fbpx
أخر الأخبار

جدل في سوريا حول إصدار عملة جديدة.. حل اقتصادي أم مجازفة؟

مرصد مينا

عاد الجدل مجدداً في الأوساط السورية خلال الأيام الأخيرة بشأن إمكانية إصدار عملة نقدية جديدة، في ظل محاولات الحكومة الجديدة البحث عن حلول للأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعاني منها البلد منذ أكثر من 14 عاماً بسبب الحرب المدمرة التي شنها النظام المخلوع ضد معارضيه.

ورغم أن فكرة إصدار عملات جديدة تتكرر من حين لآخر، إلا أن الحكومة الجديدة لم تتخذ بعد قراراً نهائياً بهذا الشأن، فيما يرى بعض الاقتصاديين أن توقيت هذه الخطوة قد يكون “ملائماً”، بينما يحذر آخرون من أن إصدار عملات جديدة دون إجراء إصلاحات اقتصادية حقيقية قد يزيد الأوضاع سوءاً.

تضخم متسارع ومؤشرات مقلقة

الخبير الاقتصادي السوري شادي أحمد أوضح أن طباعة وإصدار أوراق نقدية جديدة أمر طبيعي في اقتصادات الدول، لكنه مشروط بمعايير دقيقة تتعلق بحركة الاقتصاد والتضخم وتغطية الإصدار النقدي من احتياطات الذهب والعملات الأجنبية.

وقال في تصريحات صحافية اليوم الثلاثاء، إن “عدم توفر هذه المعايير في سوريا، وغياب مؤشرات للنشاط الاقتصادي، قد يؤدي إلى تضخم نقدي متسارع”.

كما أشار إلى أن العديد من المصانع خفّضت إنتاجها بسبب دخول بضائع أجنبية إلى الأسواق السورية، بعضها مهرّب وبعضها الآخر يدخل دون جمارك، ما يجعلها منافساً قوياً للمنتج المحلي.

ونوه إلى أن النشاط السياحي شبه غائب، والزراعي يعاني من شح الأمطار ونقص المواد الأولية، مؤكداً أن هذه العوامل تشير إلى انكماش اقتصادي وليس توسعاً، وبالتالي فإن طباعة عملة جديدة في هذا السياق قد تؤدي إلى زيادة عرض النقد دون دعم اقتصادي فعلي.

من روسيا إلى النمسا؟

وأوضح شادي أحمد أن طباعة العملة السورية كانت تتم سابقاً في روسيا، لكن التسريبات تشير إلى احتمال أن تنتقل هذه المهمة إلى النمسا، دون تأكيد رسمي حتى الآن.

وأضاف أن “إصدار عملات جديدة ليس حلاً اقتصادياً بحد ذاته، بل يجب أن يأتي كنتيجة لتوسع اقتصادي حقيقي، وليس بديلاً عنه”.

أزمة رواتب وهيكل العملة

من جهته، اعتبر الباحث الاقتصادي السوري عمار يوسف أن الحديث عن إصدار عملة جديدة يتكرر منذ سنوات، لكنه “ليس قراراً بسيطاً”، خاصة في ظل هشاشة الوضع الاقتصادي في البلاد، حيث يتراوح متوسط الرواتب الحكومية بين 30 و60 دولاراً، وهو مبلغ لا يكفي لتأمين الاحتياجات الأساسية للمواطن.

وأشار يوسف إلى أن من الأسئلة المطروحة في حال تم إصدار عملة جديدة: هل سيتم حذف صفر أو صفرين من قيمة العملة؟ وما هو حجم الغطاء النقدي من الذهب والعملات الأجنبية؟ كما تساءل عن إمكانية تغيير تصميم العملة واستبدال الرموز القديمة المرتبطة بالعهد السابق.

ورأى أن هناك إمكانية لطبع عملة جديدة دون زيادة الكتلة النقدية، بل عبر سحب الكمية الحالية التالفة والمهترئة من السوق، واستبدالها بنقود جديدة ذات جودة أفضل.

وأضاف: “العملة الحالية سيئة تقنياً وتتلف بسرعة، لذلك فإن إصدار جديد قد يكون له بعد تقني فقط، وليس اقتصادياً”.

الحكومة لم تحسم موقفها

ورغم تجدد الحديث حول إصدار العملة بعد سقوط نظام بشار الأسد، لم تُصدر الحكومة الجديدة أي إعلان رسمي عن اتخاذ قرار في هذا الاتجاه حتى الآن.

يأتي هذا في وقت تشهد فيه الليرة السورية نوعاً من الاستقرار في سعر الصرف، لكن دون تحسن حقيقي في مؤشرات الاقتصاد الكلي، إذ لا تزال البلاد غارقة في أزمات معيشية خانقة.

وبينما يبدو أن الاستقرار النقدي هو أحد أهداف الحكومة الجديدة، فإن أي خطوة نحو إصدار عملة جديدة دون إصلاحات اقتصادية شاملة قد تكون محفوفة بالمخاطر، بحسب معظم خبراء الاقتصاد في الداخل والخارج.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى