هل مات قاسم سليماني؟ شوهد يتجول في حميدية دمشق
يتساءل سوريون:
ـ هل مات قاسم سليماني؟
ولابد أن من يقيمون في سوريا من السوريين ما بعد طوفان الهجرة، مازالوا يهمسون بالنكتة، حتى أن المتابعين لمواكب “اللطميات”، يقولون وبالنكتة السوداء:
ـ ما مات ولكن شبه به.
يقولون ذلك، بعد معرفتهم الدقيقة باستيلاء “الحرس الثوري” على مناطق شاسعة من البلاد، خصوصًا في دمشق وقد وضعوا يدهم على عقاراتها، بدءًا من “المراقد” التي كانت حجتهم في دخول الحرب السورية، وصولاً للملاهي الليلية المغلقة اليوم، والتي لابد وتستعاد حين يهدأ الرصاص.
يوم قتل قاسم سليماني، كان الحداد قد ارتفع بين الموالين وقيادات الموالين.. حداد في القصر الجمهوري، واكبه حداد في فروع الاستخبارات وقيادات الجيش، ومع موته، نسجت الأساطر كـ “كان شخصية قوية وغامضة”، وكان رد فعل النظام سريعًا تجاه فقدان “سليماني” المفاجئ، حيث أرسل الرئيس “الأسد” برقية تعزية إلى الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي والرئيس حسن روحاني، واصفا “سليماني” بأنه “شهيد” أعطى الكثير لسوريا.
التلفزة المقربة من النظام، ومن بينها قناة الميادين، نسبت انتصارات النظام العسكرية على المعارضة العسكرية السورية إلى “قاسم سليماني” وليس إلى “الجيش العقائدي” منتزعة بذلك البساط من تحت أقدام الأسد، فوفق تعبيراتها “كان “سليماني” عنصرا حاسماً في كسر حصار حلب والقتال لاستعادتها، كما قاد العملية الناجحة لاستعادة دير الزور من “داعش”.
هذا في الإعلام أما في الوقائع، فلابد أن سليماني تحوّل إلى “الباب العالي” في سوريا، وبات “رئيسًا للرئيس” حتى وصل الأمر إلى أن يستقيل وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف احتجاجًا على استخفاف “سليماني” بسلطته عن طريق إحضار الرئيس “الأسد” إلى طهران لحضور اجتماعات دون حتى التشاور معه أو إبلاغه، وهذا يعني الكثير، ومما يعنيه أن بشار الأسد لم يكن سوى “جندي احتياطي قلما يتوجب استخدامه في جيش سليماني”.
ولكن مات سليماني، ومع موته سيكون السؤال:
ـ هل رحل سليماني عن دمشق برحيله عن الحياة الدنيا؟
واحد من إعلاميي النظام، وكان يعمل مع القوات المدعومة من إيران في البلاد، حكى عن المزاج العام عندما انتشرت أنباء وفاة سليماني: “كان الخبر مروعًا في البداية للجميع، وهو أيضًا مفاجأة كبيرة للمحور الإيراني. لكن، موته لن يكسر زخم دور إيران في المنطقة لأن هذا المحور يعتمد على إعداد العديد من القادة الآخرين ليحلوا محل أولئك الذين قتلوا”.
في المعلومات فإن جزءًا من المجهود الحربي، جندته إيران لخدمة العديد من القوات المحلية في كل من سوريا والعراق لخدمة أغراضها، مثل فرقة “فاطميون”، والتي يقال إنها كانت طليعة مليشيات “سليماني” في سوريا، وإنها قد وصلت إلى 20 ألف جندي في ذروتها، في حين تشير مصادر أخرى إلى أن الجماعة لديها ما لا يقل عن 10000 مقاتل في سوريا وحدها.
انضم السوريون من بلدات مثل نبل وزهراء في حلب وكفريا والفوعة في إدلب مع خلفية شيعية تقليدية إلى مجموعات “سليماني” خلال الحرب، لأغراض عسكرية ومالية وإيديولوجية. ومع تدهور الوضع الاقتصادي، كان الرجال في سن الخدمة العسكرية يفتقرون إلى فرص عمل مستقرة ورأوا في القتال حلاً سريعًا -وهو الوضع الذي أفاد الإيرانيين بشدة.
وفي واقع الحال، لم يمنع “سليماني” سقوط نظام الأسد فحسب، بل بنى جيشًا من المليشيات والمؤيدين الذين سيتفوقون عليه، ربما عبر عقود.
وبينما يبدو أن تركة “سليماني” راسخة في سوريا، فقد برزت أزمة أخرى في تقارير إعلامية تشير إلى احتمال تورط سوري في اغتياله. يجري السوريون تحقيقهم الدقيق بشأن أي تسريبات استخباراتية محتملة من الجواسيس الذين ربما يكونوا قد أطلقوا معلومات عن موقع “سليماني” أثناء سفره من دمشق إلى بغداد. وفقًا لوكالة “رويترز”: “كان قد خضع اثنان من موظفي شركة شام وينجز (شركة طيران سورية) للتحقيق من قبل المخابرات السورية”.
ربما كان “سليماني” عدوًا للولايات المتحدة لعقود، لكن موته لن يحدد نهاية أهدافه وطموحاته بالنسبة لسوريا والمنطقة. لا يزال هناك عشرات الآلاف من المقاتلين وعدد هائل من القادة في سوريا الذين ساعدوا في تدريبهم، وقد يواصلون عمله بعد ذلك لتوسيع نفوذ إيران وهيمنتها في الشرق الأوسط.
سليماني هذا، يتجول اليوم في سوق الحميدية، ومعه “لطميات”، وفرق لطم، وسليماني هذا، يشتغل اليوم على وضع اليد على اقتصاد العقارات في معظم مدن وحواضر البلاد خصوصًا في الجنوب السوري مثل درعا، والسويداء والقنيطرة، كما في العاصمة وريفها، أما في الساحل السوري فقد بات “البعبع” الذي وضع يده على العقارات تاركًا للروس نفط الساحل، فالملالي يعرفون تلك القاعدة لذهبية:
ـ في السياسة لاتأخذ كل شيء.
لقد أخذوا ما يكفيه من عائدات الحرب.
ومازال قاسم سليماني يتجول بين أنقاض المدن.
يتجول في عقاراه التي ورثها بـ :”وضع الاصبع على الزناد”.