هل هي بدايات أفول الامبراطورية الأمريكية؟
سؤال تردد صداه أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية، ومبعث السؤال في جانب منه “الرغبة”، وفي الجانب الآخر محاولة القراءة في “نحو أي اتجاه يمضي عالم اليوم؟”، بعد غروب مرحلة الحرب الباردة وماتلاها، والأبرز فيما تلاها “الصراع الامريكي ـ الصيني”، ومازالت ساحاته في الاقتصاد دون تخطيه إلى صراع السلاح.
كان سؤال ” هل هي بدايات أفول الامبراطورية الأمريكية؟ يتطلب سؤالًا آخر مواز:
ـ كيف تسيطر الولايات المتحدة على العالم اليوم؟
“وانغ يانغ”، وهو نائب رئيس مجلس الوزراء وأحد أرفع المسؤولين السياسيين الصينيين، هو من طرح السؤال وذلك في خطابٍ له أمام المنتدى الاقتصادي الأمريكي الصيني المشترك في شيكاغو نهاية العام 2014، ورغم أن تصريحه آنذاك قد أثار حفيظة الكثير من القادة والكتاب الصينيين، الذين تُحاولُ بلاده جاهدة الخروج من تحت المظلة الأمريكية وصناعة أخرى خاصة بها، غير أن كلام ذلك المسؤول حقيقة لا يختلف عليها اثنين من قادة الصين داخل الغرف المغلقة.
ـ ماهي الحقيقة التي لايختلف عليها اثنان؟
إنها الحقيقة التي تكمن في المقدرات التي يمتلكها هذه البلد، ليجعل صورته على هذه الشاكلة في أذهان الكثيرين، والأبرز من هذه المقدرات:
– تتربع الولايات المتحدة الأمريكية على العرش الاقتصادي العالمي، بحجم ثروة يبلغ مقدارها 72 تريليون دولار مقابل 22 تريليون فقط للصين، وعلى ذلك فخمسون تريليون دولار لا تبدو فرقًا سهلًا أو بسيطًا.
– الولايات المتحدة الأمريكية وعن طريق التعليم العالي تأخذ المرتبة الأولى عالميًّا منذ أكثر من عقدٍ، فهي تمتلك متوسط من 28-30 جامعة من ضمن أفضل مائة جامعة في أغلب التصنيفات العالمية، وتمتلك ست جامعات من أفضل عشر جامعات في العالم، ومنها أفضل معهد تكنولوجي وهندسي وهو (ماساتشوستس).
– تتصدر الولايات المتحدة دول العالم في الإنفاق على البحث العلمي والتطوير (R-D)، على مستوى نسبة الإنفاق إلى الدخل القومي، فالولايات المتحدة أنفقت في العام 2014 فقط ما نسبته 2.79 من دخلها القومي، في كافة مجالات البحث العلمي وبمبلغ يتعدى الـ627 مليار دولار في العام.
تلك أساسات في القوة، جعلت من الدولار قوة عالمية، وجعلت “هيئة الأمم المتحدة” مزروعة في أرض الولايات المتحدة، بما يحمل الأمر من رمزية تضاف إلى اللغة، القوة البيضاء التي لاتوازيها قوّة، فالفرنسية انحسرت في فرنسا وبعض من مستعمراتها القديمة، أما اللغة الصينية فمازالت وراء السور، ومن الصعب أن تخرج من ورائه، وبالنتيجة فالرهان على أوفل الاميراطورية الأمريكية، هو رهان الرغبة، والوقائع لاتساير الرغبة على الدوام ولا تمشي على إيقاعاتها.
الولايات المتحدة تضعف، تتراجع، تنتكس، يحدث هذا وقد حدث مابعد فيتنام، وقد يحدث ما بعد أفغانستان، غير ن مالايحدث هو أن تغرق القوة الأمريكية أو أن توازيها قوة صاعدة.
ـ تنافسها أمر ممكن ووارد، أما أن تسقطها فتلك دائرة الأحلام التي يتوق لها الكثير من شعوب المعمورة.
تتوق لها ولا تحدصها، ولن تحصدها، أقله على مدى أجيال وأجيال.