هل أزمات أردوغان نهايتها انتخابات مبكرة؟
“أزمة”؛ يبدو أنها الكلمة التي باتت الأكثر سماعاً في أذن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” خلال الأشهر الأخيرة، خاصةً مع حالة التمرد داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم التي قادها حلفاء وأركان حكم سابقين، مثلوا حتى وقت ليس بالبعيد؛ حجر الزاوية في حكم “أردوغان”، وما خلقته من حالة عدم استقرار في الحكومة.
تقارير صحافية، تناولت بدورها الوضع القائم حالياً في الساحة التركية، مشيرةً إلى أن حالات الانشقاق داخل الحزب ساهمت بتقوية الجبهة المعارضة، خاصة مع توجه المنشقين من صقور حزب “أردوغان” السابقين إلى تأسيس أحزاب جديدة تنوي دخول الانتخابات القادمة بمواجهة حزب الرئيس، وتحديداً رئيس الحكومة السابق “أحمد داوود أوعلو” ونائبه السابق “علي باباجان”.
خيارات تتجه يميناً
حالات التصدع التي أصابت الحزب الحاكم ستدفع بحسب المحللين الأتراك؛ الرئيس “أردوغان” إلى البحث عن خيارات بديلة أمام التوقعات بخسارة الحزب أغلبيته البرلمانية، ما يهدد بقاءه على رأس السلطة، محددين تلك الخيارات بتوجه العدالة والتنمية أكثر باتجاه التحالف مع الأحزاب القومية ذات التوجه اليمنية لتعويض المقاعد التي قد يفقدها الحزب.
كما أشار المحللون إلى أن تصاعد التوتر السياسي بين الحلفاء السابقين، قد يدعم فرضية إجراء انتخابات مبكرة، خاصة في حال نجح كل من “أوغلو” و”باباجان” باستقطاب أعضاء جدد من الحزب الحاكم باتجاه أحزابهم الوليدة؛ خاصةً مع تنامي معارضة سياسات “أردوغان”، الأمر الذي يزيد من احتمالية أن يبحث الرئيس التركي عن تحالفات جديدة.
إلى جانب ذلك، تتصاعد احتماليات أن تتجه خيارات أردوغان باتجاه الأحزاب القومية اليمينية؛ وفقاً للمحللين بعد تراجع أردوغان بضغطٍ من زعيم حزب الحركة القومية “دولت بهجلي” عن التعديلات الحكومية التي كان ينوي إجراءها لمواجهة الأزمة الحكومية الحاصلة.
كما تذهب التقارير الصحافية التي تناولت وضع “أردوغان” السياسي إلى الخسارة المدوية التي لحقت بالعدالة والتنمية خلال الانتخابات البلدية الماضية، والتي فقد فيها حكم الكثير من البلديات، معتبرةً أنها مؤشر جديد على حجم المنافسة التي ستشهدها الانتخابات البرلمانية القادمة.
الضفة المقابلة
أزمات الحكم في تركيا، لم تقتصر فقط على حالة النزاع الداخلي والتصدع بين حلفاء الأمس، وإنما تكمن أيضاً وفقاً للمحللين باستعدادات الأحزاب المعارضة لخوض الانتخابات النيابية القادمة بشكل أكثر انسجاماً من ذي قبل، خاصةً عندما يتم الحديث عن حزب الشعب الجمهوري المعارض العلماني، الذي يرى أن إجراء الانتخابات المبكرة بات واقع لا مفرّ منه.
كما تزداد الضغوطات على الحزب الحاكم، مع حالة الاستقرار التي تخيم على معسكر المعارضة، الذي يبدو أنه يحاول مواجهة انشقاقات قادة العدالة والتنمية بإعادة ضبط صفوفه وحل الخلافات بين أعضائه.
لا سيما مع موافقة مجلس حزب الشعب الجمهوري على السماح بعودة بعض الأعضاء السابقين المعروفين بمن فيهم “إيلين نازلياكا”، التي طُردت في عام 2016 بسبب إزالة صورة لمؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك.
الجيش وقبضة قد تصدأ
على الرغم من حالات التصفية التي شهدها الجيش التركي خلال السنوات الماضية، وإقالة مئات الضباط بذريعة الانتماء إلى التنظيم الموازي؛ خاصةً بعد الانقلاب الفاشل الذي شهدته تركيا عام 2016، إلا أن قبضة “أردوغان” عليه لا تزال غير مكتملة.
حتى في ظل ولاءات قيادات عسكرية كبرى، فبحسب صحافيين أتراك فإن حالات الغضب داخل المؤسسة العسكرية على سياسات الرئيس لا تزال موجودة وعلى مستوى قيادات رفيعة، وهو ما بدى واضحاً من خلال استقالة الكثير من القادة العسكريين في الأسابيع الماضية، الأمر الذي يعقد الأمور أكثر على الساحة السياسية بالنسبة للرئيس.
ويرى الصحافيين أن القبضة الحديدية التي أراد “أردوغان” فرضها على الجيش قد تصدأ، لا سيما وأن مسألة فرض السيطرة على القوات المسلحة أصعب بكثير من فرضها على الساحة السياسية، وذلك مرجعه إلى طبيعة الهيكيلة العسكرية التي يصعب تغييرها ببعض التنقلات والإقالات وحتى الاعتقالات.
مشيرين إلى أن تزايد حالات الاعتقال في الجيش تعتبر مؤشراً على أن قبضة الرئيس لا تزال غير محكمة بعد، وأنه غير قادر حتى الآن على وضع القوات المسلحة كرهانٍ رابحٍ له في معاركه السياسية.
مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي