تظاهر مئات الأحوازيين يوم الجمعة 12 سبتمبر في أنحاء متفرقة من مدينة الأحواز العاصمة المحاصرة  من السيول من ثلاث جهات، الشمال والغرب والشرق. فقد رفع المحتجون هتافات تنادي بالحرية والكرامة والاستقلال للأحواز في الأحياء الغربية من المدينة وهي: الثورة والعين ومندلي والملاشية وصياحي والزهيرية والجهاد. ردت السلطات الإيرانية على الاحتجاجات الشعبية، بحملة اعتقالات ومداهمات عشوائية في هذه الأحياء، حيث اعتقلت استخبارات الحرس الثوري أكثر من 25 ناشطاً في أحياء الثورة والملاشية غربي الأحواز العاصمة بتهمة نشر أخبار مضللة والدعاية ضد الدولة والنظام الإيرانيين. ومع اتساع كارثة السيول، يتصاعد الغضب والاستياء الأحوازي مما يضع الأحواز على صفيح ساخن من المرجح أن تشهد فيه الأوضاع الأمنية تطورات مفاجئة، من المؤكد لن تكون في صالح النظام الإيراني.

[smartslider3 slider=15]

مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي

حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى