هناك في الملاجئ.. هنا ثمة من لا يلتفت للقلق
زاوية مينا
سيعترف الإسرائيليون بأن تهديدات إيران/حزب الله مع تجهيل موعد الرد قد تسبب بقلق لا سابق له للمجتمع الإسرائيلي، وكذلك للجيش والنخبة السياسية، ما تسبب بإحداث شبه شلل في الحياة الإسرائيلية.
وسيقابل ذلك حالة من الانتظار اللبناني دون قلق، فالخاسر لا يُخسّر، ولم يتبق للبنانيين ما يخسرونه ما بعد سلسلة من الكوارث التي أصابت الحياة اللبنانية بدءاً بلصوص المصارف مروراً بتفجير المرفأ وصولاً للخلل الذي لا سابقة له والمتمثل بـ “دولة تبحث عن رئيس”، فلا تتوافق سوى على الإنشطار إلى قسمين، أحدهما يحمل عنوان “تيار المقاومة”، ومن تبقّى من اللبنانيين في الموقع المضاد والذي يحمّل حزب الله المسؤولية الكاملة عن كل الخراب الذي وقع على البلد بدءاً بالفساد، وقد مثّل حزب الله غطاء له بتحالفاته مع صف مسيحي هو المنبوذ في مآله، ونعني الجنرال عون، وصولاً إلى السلاح، وقد زجّ لبنان بحرب انتصرت لغزة، فلم تنصر غزة فيما ساقت البلد إلى احتمالات الدمار.
احتمالات الدمار إذا ما وقعت الحرب قائمة، فمعركة بنيامين نتنياهو لن تقبل بـ “نصف حرب”، وإذا ما كانت الحرب، فالواضح من الغامض أن نتنياهو سيشتغل بالقاعدة “الهرقلية” ونعني تدمير المعبد على من فيه، والرجل لابد يستند إلى تحالف دولي واسع يعارض الحرب إلى أن تقع، فإذا ما وقعت سينتقل معارضوها إلى صف المحاربين، وها هي حاملات الطائرات بمختلف جنسياتها تتجول بمواجهة السواحل اللبنانية.
فيما تزن القنابل الإسرائيلية ما يزيد على 500 كغ لابد وتشكل ثقلاً قاتلاً على الضاحية الجنوبية حيث الحامل الاجتماعي لحزب الله، وقد هندس بيوته لتكون سهلة الانهيار على رؤوس سكانها، وبموافقة ضمنية من أطراف لبنانية، وموافقة صريحة من أطراف أخرى، ولكل حججه ومسبباته حتى ولو استخدم في ادبياته تعبيرات من طراز “العدو الصهيوني”.
هذا هو الحال في لبنان، فالمجتمع منقسم على نفسه، وثمة من ينتظر الجثث على ضفة النهر، وهذا على العكس من المجتمع الإسرائيلي الذي توحّده الحرب ليلتقي على ضفتها الحريديم مع بقايا اليسار الإسرائيلي ودعاة السلام.
الإسرائيليون أشد قلقاً وخوفاً من اللبنانيين، فعلى جانبهم مجتمع البحبوحة والرفاهية وخسارتهما خسارة تدعو إلى القلق، فيما على الجهة المقابلة ثمة خاسر سلفاً، والغارق لا يخشى البلل.
الناس تنظر إلى ساعاتها كما إلى الفضاء بانتظار:
ـ حدوث الاشتباك.
علّها الحرب ترفع عنهم سأم ما تراكم من خسائر لتكون:
ـ التسلية القاتلة.
هو الامر كذلك فمن لا يقتله السلاح الإسرائيلي قد يُقتَل بالحرب الاهلية المؤجلة.
نقول المؤجلة؟
نعم المؤجلة، وسبق أن اختبرها اللبنانيون وكانت انطلاقتها مع ما يسمى:
ـ بوسطة عين الرمانة.
كانت الشرارة التي أحرقت بيادر اللبنانيين.
ـ من يراهن على استبعاد “بوسطة” أخرى لتكون الشرارة التالية؟