وسط تقارير حول شبكات تهريب دولية في المنطقة.. مصر تراقب حركة الأموال في البلاد
مرصد مينا – هيئة التحرير
أصدر محمد معيط، وزير المالية المصري، قرارًا ينص على حظر إدخال النقد المصرى والأجنبى والأوراق القابلة للتداول لحاملها أو إخراج أي منها من خلال الرسائل أو الطرود البريدية.. وفق ما نشرته جريدة “الوقائع المصرية” فى عدد الأربعاء الماضي.
قرار الوزير استند القرار إلى نصوص قانون الجمارك، وقانون مكافحة غسل الأموال، وقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد، وكذلك قرار وزير المالية رقم 399 لسنة 2010، الخاص بتنظيم إجراءات الإفصاح للقادمين إلى البلاد والمغادرين لها.
المركزي يتدخل
يعمل المركزي المصري على قانون البنوك الجديد، بانتظار وضع لائحته التنفيذية تمهيدًا لإصدارها الشهر المقبل، حيث تحدد قيمة النقد المسموح به للمسافرين سواء القادمين إلى البلاد أو المغادرين لها، وهو ما لا يجاوز 10 ألاف دولار أو ما يعادلها من العملات الأجنبية و10 ألاف جنيه مصري، مع حظر تداولها عبر الطرود البريدية، للسيطرة على عمليات تهريب العملة وغسيل الأموال.
عقوبات رادعة
وضع القانون عدد من العقوبات الرادعة، لضمان الالتزام بالشروط التي حددها المصرف المركزي حيث تطبق على مخالفيها، وتشمل السجن مدة لا تقل عن 3 أشهر بالإضافة لغرامة لا تقل عن المبلغ المالي محل الجريمة، ولا تزيد عن أربعة أمثال ذلك المبلغ، أو بإحدى العقوبتين، مع مصادرة المبالغ والأشياء محل الجريمة، فإن لم تضبط يحكم بغرامة إضافية تعادل قيمتها.
استثنى القانون النقد الأجنبي المحول من الخارج لحساب السفن الراسية بالموانئ المصرية من تلك الشروط، شرط أن يتم ذلك وفقًا للقواعد والإجراءات التي يحددها مجلس إدارة البنك المركزي.
يذكر هنا أن الرئيس المصري، اعتمد قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي الجديد رقم 194 لسنة 2020 والذى وافق علية مجلس النواب، برئاسة الدكتور علي عبد العال، خلال جلسته العامة، نهائيا يوليو تموز الماضي، بعد التصويت عليه وقوفا وتوفر أغلبية ثلثي أعضاء المجلس للموافقة على القانون.
يتضمن القانون 242 مادة بخلاف مواد الإصدار، مقسمة إلى 7 أبواب، منها أن البنك المركزي المصري، هو جهاز رقابي مستقل له شخصية اعتبارية عامة، يتبع رئيس الجمهورية، ويتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري، ويؤخذ رأيه في القوانين واللوائح ذات الصلة بعمله، ويهدف البنك المركزي إلى سلامة النظام النقدي والمصرفي واستقرار الأسعار في إطار السياسة الاقتصادية العامة للدولة.
رقابة ورد
اعتبر، مصطفي ابو زيد، مدير مركز مصر للدراسات الاستراتيجية والاقتصادية، في حديث مع “صدى البلد” (محلي مصري) أن اصدار وزارة المالية قرارًا بحظر ادخال النقود والأوراق المالية القابلة للتداول، داخل الرسائل الجمركية أو طرود البريد التي ترد عبر الموانئ و المطارات، يؤكد دور الحكومة في احكام الرقابة على عمليات تداول الأموال وتهريبها لخارج البلاد.
ليوضح أبو زيد أن هناك حرية لعمليات انتقال الأموال سواء عبر المطارات والموانئ بالنسبة للسياح و المسافرون المصريين الي الخارج، بشرط الإفصاح عما يتم حمله من تلك النقود أو الأوراق المالية والشيكات وغيرها ، وفقا لحدود معينة من تلك النقود .
ووفق الخبير فإن البنك المركزي المصري ينظم عمليات انتقال الأموال عبر الحسابات البنكية سواء المحلي منها أو الدولية بغرض إحكام الرقابة علي تداولات النقد ومنع دخولها في نطاق عمليات التهريب أو تمويل العمليات الإرهابية و غسل الأموال .
أما إجراء الوزارة – بحسب مدير مصر للدراسات- هو عمل تنظيمي ولا يعني منع المسافرين من حمل النقود أو ما يوازيها ولكن بحدود وضوابط أسوة بما تقوم به البلدان الاخري لحماية اقتصادها.
عالميًا .. البنوك متورطة
فضح الموقع الأميركي Buzzfeed News، ملفّات مسرّبة من شبكة مكافحة الجرائم المالية الأميركية (FinCEN)، تؤكّد سماح بعض أكبر البنوك في العالم، للمجرمين، بنقل أموال قذرة (Dirty Money) حول العالم، بقيمة 2 تريليون دولار من أموال المخدرات والجريمة والتجارة الغير مشروعة (على غرار وثائق بنما) التي سلّطت الضوء في العام 2016 على عمليات إخفاء حركة الأموال حول العالم، في ظل ارتفاع معدلات التهرب الضريبي وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب.
ونشر موقع BuzzFeed News الأمريكي بالتعاون مع الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (ICIJ) مئات الوثائق الحكومية المسربة تحت عنوان “ملفات فنسن” (FinCENFiles).. في عملية كشف “غير مسبوق” لـ “الفساد المالي العالمي والمصارف الشهيرة التي تُمكّنه”.
تدفقات في كل العالم
تُظهر الملفات تدفقات المال القذر في جميع أنحاء العالم، وأسماء شهيرة من المحركين الرئيسيين لهذه العمليات التي تتحايل على قوانين تجريم غسل الأموال والعقوبات على الإرهاب.
كما تكشف الوثائق تواطؤ العديد من المصارف المعروفة داخل الولايات المتحدة الأمريكية وبعض أبرز أقوى الأنظمة المالية في العالم مثل ألمانيا وبريطانيا في السماح لأعداد من المهربين والإرهابيين والسياسيين الفاسدين والأوليغارشية السيئة السمعة في جمع مبالغ طائلة للشبكات الإجرامية وجني الأرباح.
من المصارف المتورطة التي ذكرتها الوثائق “نيويورك ميلون”، و”ستاندرد تشارترد”، و”جي بي مورجان تشيس”، و”باركليز”، و”إتش إس بي سي” و”دويتشه بنك”، والأخير هو أكبر مؤسسة مالية في ألمانيا وأحد أكبر المقرضين للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويُشكّل مثلت هذه المصارف مجتمعة أكثر من 85% من تقارير النشاطات المشبوهة الواردة في التسريبات. مع ذلك، زعمت المصارف المشار إليها أنها قامت بدورها في التزام الإجراءات القانونية لمكافحة المعاملات المالية القذرة المحتملة.
ونقلا عن وثائق سرية قدمتها بنوك إلى الحكومة الأميركية إن عدة بنوك عالمية حولت مبالغ ضخمة من أموال قد تكون غير مشروعة على مدى نحو 20 عاما رغم تحذيرات بشأن أصول هذه الأموال.
استندت التقارير إلى وثائق مسربة عن أنشطة مشبوهة رفعتها مصارف وشركات مالية أخرى إلى شبكة مكافحة الجرائم المالية بوزارة الخزانة الأميركية.
مصارف في المنطقة
تورطت البنوك اللبنانية بعمليات تهريب الأموال، في الوقت الذي تحجز فيه ودائع اللبنانيين او تعطيهم إياها بالليرة اللبنانية وعلى سعر صرف وهمي لا يمثل قيمة أموالهم الحقيقة.. وبحسب الوثائق المسربة التي تم تناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فان المصارف المتورطة بفضيحة “Fincen”، هي: “عودة” ، “فرست ناشيونال بنك”، “فرانس بنك”، “سوسيتيه جنرال” و”بيبلوس “، بنك بيروت”.
حيث أفادت الملفات.. أنه بين آذار/ مارس عام 2013 أبريل عام 2014، ذهب نحو 50 مليون دولار من الأموال غير المشروعة إلى شركة هي جزء من منظمة الباكستاني “ألطاف خاناني” لغسل الأموال، والتي تشمل عملاء حزب الله اللبناني وطالبان وعصابات المخدرات المكسيكية، وفقًا للحكومة الأمريكية.. (حُكم على خاناني بالسجن 68 شهرًا عام 2017 بتهمة غسل حوالى مليون دولار).
التسريبات أشارت كذلك إلى تورط فرع “دويتشه بنك” في موسكو مع شركات وهمية مرتبطة بالجريمة المنظمة، وبرنامج الأسلحة السوري.
بالإضافة لما فضحته من تحويلات مصرفية مشبوهة أجريت لمصلحة تنظيم داعش إبان سيطرته على مناطق واسعة من العراق بلغت قيمتها أربعة مليارات من الدولارات الأمريكية بين عامي 2014 و2015.
مصر حاضرة عبر أبناء الرئيس
تعلق أحد الملفات المشهبوهة بـ جمال، بنجل الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك.. فأشارت التسريبات أنه أدار حساباً في مصرف “بي أن سي” الأمريكي، فترة وجوده في السجن على خلفية شبهات فساد وإساءة استخدام السلطة في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2011 وذلك عبر شركته MED-INVEST LTD.
حيث تظهر إحدى الوثائق كيف أدار جمال من سجنه تحويلات ضخمة، إذ أٰرسلت إلى شركة MEDICAL INNOVATIONS & TECHNOLOGIES خلال أسبوعين في الفترة نفسها عبر أربع حوالات بلغ مجموعها 422.797.02 دولار.