نعم .. صامدون
يصرخ شاب من استوديو برنامج حواري بما معناه:
ـ صامدون؟ جوعى وبلا دواء ولا كهرباء، ومالنا منهوب وشبابنا ياكلهم البحر.. وصامدون؟
كلام يكشف الغطاء عن مصطلح:
ـ صمود.
وما الذي يعنيه الصمود.
صمدت العراق تحت حكم صدام حسين سنوات وهي في العزلة الدولية، والحصار الدولي، ويضاف من الحصار سجون صدام حسين واحكام إعدامه التي لاتتطلب محكمة ولا محامي دفاع ولا نائب عام، وهاهي سوريا تصمد اليوم وناسها تحت خط المجاعة فيما المتنفذون فيها وفاسدوها يستولون على النعمة والنقمة تاركين النعمة لناسهم “الصامدين”.
حال لبنان مع حزب الله، كما حال الشعبين العراقي فيما سبق والسوري في كل ازمنته الخاضعة لحكم آل الأسد.
أية صدفة تجعل “دول الصمود” دول مجاعة وفاقة وسجون واإرهاب وخوف من الحائط أو ظل الحائط، وماهي الانتصارات التي حققتها دول كهذه في مواجهة “الامبريالية”، ودول الحصار؟
أن تستبدل “الحياة” بالصمود فهذا يستدعي السؤال:
ـ هل الصمود يعني موت الحياة؟
لنتساءل بطريقة أخرى:
ـ أليست إسرائيل صامدة بممواجهة قطيعة عربية وحروب عربية لعقود وعقود؟
ليست صامدة فحسب، بل منتصرِة على من يحاصرها، ولو عددنا حروبها التي خاضتها فليس من بينها حرب واحد هزمت فيها جيوشها، اما لو استطلعنا حياة ناسها فلا فقر، ولا شلل في في الحياة، أما منتجاتها الزراعية فتغزو أسواق العالم، فيما التكنولوجيا الإسرائيلية تفتح أسواقها بدءًا من تكنولوجيا السلاح.
على الطرف الاول “صامدون”، ومع صامدون إياها ما من برلمان يقاضي حكومة، ولا من فاسد يسأل عن فساده، أو مال عام يعرف كيف وأين ينفق، وما من سجين يُسأل عن مصيره، وما من قتيل تحت التعذيب ينال قاتله عقوبة “توبيخ” حتى “توبيخ”، أما على الضفة الاخرى فثة رؤوساء وزارات سجنوا لتقبلهم “هدية”، أما الفساد فلابد أنه بمواجهة المحاكمات والبرلمان، ولم نسمع من الإعلام الإسرائيلي ولو مرة واحدة مفردة:
ـ صمود.
“صمود” باتت تعني في مدلولاتها:
الفقر، النهب المبرمج، دولة الفساد، إهدار حقوق الإنسان، التخلف الاقتصادي وانغلاق بوابة أي تطور سواء في التكنوولوجيا أو الطبابة أو منظومة القضاء والتعليم.
هذا مارسى عليه مصطلح “صمود” حتى باتت شعوب هذه الدول تحن إلى مصطلح “المهزوم” فإذا كان للمهزوم حصانة قانونية، وعيشاً مرفهًا، وتكنولوجيا متطورة، وخياره فيمن يحتار من حكّامه فـ :
ـ يامرحبا بمصطلح مهزوم.
شعوب باتت تحن “للهزيمة” وترتعب من مصطلح “صمود” وربما لبنان هو واحد من أكثر هذه الدول حنينًا للهزيمة إذا كان الصمود يعني نهب مدخراته، وهيمنة سلاح الميليشيا على ناسه، وهدر حق إنسانه في العيش.
شعوب باتت تبحث عن “المهزوم” مادام “الصامد” يعني إماتتها.