هل نطلب من الرئيس الشرع أن يكون المهاتما غاندي؟ نعم
زاوية مينا
هي المرحلة الأخطر من تاريخ سوريا، هي كذلك وبلا أي تحفظ، فالإنسلاخ عن العثمانية وجيشها الإنكشاري، جاء بعد تساقط تلك الدولة بأطرافها وفي حالة دولية تسمح لأطراف الدولة بأن تأخذ طريقها لتتكون كدول ومن بينها “سوريا”، والاستقلال عن المستعمر الفرنسي كان أكثر يسراً وسهولة، ذلك أن الجامع الوطني وحّد السوريين تحت علمهم وبرافعة البورجوازية الوطنية الطامحة للاستقلال.
فيما الخلاص من “آل الأسد” كان يعني الخلاص من “عدمية القيم”، والعدمية إياها انسحبت على المجتمع، بما يعني إحلال القيم الميتة مكان قيم الحياة، فـ :
ـ الخوف وفوبيا الزنزانة، إماتة للحياة.
ـ الفساد بوصفه معمّماً، هو إماتة لابتكار الحياة.
ـ تطييف المجتمعات، لا يعني سوى انتزاع المواطنية من المواطن لحساب ما قبل الدولة، وبالنتيجة ما قبل الزمن، ما يعني إماتة الحياة.
وسيضاف إلى هذا وذاك، انعكاس ما سبق على طلائع المعارضات السورية، وقد حملت من الأسدية ما يكفي لتتحول من قوّة تحرر، إلى إضافة كريهة لقوى النظام.
في هذه الصيغة، ثمة من خرج “عن الصيغة”، فكان السلاح هو الوسيلة الوحيدة لإسقاط النظام، وما من وسيلة سواها، فالفندق برهن عن عجزة على مدى أربع عشرة عام، وكان على الخندق أن يحل محل الفندق في رفع راية إسقاط النظام، وبالمحصلة سقط الأسد، ولم تسقط حمولته، فالأثقال على سوريا والسوريين ضخمة، والناس يستعجلون الخلاص، أما الأثقال فـ :
ـ مصرف مركزي منهوب، وبلا أي احتياط نقدي.
ـ جيش مدمّر بالفساد حيناً وبالقصف الإسرائيلي في لاحق الأيام.
ـ مجتمعات مطيّفة، الطائفة فيها أعلى حضوراً من الوطنية.
ـ الثورة المضادة لم ترخ أذرعها وبعد، مدعومة أقلّه بما تبقّى من حزب الله وإيران.
وكله ميراث ثقيل على السلطة الوليدة التي تحمل أيضاً أثقالها، ومن أثقالها:
ـ تعدد الفصائل وتبايناتها.
ـ إرث تاريخي ليس من السهولة الاغتسال منه.
وثمة رجل يشكل بمفرده التوازن في الصيغة الرجراجة التي تحيط بالبلد وبه بآن.
كل المؤشرات تقول بأنه، ونعني أحمد الشرع، يشتغل على:
ـ استعادة العلاقات العربية والدولية لبلد رسم النظام الساقط السابق قطيعة ما بينها وبين المحيط.
ـ استعادة الجيش كضامن غير فاسد للبلاد.
ـ الإمساك بالسلطة بما لا يسمح باختراق الثورة المضادة، وهذا كل ما فعلته الثورات الظافرة في التاريخ.
ثمة معارضات وليدة، وهي ظاهرة صحية.
ثمة مؤيدون مزيفون، وهؤلاء سيتواجدون في القصر وفي كل القصور.
وثمة عقلاء يشتغلون على مساحات التلاقي، ولن تبنى البلد إلاّ بالتلاقي، ومن دونها ستؤخذ البلاد إلى لغة الدماء.
ـ حتى اللحظة، مازالت عصا التوازن بيد رجل واحد اسمه “أحمد الشرع”، والفرد لا يبني التاريخ، غير أنه يُعجّل أو يؤجّل في حركة التاريخ”.
لولا هذه الحقيقة، لما توحّدت الهند يوماً وعلى يد رجل كان اسمه:
ـ المهاتما غاندي.
سوريا هي الاحوج إليه.