أخر الأخبار

هل ستنتهي الحرب الروسية الأوكرانية باستسلام أوكرانيا؟

زاوية مينا

سؤال كبير، وبات ما بعد التوترات التي أحدثها دونالد ترامب مع زيلنيسكي، بات سؤالاً جديّا ومطروحاً، ومليئاً بالقلق من مستقبل مجهول لهذا الصراع، دون نسيان أن نهاية الحروب لا تخضع دائمًا لمنطق القوة وحده، فالحرب الروسية الأوكرانية تحديدًا تتشابك فيها اعتبارات عديدة: الجغرافيا، والهوية، والتاريخ، والمصالح الدولية الكبرى.

الحديث عن “استسلام أوكرانيا” كخاتمة محتملة هو سيناريو من بين عدة سيناريوهات، لكنه ليس الأكثر ترجيحًا حتى الآن، لأسباب عدة:

أوكرانيا تتلقى دعمًا عسكريًا واقتصاديًا غير مسبوق من الغرب، وخاصة من أوروبا، هذا الدعم يمنحها قدرة على الصمود الطويل، ويجعل خيار الاستسلام أقل احتمالاً ما دامت أوكرانيا قادرة على القتال.

بعد أعوام من الحرب، أصبحت المقاومة الأوكرانية تعبيرًا عن الوجود الوطني، عن المعنويات، وعن هوية تسعى للاستقلال الكامل عن روسيا، وهو ما يصعب التنازل عنه سياسيًا أو معنويًا.

موسكو لا تبدو مهتمة باجتياح كامل أو احتلال طويل، بقدر ما تهدف إلى فرض شروط، استراتيجية تقوّض استقلال أوكرانيا الكامل وتحبط تمدد الناتو، مما قد يفتح الباب لاحقًا إلى تسوية سياسية، لا استسلام.

قد لا تنتهي الحرب بـ”استسلام” أو “نصر” بالمعنى التقليدي، بل بتسوية مؤقتة، أو وقف إطلاق نار هش، كما في كثير من النزاعات الحديثة.
غير أن السؤال نفسه يقتضي الإيضاح، ونعني سؤال: الاستسلام.

هل يعني قبول أوكرانيا بالتخلي عن أراضٍ؟ أم التوقيع على معاهدة تُرضي روسيا؟ أم انهيار الحكومة الأوكرانية؟

كلها خيارات لها أثمانها، وقد تكون جزءًا من تسويات قاسية، لا استسلامًا تامًا.
فإذا كان الاستسلام هو أن تُجبر أوكرانيا على التخلي عن أراضٍ لروسيا، فهذا احتمال واقعي ضمن سيناريوهات “التسوية القسرية”، لكنه لا يعني بالضرورة “استسلاماً كاملاً” بالمعنى التقليدي للكلمة. هذا النوع من النهايات حصل في تاريخ كثير من الحروب، ويُعرف غالبًا بـ”السلام مقابل الأرض” أو “السلام تحت الضغط”.

لكن هناك نقاط يجب التوقف عندها:

قبول كييف بالتخلي عن أراضٍ بشكل رسمي، كاعتراف دولي بسيطرة روسيا على دونباس أو شبه جزيرة القرم مثلاً، يعني سابقة خطيرة تُهدد وحدة أراضيها المستقبلية، وقد يُغري روسيا بالمزيد لاحقًا. لذا فالموقف الأوكراني: “لا تنازل عن أي شبر” الرسمي حتى الآن

وإذا استمرت الحرب واستنزفت أوكرانيا أكثر، أو تراجعت وتيرة الدعم الغربي، فقد تجد نفسها مضطرة إلى قبول “تسوية مؤلمة”، خاصة إن كانت مدن كاملة قد أصبحت تحت السيطرة الروسية الفعلية، كما هو الحال الآن في مناطق عدة من الشرق والجنوب.

أي اتفاق من هذا النوع سيحدث انقسامًا في المواقف الدولية، بعض الدول ستدعو كييف إلى “الواقعية”، بينما ستصر دول أخرى على رفض أي تغيير قسري للحدود بالقوة.

وكلما طالت الحرب، زادت احتمالات القبول بتسويات مجتزأة، ليس من باب الاستسلام، بل من باب تقليل الخسائر وإنهاء معاناة طويلة.

ببساطة، قد لا تستسلم أوكرانيا، لكن قد تضطر لقبول ما يشبه الاستسلام الجزئي، عبر التخلي – رسميًا أو فعليًا – عن أراضٍ، مقابل وقف الحرب أو ضمانات أمنية أو مساعدات مستقبلية.

ثمة جديد يُطرح الآن في إطار سيناريوهات هذا الصراع ومن بينها إقامة دولة حاجزة ما بين روسيا وأكرانيا، دولة جدار، وهذا احتمال طُرح أحيانًا في الكواليس الجيوسياسية كنوع من الحل الوسط، خاصة من جانب بعض مراكز البحث الغربية.

ما شكل هذه “الدولة الحاجزة” المحتملة؟

الفكرة تدور حول أن تُقام دولة جديدة في المناطق التي تُسيطر عليها روسيا الآن شرقي أوكرانيا (مثل دونيتسك ولوغانسك)، وتكون:

غير تابعة تمامًا لروسيا، كي لا تُعدّ تهديدًا مباشرًا للناتو.
غير خاضعة لكييف، مما يُرضي موسكو.
وتكون بمثابة منطقة عازلة جيوسياسيًا بين المعسكرين.
لكن قيام هكذا دولة هل هو بالأمر السهل؟
ليس أمرًا سهلاً، ولكن ديمومة الحرب ليست سهلة أيضاً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى