fbpx
أخر الأخبار

هل يقود محمود احمدي نجاد “ثورة على الثورة”، لإسقاط الخمينية السياسية؟

سؤال مجازف حقًا، ولكن ثمة وقائع تقول بأن الرجل يحرق مراكبه مع آية الله علي خامنئي، الرجل “الناب” في سلطة الملالي الإيرانية، غير أن مايجعل السؤال ممكنًا، هو التاريخ الشخصي لمحمود أحمدي نجاد من طالب يحتل السفارة الأمريكية في طهران ويحيلها إلى رهينة، وصولاً لزهده الشخصي الذي يساعد في التمرد، فالزاهدون قد يكونون أكثر قدرة على خزض مغامرة الدم، ولا شك بأن مجرد التشكيك بشرعية سلطة “الولي الفقيه” هو كفر في إيران التي تديرها تلك السلطة، ليكون أتباعها مجرد “جثث بين أيدي غاسل”، وكان “نجاد” قد شكك في سلطة الولي الفقيه مؤخرًا ولو على شكل تساؤل.

في تداعيات مواقف نجاد كان أن ظهر الرجل في مقابلة بُثت على شبكة الإنترنت مع رئيس تحرير صحيفة “كيهان” المحافظة السابق حسين شريعتمداري، متحدثاً عن الكثير من الأمور داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

واعترف أحمدي نجاد خلال مقابلته الأخيرة، التي أثارت الجدل، بأنه اتخذ العديد من المواقف المتشددة فى فترة حكمه قبل أن يفهم الكثير من الأمور، منها إلزامية الحجاب، وفصل الدين عن الدولة، وترك الشعب يُقرر في عدد من الأمور الذي تخصّه.

تصريحات نجاد أعادها بعض المراقبين للشأن السياسي الإيراني إلى أنه “يريد كسب ثقة الطبقة المتوسطة الحالمة بالحريات الاجتماعية والسياسية، وهذه البطاقة كثيراً ما لعب بها حسن روحاني في حملاته الانتخابية السابقة”.

في مواقفه اليوم يسجل نجاد ما يمكن تسميته بإعادة حساب، وحول مجموعة من المسائل شديدة الحساسية بالنسبة للسلطة في طهران، فقد تراجع أحمدي نجاد عن موقفه من “إلزامية الحجاب” في المجتمع الإيراني، وذلك بعدما شدد طوال سنوات ولايته الممتدة من 2005 إلى 2013 المراقبة على الحجاب الإلزامي، وقال أحمدي نجاد في المقابلة الأخيرة إن “الشعب الإيراني هو الوحيد الذي من المفروض أن يحدد طريقة اللباس في  البلاد”، منتقداً “إصرار السلطات الإيرانية على الحجاب الإلزامي للنساء، وتسجيل مخالفات عليهن”.

وأضاف أحمدي نجاد: “حتى وإن كان الحجاب الإلزامي واحداً من قوانين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فيجب استفتاء الشعب عليه، وإن كان المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي مقتنعاً ومؤمناً تمام الإيمان بأهمية فرض الحجاب في إيران، فلا يجب أن تسير الأمة بأكملها على حسب رأي شخص واحد”، معتبراً أن “القانون عقد اجتماعي والشعب الإيراني سيحدد تطبيقه من عدمه دون أي شخص آخر”.

نجاد لم يكتف بهذا، ففي مقابلته الأخيرة انتقد ما سمّاه “تدخلات مكتب القائد آية الله خامنئي في إدارة البلاد”، ويقصد بمكتب القائد هنا، المسؤولين عن إدارة مكتب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.

وقال أحمدي نجاد: “عندما تمت مناقشة الاتفاق النووي داخل البرلمان والتصويت بالموافقة عليه، ضغط أحد أعضاء مكتب القائد على النواب من أجل الموافقة السريعة على الصفقة دون إعطائهم المساحة القانونية والزمنية لمناقشة الاتفاق”، مشيراً إلى أن “التصويت على الاتفاق النووي في البرلمان تم خلال 20 دقيقة فقط”.

وأكد أحمدي نجاد في المقابلة على وجود مشاكل هيكلية واضحة في النظام الإداري الإيراني قائلاً: “لا يمكن أن يستحوذ طرف من الأطراف على جميع مقاليد الحكم داخل الجمهورية الإسلامية؛ لأننا بذلك نُعيد تدوير الديكتاتورية”، مشيراً في انتقاده إلى المرشد الأعلى خامنئي الذي له اليد العليا في جميع القرارات الداخلية والخارجية للجمهورية الإسلامية، والذي يريد أن يعيد بإيران -حسب نجاد- إلى “فترة الملكية قبل الانقلاب على شاه إيران عام 1979”.

الأخطر من هذا وذاك، هو ما قاله نجاد تحت عنوان “فصل الدين عن الدولة” وكان كلامه واضحًا: “إن قبول الدين الإسلامي لا يعني قبول الجمهورية الإسلامية، فإذا كان هناك شخص مؤمن وصوت للجمهورية الإسلامية، ثم جاء بعد ذلك رفض حكم الجمهورية وانتقد أخطاءها، هل هذا يعني أن نحكم عليه بأنه غير مؤمن ويجب سحقه؟” وأضاف :” حينما نصبح متعجرفين متسلطين يصبح الدين لعبة في أيدينا، ولا يمكن أن نجعل الدين أداة للسيطرة على الناس”.

تحديات كبرى (يرتكبها) نجاد بمواجهة المرشد الأعلى، تحديات قد تبدأ منذ عام 2017 عندما أعلن نجاد نيته ترشحه للانتخابات الرئاسية، ونصحه المرشد الأعلى بعدم خوض الانتخابات منعاً لحدوث فتنة داخل البلاد لكنه تصدى لنصيحته، الأمر الذي يعتبر سابقة لأنه نادراً ما يقوم شخص داخل إيران بتحدي المرشد الأعلى، وأصر بذلك نجاد على تقديم أوراق ترشحه، وكانت النتيجة الطبيعية أن مجلس صيانة الدستور قد منعه من الترشح ورفض التصديق على أهليته.

بعد ذلك قام أحمدي نجاد بزيارات كثيرة إلى المحافظات الإيرانية التي يتواجد بها عدد كبير من مؤيديه، وفي إحدى هذه الزيارات إلى محافظة الأهواز، خاطب نجاد الجماهير قائلاً: “الشخص الذي لديه مزاج ملكي ويعتقد أن 80 مليون شخص لا يفهمون وهو فقط الذي يفهم جميع الأمور”، وهو التصريح الذي تم تداوله بشكل كبير خصوصاً أن مفهومه غير مبهم، والجميع فهم أنه يقصد بكلامه المرشد الأعلى علي خامنئي.

واليوم سيكون السؤال:

ـ هل سيعجز الحرس الثوري عن رسم مصير نجاد وهو الحرس الضليع باختراع وابتكار كواتم الصوت بدءًا من بندقية القناص وصولاً لكتم الأفواه؟

والسؤال الثاني:

هل ستحل ثورة محمود أحمد نجاد محل ثورة الشباب التي أجهضتها سلطة الملالي؟

لا ندري ما هي أقدار هذا الرجل، دون نسيان أنه وطيلة اربعون عامًا والملالي يرسمون أقدار إيران، وقد حلوا محل الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى