هرقل لبنان
وقد انتهى لبنان وإسرائيل إلى الترسيم البحري، ما الذي ينتظر لبنان؟
ينتظره أن يغدو واحدًا من أعضاء “نادي غاز شرق المتوسط”، وقد يطول انتظاره ريثما يصل إلى مرحلة الاستخراج ومن ثم التصدير والاستفادة من موارد البحر، ليرفع عن نفسه انهياره في الاقتصاد وبؤس الخدمات وشؤون الحياة، ولكن:
ـ ما الذي اخرجه من مأزقه على هذا النحو بما فتح له طريق الترسيم؟
أول من فتح هذا الطريق كانت الحرب الروسية الاوكرانية والحاجة الدولية للغاز بما يعني مصائب قوم عند قوم فوائد.
وثانيها، أن الولايات المتحدة مارست كل االضغوطات على الجانب الإسرائيلي لتمرير الاتفاق.
وثالثها، أن العالم وخصوصًا أوروبا تبحث للبنان عن خلاص، فلهذا البلد آباءه ولم يكن يتيمًا ولا بيوم من الأيام.
واليوم، يستثمر حزب الله في الصفقة كما لو أنه اليد الضاغطة على التواقيع، وفي واقع الحال، فالإسرائيليون يعلمون تمام العلم أنها لو نشبت الحرب مابين إسرائيل وحزب الله فسيكون ظهر الحزب مكشوفًا، فليس من اللبنانيين بطوائقهم وزعاماتهم من سيحارب إلى جانب حزب الله، لا حبًا بإسرائيل، بل خوفًا من ارتدادات حرب كهذه ستقود لتدمير لبنان إذا ما انتصرت إسرائيل، فيما سيأخذ لبنان إلى احتلال إيراني فيما لو تحقق “نصر إلهي” لحزب الله، واللبنانيون لن يحتموا بالضباع إذا ما داهمتهم الخنازير.
لبنان اليوم على مفترق طرق، اولها أن فضاء فتح امامه، وهذا الفضاء يعني ثروة جديدة، وامام الثروة الوليدة هذه خيارات، فإما أن تتحول إلى ثروة منهوبة على يد ملوك الطوائف اللبنانيين الذين سبق ونهبوا المصارف والموارد ومدخرات الناس، وإما أن تحمى هذه الثروة وتكون للبنانيين كل اللبنانيين لا لفاسديهم الذين يلتهمون الاخضر واليابس ولاوسيلة لاشباعهم حتى ولو شربوا البحر ومعه “الغاز”.
مرحلة جديدة تقتضي ميثاقًا وطنيًا جديدًا يحمي الثروة الوافدة، ليقطع الطريق على الفلتان الامني المدفوع بجوع الناس، اكثر من ذلك، ليستعيد اللبنانيون بعض المنهوب من ناهبيهم، وإذا لم يحدث هذا فستتحول الثروة إلى نقمة، وهذا وارد بعد تجارب طويلة عبرها البلد وقد غرق ذات يوم بالسلاح.
اليوم انتهى اللبنانيون من ترسيم الحدود البحرية، وماعليهم فعله ما بعدها هو ترسيم الحدود البرية، أقله لمعرفة حال مزارع شبعا، فإذا كانت امتدادًا لسوريا، فعلى الحكومة السورية أن تشتغل بالديلوماسية أو بالسلاح لاستعادتها بما يجعل لبنان بغنى عن سلاح حزب الله، وإن كانت لبنانية فلتشتغل الدبلوماسية اللبنانية على استعادة ما لم يستعاد بالسلاح ليستعاد بالمفاوضات.
لبنان الحرب يعني لبنان الدمار، وبغير هذا فالخيار:
ـ تدمير المعبد على من فيه.
هل تحتاج الاوطان إلى هرقل لتدمير الاوطان؟