هل تنهي تقنيات الذكاء الاصطناعي عصر لوحة المفاتيح والفأرة؟

مرصد مينا
في ظل التقدم السريع والمتلاحق لتقنيات الذكاء الاصطناعي، بدأ الخبراء في مجال التقنية يطرحون سؤالاً هاماً: هل حان الوقت للتخلي عن أدوات الإدخال التقليدية مثل لوحة المفاتيح والفأرة التي طالما كانت الوسائل الأساسية للتفاعل مع الحواسيب؟
رغم العروض والتجارب المبهرة التي قدمتها شركات عملاقة مثل “غوغل”، و”OpenAI”، و”أنثروبيك”، لا تزال الإجابة على هذا السؤال معقدة وبعيدة عن البساطة.
وقد عرض مؤتمر Google I/O الأخير العديد من المشاريع الطموحة، منها “مارينر” و”Astra”، التي تهدف إلى تمكين المستخدمين من التفاعل مع المساعد الذكي صوتياً فقط، دون الحاجة للمس الشاشة أو استخدام الماوس.
ولكن، وعلى الرغم من هذه الخطوات الواعدة التي توحي بدخولنا عصر الحوسبة الخالية من اللمس، فإن الواقع يشير إلى أن الاستغناء الكامل عن أدوات الإدخال التقليدية لا يزال بعيد المنال، وفقاً لتقرير نشره موقع “digitaltrends” الأمريكي المتخصص في أخبار التكنولوجيا.
وفي مشهد يبرز الصعوبات التي تواجه هذه الفكرة، يتخيل المستخدمون أحياناً طلب نظام الذكاء الاصطناعي إدخال كلمة مرور معقدة وتنفيذ أمر الضغط على زر “Enter” صوتياً، لكن معظم الناس يفضلون تنفيذ هذه المهام يدوياً حفاظاً على الخصوصية والدقة. فحتى الآن، لا تزال مثل هذه الإجراءات تتطلب استخدام لوحة المفاتيح، خصوصاً في المهام الدقيقة مثل تعديل الملفات أو إدخال كلمات المرور.
على الرغم من أن تجارب مثل “Gemini Live” من “غوغل” و”كلود” من “أنثروبيك” أظهرت أن أنظمة الذكاء الاصطناعي قادرة على أداء مهام معقدة مثل حجز تذاكر الطيران أو ملء النماذج على المواقع الإلكترونية، فإن الخطوات الأخيرة في مثل هذه العمليات، كالتحقق من الهوية أو تأكيد الدفع، ما زالت تعتمد على تدخل بشري عبر بصمة الإصبع أو إدخال كلمة مرور أو نقرة بالماوس.
من جهة أخرى، دخلت “ميتا” السباق التكنولوجي عبر تطوير أجهزة يمكن ارتداؤها تحول الإشارات العصبية في اليد إلى أوامر رقمية مباشرة.
وتعتمد هذه التقنية الجديدة على تخطيط كهربية العضلات (EMG)، حيث ترسل الإشارات من المعصم إلى الجهاز دون الحاجة لحركة فعلية للفأرة أو لوحة المفاتيح.
إلا أن هذه التقنية لا تزال في مراحل البحث والتطوير داخل المختبرات، ويصعب توقع تعميمها على نطاق واسع في المستقبل القريب.
في خضم كل هذه التطورات، يظل واقع استخدام لوحة المفاتيح والفأرة صامداً، خاصة في مجالات تتطلب دقة عالية مثل البرمجة، تحرير الوسائط، أو إدارة البيانات والجداول.
وحتى البدائل الناشئة التي تقدم حلولاً جزئية، مثل تطبيق WowMouse، لا تزال محدودة في قدراتها ولا يمكنها استبدال الأدوات التقليدية بشكل كامل.
في النهاية، رغم الخطوات المتسارعة نحو تقليص الاعتماد على أدوات الإدخال التقليدية عبر الذكاء الاصطناعي، إلا أننا لا نزال بعيدين عن الاستغناء الكامل عنها، ويبدو أن لوحة المفاتيح والفأرة ستظل جزءاً أساسياً من تجربة الحوسبة اليومية لفترة طويلة مقبلة.