هل تُقتَلَع “حماس” بالسياسة بعد أن لم يقتلعها السلاح؟
مرصد مينا
ليس جوهر ما يحدث هو “تمديد الهدنة”، أو استعادة خيار السلاح وقد باتت المسألة تواجه معضلتين:
ـ المعضلة الإسرائيلية تقول بأن استئناف الحرب على طريق اجتثاث حماس، غير ممكن، فحتى اللحظة لم تخسر حماس وفق التصريحات الإسرائيلية ما يزيد عن ثلث قواتها، وبالنتيجة فإذا تابعت القوات الإسرائيلية حربها فستكون حرباً أطول مما تحتمله إسرائيل عسكرياً، وكذا بارتداداتها على المجتمع الإسرائيلي.
ـ والمعضلة الثانية أن بقاء حماس في غزة سيعني بالنسبة إليها استمرار الشوكة في الخاصرة.
معضلتان، تواجههما إسرائيل وسط رأي عام دولي بالغ الانزياح لصالح مدنيي غزة وسكّانها، مع احتمالات توسّع الجبهات ما سيزيد من المعضلة.
رؤساء أجهزة الاستخبارات في ثلاث من الدول الفاعلة في ملف غزة يلتقون اليوم في الدوحة “امريكاني، مصري، قطري”، وكل الاشتغال الآن على تمديد الهدنة، وهو ما يعني تأجيل الإجابة عن اكثر الأسئلة إحراجاً للإدارة الامريكية، وكذلك لبقية الأطراف المشاركة في الحل بمواجهة تيارات إسرائيلية من داخل حكومة نتنياهو تهدد انه إذا ما توقفت إسرائيل عن متابعة الحرب ووقفها، فهذا سيقود لانفراط الحكومة الإسرائيلية ومواجهة المزيد من المآزق ستطيح مبدئياً ببنيامين نتنياهو بانعكاسات ذلك على مجمل “وجود” إسرائيل وقد “خسرت حرباً”، مع النظر إلى أن الهزيمة بالنسبة للجيش الإسرائيلي تعني بأنه “لم يحقق أهدافه”.
وسط هذه المعضلات، يتعالى الكلام عن مشروع “حل الدولتين”، وهو المشروع الذي ستوافق عليه حماس “دون ترحيب” وبفعل الامر الواقع والوقائع التي أنتجتها الحرب، مقابل الترحيب الفلسطيني الجدي من قبل السلطة الفلسطينية وقد افترقت بعيداً عن حماس، غير أن تصريحات للحمساويين باتت اكثر مرونة بمواجهة السلطة الفلسطينية بما يعني أن ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي ممكن ولو “على مضض” وهذا “المضض” قد ينتج تشققات في “حماس” يُنتج فيما ينتج انشقاقات “حمساوية” تطيح بكل الكلام عن “حل الدولتين” وهو أمر لابد من رؤيته والاحتساب له، ما يعني أن:
ـ حرباً وقعت، تلتها هدنة وهدنات، وبالنتيجة ما من منتج سياسي لهذه الحرب على كل ما حملت من ضحايا وخراب.
سيحدث هذا حين تقابل المعضلتين الإسرائيليتين معضلات ستواجهها حماس، فوقف الحرب والقبول بمسار سلام يعني بالنسبة لحماس كما لمجمل “محور المقاومة”، التنازل عن “دلالتها” فأول ما تُمتحن به هذه القوى الدينية الإسلامية ومن بينها “حماس” هو خطابها عن “فلسطين”، التي تحولت في أدبياتها من قضية عادلة مرتبطة بتصفية الاستعمار وحلّ الدولتين إلى قضية دينية محضة للتجييش المرادف لفكرة الفتوحات الإسلامية، لذا يصطدم الإسلاميون بمسألة في غاية التعقيد، فلا هم قادرون على الحرب ولا هم قادرون على السلام، لأن للحرب شروطها وللسلام شروطه أيضاً، لذلك تبدأ القاعدة الشعبية باليقظة السياسية والانفصال شيئاً فشيئاً والابتعاد عن هذه الأحزاب الإسلامية أمام عجز هذه الأخيرة عن تحقيق الوعد بـ”تحرير” فلسطين، لا بالسلام ولا بالحرب، وهو الموضوع الذي لطالما شُغِلَت العامة به نظراً إلى ارتباط العاطفة السياسية العربية والإسلامية بفلسطين، ولهذا معنى واحد:
ـ نهاية “حماس”.
وسيكون السؤال اللاحق هنا:
هل ستذهب “حماس” إلى الانتحار السياسي ما بعد استعصاء اجتثاثها بالحرب؟
هو السؤال العالق بمواجهة قضية طرفيها “دينيين” وقد انزاحت مسألة “حق تقرير مصير” إلى
“حرب دينية”.
ـ محض دينية.