وزير الخارجية الذي يلحس بصقته
حتمًا تتنافى “حرفة” وزير خارجية، مع مهنة ضيف “توك شو”، حيث التراشق باللغة، فحرفة وزير خارجية يمكن اخنصارها بـ :
ـ الكلام بلسان الحكومة، لا بلسانه.
وحين يرغب باستخدام لسانه.. لسانة الذي يحاور الزوجة أو يغازلها، لابد من أن يتنحى عن الوزارة ويكتفي بمهنة:
ـ زوج صالح مغازل، وربما زوج مغضوب عليه وشتّام.
شربل وهبة وزير خارجية لبنان، تنحّى عن مهنته منذ أن عين وزيرًا في حكومة “دياب”، ليس وحده من تنحّى فالحكومة برمتها ولدت متنحية، ولم يضف اليها لقب “حكومة تصريف أعمال” مايجعلها تختلف عن أمسها بوصفها “حكومة لاشغلة ولا مشغلة”.
اليوم بات اسم شربل وهبة يتصدر الأخبار، فالرجل خرج عن طوره، وشتم العربية السعودية واصفًا المجموعة الخليجية بالبداوة.
اليوم لمع اسمه، وزاد من لمعانه، اعتذاره عن “لحظة التخلي” تلك، وكان اعتذارًا ركيكًا، فالحجر الذي رماه في البئر، ربما أكبر من أن ينتشله رجل لايعرف السباحة في طشت الماء.
اعتذر الرجل، واعتذر رئيس الدولة، واعتذرت معهما الأحزاب والقوى والجمعيات، ولم ينقص سوى أن يخرج اللبنانيون كل اللبنانيين هاتفين:
ـ سامحونا.
القصة أوسع من فضاء وزير خارجية لم يمارس الخارج، وأوسع من رئيس دولة غرق في طائفة الداخل، فكلاهما “الرئيس” و “وزيره”، غارقان بالتفاصيل المحلية، بل والمحلية جدًا بما لايتجاوز سقف العائلة:
ـ عائلة الرئيس والصهر.
أو عائلة الحزب بمواجهة البلد.
الصهر بات عبئًا على شيخوخة الرئيس، وحزبه بات عبئًا على بلد يغرق، و “الصهر والرئيس” كما “الحزب والبلد” مازالا رهينتين للمعلم الأكبر أو لنقل للـ brother big ونعني به سماحة آية الله حزب الله، الوكيل الشرعي لآية الله علي خامنئي، في بلد متعدد الطوائف، عصي على أن تمتلكه طائفة أو حزب أو رجل، وهذه لعنة لبنان، كما هي روعته.
لعنته في أنه لايحتمل دكتاتورًا “يسعى في مناكبها”، فيتحول الى ممثل الله على الأرض، وروعته في أنه يعطي للناس فسحة في أن يمارسوا إرادتهم.
ميشال عون، وكان جنرالاً ما قبل أن يكون رئيسًا، ظن بأنه نابليون بونابرت، ووصل الرئاسة وهو يحمل وهم البونابرتية، دون أية مقدرة على تحمل أعبائها، فالنوبابرتية، وكما تعني الاستئثار بالسلطة، وكما تعني احتكارها، تعني في بعد من أبعادها طموحات امبراطورية تعني التوسع والاحتلال، وممارسة القوة وإرادة القوة.
والرجل لديه من البونابرتية شقها الأول ونعني أوهام البونابرتية، أما إرادتها وقوتها، فهي مادة ثانوية وستبقى ثانوية، ذلك أن خيال الرجل أكبر من ساقيه، وساقاه أضعف من حمل أوهامه.
حين تكون المعادلة على هذا النحو، فلذلك نتجية واحدة، والنتيجة:
رأس أرنب وجسد ديناصور.
وكان هذا أحد الأسباب الرئيسة لانقراض الديناصور.
فكيف سيكون الحال إذا كان حتى الرأس من حصة “حزب الله”، الذي يملي الشرط تلو الشرط على الجنرال الرئيس؟
ستكون النتيجة:
ـ وزير خارجية على شاكلة شربل وهبة:
ـ وزير خارجية يبصق، ثم يلحس بصقته.