وسط خلافات على القيادة..مخاوف من إنهاء الدور السياسي للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا
مرصد مينا
يشهد المجلس الأعلى للدولة في ليبيا توتراً متصاعداً، حيث يخشى بعض أعضائه من فقدان دوره السياسي لصالح كيانات أخرى، نتيجةً للخلافات المستمرة على رئاسته بين خالد المشري ومحمد تكالة، والتي بدأت قبل ثلاثة أشهر.
وتتنوع مقترحات الأعضاء المتخوفين من استمرار الأزمة، إذ يرى البعض الانتظار لقرار قضائي، كما يطالب بذلك المشري، بينما يفضل آخرون إعادة الانتخابات، وهو خيار يطرحه تكالة.
في المقابل، هناك مجموعة من الأعضاء يقترحون تجاوز الخلافات بين المشري وتكالة كلياً.
الانقسام يعمق الأزمة ويهدد مستقبل المجلس
في هذا السياق، حذر محمد معزب، أحد أعضاء المجلس المؤيدين لإعادة انتخابات المكتب الرئاسي، من أن استمرار حالة الانقسام قد يُحوّل المجلس إلى مجرد “عنوان بلا تأثير فعلي”.
وأشار معزب إلى اتفاق تكالة وعدد من الأعضاء خلال جلسة في أكتوبر الماضي على عقد جلسة أخرى في نوفمبر الجاري لإعادة الانتخابات، لافتاً إلى تجاوب كبير من أعضاء المجلس مع هذا الطرح.
وكانت انتخابات رئاسة المجلس قد شهدت خلافاً بسبب وجود ورقة تصويتية غير قانونية، مما أثار جدلاً حول شرعية الانتخابات. ونتيجة لذلك، دعا المشري خصمه تكالة للجوء إلى القضاء للفصل في النتائج، وقد أصدرت محكمة استئناف جنوب طرابلس حكماً بوقف نتائج انتخاب المكتب الرئاسي.
مخاوف من استغلال الانقسام لصالح أطراف أخرى
ويرى معزب أن البرلمان هو المستفيد الأول من انقسام المجلس الأعلى للدولة، معرباً عن خشيته من محاولة البرلمان الانفراد بالتشريعات المنظمة للعملية الانتخابية دون توافق مع المجلس الأعلى.
من جهته، انتقد ناجي مختار، النائب الأول لرئيس المجلس، دعوة تكالة لعقد جلسة إعادة انتخاب المكتب الرئاسي، مشيراً إلى ضرورة التوافق الكامل بين الأعضاء لضمان مصداقية النتائج. وأضاف مختار أن استمرار الانقسام يعرقل جهود توحيد الحكومة وإجراء الانتخابات.
تطلعات لحل الخلافات عبر جلسة توافقية
وطرح عضو المجلس عادل كرموس خياراً وسطياً، مقترحاً عقد جلسة يترأسها أكبر الأعضاء سناً، تُخصص لحسم آلية إدارة المجلس، سواء عبر انتظار الحكم القضائي أو إعادة الانتخابات.
وأوضح كرموس أن جلسة سابقة دعت إليها المجموعة المؤيدة للمشري حضرها 77 عضواً، ورغم ذلك لم يعترف بها فريق تكالة.
ويشير مراقبون إلى أن تزايد الحديث عن إعادة الانتخابات قد يُخفّف من حدة الخلافات بين المتنافسين، في ظل المخاوف من تهميش دور المجلس الأعلى لصالح المجلس الرئاسي والبرلمان، كما حدث في أزمة المصرف المركزي مؤخراً.
وكانت الانتخابات الدورية لرئاسة المجلس الأعلى للدولة قد شهدت حالة من الجدل، بسبب وجود ورقة انتخابية خلال جولة التصويت الثانية التي جرت بين المشري وتكالة، كُتب عليها اسم الأخير من الخلف؛ ما عُدّ “
مخالفة لقانون انتخاب رئيس المجلس”.
وتمسك المشري برئاسة “الأعلى للدولة”، وأيدت اللجنة القانونية صحة فوزه، وعلى إثر ذلك دعا خصمه الرئيس السابق للمجلس، تكالة، إلى اللجوء للقضاء لإبداء اعتراضه على نتيجة الانتخابات، مؤكداً أنه “سيلتزم بأحكام القانون”.
وفي منتصف الشهر الماضي، قضت محكمة استئناف جنوب طرابلس بوقف ما ترتب عن جلسة انتخاب المكتب السياسي لـ”الأعلى للدولة” في أغسطس الماضي.
ويعد “المجلس الأعلى للدولة” بمثابة جسم تشريعي ثانٍ للبلاد، حيث إنه يشترط وفقاً لبنود الاتفاق السياسي (الصخيرات)، الموقَّع نهاية عام 2015، توافُقه مع البرلمان حول الدستور وكل القوانين المتعلقة بالعملية الانتخابية.