وضع العنصر النسائي في سوق العمل الذكوري في إيران
أصدرت وكالة أنباء «إرنا» في ١٧ كانون الثاني/ يناير ٢٠١٩ تقريراً وصفت فيه سوق العمل في إيران بأنه سوق ذكوري. ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أفادت وكالة أنباء «إرنا» بأن معدل مشاركة المرأة في سوق العمل الإيراني عام 2017 كان 16.8% فقط، وهو معدل منخفض للغاية مقارنة بمعدل مشاركة الرجال البالغ 71.4 % في العام نفسه. وفي الوقت نفسه، وفقاً لتقرير وكالة أنباء إيسنا في ١٣ كانون الثاني/ يناير ٢٠١٩، أكدت «ليلا فلاحتي»، وهي عضو في مكتب شؤون المرأة والأسرة في مؤسسة رئاسة الجمهورية قائلة: معدل مشاركة النساء في أكثر الحالات تفاؤلاً هو 17%، ومن هذا المنطلق إيران متأخرة عن القوى الاقتصادية الإقليمية كلها. وبالنظر إلى الإفلاس الاقتصادي في إيران، والجيش المتنامي من العاطلين عن العمل، فإن مثل هذه التقارير التي تتحدث عن نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة تبدو كأنها تلاعب بالأرقام أكثر من كونها انعكاساً للواقع، ويجب الافتراض أن الأرقام الفعلية أقل كثيراً مما أعلن رسمياً.
- عدم تكافؤ في فرص العمل بين الجنسين:
يؤكد مركز الإحصاء الإيراني الذي ينشر سنويا نتائج «إحصاءات القوى العاملة»، وجود عدم مساواة بين الجنسين في سوق العمل في إيران على مدى 10 سنوات من عام 2008 حتى عام 2017. ووفقاً لحسابات البنك المركزي، فإن معدل مشاركة الرجال يقارب 86%، ويزيد على أربعة أضعاف معدل مشاركة النساء الذي يعادل نحو 14%. وتظهر هذه الاحصاءات أيضاً، أنه من بين كل 100 شخص عامل في السنوات العشر الماضية، كان هناك 86 رجلاً و14 امرأة، ما يشير بوضوح إلى أن سوق العمل في إيران ذكوري. ووفقاً لتقرير وكالة أنباء مهر الحكومية في ٢٣ كانون الثاني/ يناير ٢٠١٩، تبين الدراسات التي أجراها مركز الإحصاء والمعلومات الاستراتيجية لوزارة العمل وجود عدم تكافؤ في وصول الرجال والنساء إلى الوظائف المأجورة. ووفقاً لهذه الدراسة الاستقصائية، كانت حصة الرجال 82.7% وحصة النساء 17.3% فقط من العمل المأجور والرواتب، ما يشير إلى أن حصول الرجال على فرص العمل أعلى بخمس مرات من النساء.
- معدل بطالة النساء
ووفقاً للإحصاءات الصادرة عن مركز الإحصاء الإيراني، فإن معدل بطالة النساء في إيران ينمو بسرعة أكبر مما ينمو فيها معدل بطالة الرجال. ووفقاً لتقرير وكالة أنباء إيسنا الحكومية، كانت اللجنة الخاصة لحماية الإنتاج المحلي ورصد تنفيذ المادة 44 من الدستور قد تحدثت في تقرير صدر يوم 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018 قائلة: «إن معدل البطالة بين الشباب المتعلمين يراوح بين 50٪ و63٪، ويبلغ معدل البطالة للشابات المتعلمات 78٪. وهناك أرقام مقلقة تشير إلى وضع سيئ للغاية في سوق العمل». وفي وقت سابق، أعلنت وكالة أنباء مهر الحكومية في ٢ كانون الثاني/ يناير ٢٠١٦، أن معدل بطالة النساء دون سن 30 عاماً يبلغ 85.9 %. ووفقا لتقرير موقع اقتصادانان الحكومي في 13 أغسطس 2015، يشير معدل البطالة الرسمي للفئة العمرية من 15 إلى 24 عام 2014 إلى أن معدل بطالة النساء في بعض المحافظات الإيرانية يزيد على 60٪.
- تسريح النساء وإقصائهن من العمل
وفقا لتقرير وكالة أنباء «إرنا» الرسمية في 6 أيلول/ سبتمبر 2015، اعترف نائب وزیر التعاون والعمل الاجتماعي، أبو الحسن فیروز آبادي بأن 100 ألف امرأة يسرحن من العمل في كل عام. وتشير مصادر أخرى إلى أنه جرى طرد ما لا يقل عن 90,000 امرأة خلال السنوات العشر الماضية. وأكدت «فاطمة صادقي» أستاذة جامعية وعضو في هيئة التدريس بجامعة «إعداد المعلمين» في مقابلة مع وكالة أنباء فارس الحكومية يوم 16 حزيران/ يونيو 2015 قائلة: بالنظر إلى وضع توظيف المرأة في السنوات العشر الماضية، نرى أنه جرى طرد ما يقارب 100.000 امرأة من سوق العمل. ووفقاً للإحصاءات الرسمية، طُرِدت 74.000 امرأة بعد حصولهن على إجازة أمومة، لذا من الممكن القول إن ما مجموعه 90,000 امرأة قد طردن وأصبحن عاطلات عن العمل خلال هذه المدة. ووفقاً لتقرير موقع نادي المراسلين الشباب الحكومي في 4 أيار/ مايو 2017، فقد قدم «حسن روحاني» الرئيس الحالي للنظام خلال الحملة الانتخابية الرئاسية تقريراً جديداً بشأن تسريح النساء من دورة العمل، وقال: «بين أعوام 2004 و 2014، كان ما يقارب 670،000 من نسائنا عاطلات عن العمل». ووصف موقع «دنياي اقتصاد» الحكومي في 2016 معدل توظيف النساء بأنه يأخذ «سيراً عكسياً»، مضيفاً أن معدلات توظيف النساء في إيران هي أدنى مستوى في العالم.
- وضع النساء المتعلمات
«سوسن باستاني» نائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في مؤسسة رئاسة الجمهورية المعنية بشؤون المرأة والأسرة، اعترفت في مقابلة مع وكالة أنباء «إيسنا» الحكومية في 13 شباط/ فبراير 2016، أنه خلال العشرين سنة الماضية تخرجت مليونا فتاة من الجامعات في البلاد، وهو ما يمثل 60 % من إجمالي الخريجين في البلاد، ومع ذلك ارتفع معدل البطالة بين النساء الإيرانيات. وأظهرت دراسة في هذا المجال أن 52% من النساء المتخرجات من الجامعات والكليات «غير ناشطات اقتصادياً» وهو مصطلح يستخدم بدلاً من العاطلين عن العمل. (موقع منظمة مجاهدي خلق الإيرانية – 20 حزيران/ يونيو2017). وتعدّ النساء ذوات التعليم العالي «شريحة جديدة» في المجتمع الإيراني، ولكن هن إما عاطلات عن العمل أو مجبرات على العمل في وظائف متدنية الأجور. وقد خرجت كثيرات من النساء المتعلمات من الجامعات، واضطررن إلى العمل في بسطات الشوارع، أو كن يعملن في المطاعم، أو سكرتيرات في المكاتب برواتب تساوي ثلث الحد الأدنى للأجور. ويعمل بعض النساء الحاصلات على شهادة الدراسات العليا في ورشات اللحام، وتعمل متعلمة أخرى في فرع الغرافيك عاملة بسيطة. وقد نقلت صحيفة «شهروند» الحكومية يوم 7 تموز/ يوليو 2018 قصص بعض النساء المتعلمات اللاتي أجبرن على العمل في مكان لا يتطابق مع مستوى دراستهن وشهاداتهن. وتتقاضى هؤلاء النسوة فقط 150 ألف تومان شهرياً، بينما حدد المجلس الأعلى للعمل الحد الأدنى للأجور في عام 2018، بـ 930 ألف تومان. وتعمل «مريم»، وهي خريجة في العلوم السياسية، في متجر لبيع الفلافل مدة 6 أشهر من الساعة الثالثة ظهراً حتى منتصف الليل، وتتقاضى راتباً شهرياً قدره 150 ألف تومان. وتعمل «شهناز» وهي خريجة في هندسة الكمبيوتر 9 ساعات ونصف الساعة في اليوم في شركة تأمين، حيث تتقاضى 300 ألف تومان شهرياً. وتعمل صديقة «شهناز» التي حصلت على البكالوريوس في المحاسبة، 10 ساعات ونصف الساعة في اليوم في متجر في مجال المحاسبة، وتتقاضى 200 ألف تومان في الشهر. وبالنظر إلى ما ذكر آنفاً، يمكننا الاستنتاج بوضوح أن سوق العمل في إيران، هو سوق ذكوري، فمعدل مشاركة المرأة الإيرانية في هذا السوق لا يتجاوز 17%، ثم إن العنصر النسائي الإيراني لا يتمتع بفرص متكافئة للوصول إلى فرص العمل المتاحة، فضلاً عن أن معدل بطالة النساء في ارتفاع متزايد بالتزامن مع ارتفاع معدل البطالة العام في البلاد، وهذا الأمر فرض على النساء الإيرانيات وبخاصة المتعلمات منهن العمل في مجالات ذات أجور متدنية جداً لا تتلاءم مع وضعهن التعليمي والاجتماعي أبدا. وهذا كله يعود إلى سوء الإدارة وسياسات التمييز المتبعة ضد المرأة، والفساد المستشري في الحكومات الإيرانية المتعاقبة التي فشلت في إيجاد فرص عمل ملائمة لأبناء الشعب الإيراني، في بلد يعد من أغنى بلاد المنطقة بالثروات الباطنية. مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي “مينا” حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.