هتلريون بلا شوارب هتلر

نبيل الملحم
لم تعد الفاشية بحاجة لشارب هتلري أو ذراع تؤدي التحية النازية، كل ما تحتاجه اليوم هو شيخ “مستفيض اللحية”، أو حاخام “منتفخ الحنجرة”، أو قسّ “مشحون بآيات القيامة”، يملك منبرًا، ميكروفونًا، وربما قناة فضائية تقول لك:
“أنا فقط أتكلم باسم الله… والباقي؟ مارقون يستحقون الشواء على نار جهنم، أو على الأقل التهميش في الحياة العامة”.
دعونا نرسم اللوحة بتفاصيلها:
داعش: كاريكاتير الخلافة، شخصياتهم تبدو كأنها خرجت من حلقة سيئة من “صراع العروش”، لكن دون مؤثرات بصرية. يرتدون السواد، يمشون ببطء كما لو أن التاريخ بأكمله ينتظرهم ليبدأ، ويرددون عبارات كـ”عُدنا يا زمن النحر”، مع لفتة مسرحية نحو الكاميرا، وسيف يشبه ألعاب الأطفال لكنه يقطع الرقاب حرفيًا.
طالبان: مدرسة الأشباح، تخيل منظومة حكم تعتبر صوت المرأة فتنة، وضحكتها رجسًا، وكتاب الرياضيات مصدرًا للانحراف. الزي الرسمي؟ عمامة، لحية، وعين نصف مفتوحة دائمًا، كأن صاحبها يشك في ضميرك حتى أثناء نومك. أما وزاراتهم؟ واحدة للتشدد، وأخرى للقمع، و”قسم خاص بمحو الموسيقى من الذاكرة القومية”.
الصهيونية الدينية: الربّ يوزّع العقارات، والصورة هنا لشيخ مستوطن بقبعة سوداء، يحمل لفائف توراة في يد، وفي الأخرى مفاتيح بيت فلسطيني يقول: “هذا بيتي منذ 3000 عام، اشتريته مباشرة من النبي داوود”.
كل جندي يطلق النار على المدنيين يُبارَك بآية، وكل مستوطنة جديدة يُقال عنها: “وصية من موسى”. والربّ؟ مجنّد احتياط في جيش الدفاع.
الهندوسية القومية: البقرة أولًا، الإنسان لاحقًا، هنا رجل دين بعينين ملتهبتين، يضرب المسلم باليمين، ويعانق البقرة باليسار. يهتف: “الهند للهندوس!”، بينما يتحول معبد صغير إلى ساحة تدريب على كراهية الآخر. تشعر أن الهند التي أخرجت غاندي تحوّلت إلى ساحة تجريبية لمعتوه ديني، حيث الطوائف تركض، والهراوات تلاحقها.
الإنجيليون الجدد: يسوع يصوّت لترامب، والمشهد هنا أقرب لمسلسل أمريكي: قسّ يرتدي بدلة براقة، يلوّح بالإنجيل كأنه عقد بيع لأرض الميعاد، ويقسم أن الله اختار الرئيس بنفسه (ربما في استراحة الغداء). الجحيم في خطابهم يشبه وول ستريت مغلقًا ؟
المشترك؟ كوميديا سوداء بإخراج دموي، الفاشيون الدينيون يتشابهون كأنهم أبناء عمومة في عائلة بائسة.
ـ كلهم يحبون الزي الموحد (سواء كان جلبابًا، جبّة، أو زيًا عسكريًا).
ـ كلهم يكرهون الفرح، ويعتبرونه مؤامرة.
ـ كلهم يرفعون شعار: “افرح… لكن فقط عندما تموت”.
ـ كلهم يعادون السؤال، ويكرهون الضحك، ويعتبرون الموضة فتنة.
وكل منهم سيحثّك على الاعتقاد أنه وحده يفهم ما يريد الله.