وقد اعتقلت فائزة رفسنجاني
أن تُعتَقل فائزة رفسنجاني، فلهذا دلالات كبيرة، أولها أن الشرخ وصل صلب المؤسسة الدينية الإيرانية، وثانيها أن النظام الإيراني وصل إلى ذروة المأزق حتى تجرأ على اعتقال سيدة هي ابنة علي أكبر هاشمي رفسنجاني، أما الثالثة فهي أن الثورة في إيران قد امتدت لتحمل كل الناس، بمن فيهم أبناء النظام ما يبشّر بانشقاقات كبرى داخل منظومات الملالي، وقد تحدث في الغد إن لم تحدث االيوم.
السيددة رفسنجاني اعتقلت بتهمة “تحريض مثيري الشغب في شرق البلاد”. وهذه لغة النظام الذي يرى في مطلب الحرية والخبز “شغبًا”، فيما إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين “نظامًا” و”فضيلة”.
هاشمي، نائبة سابقة وناشطة في مجال حقوق المرأة، خاضت مواجهات سابقة مع سلطات تنفيذ القانون في الجمهورية الإسلامية، وهي ناقدة صريحة لنظام الحكم هناك.
وفي يوليو / تموز، وجهت إليها تهمة القيام بأنشطة دعائية ضد البلاد والتجديف في تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، بحسب ما قاله القضاء في ذلك الوقت.
وبحسب ما ورد قالت هاشمي إن مطالبة إيران بإزالة الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأمريكية “تضر” بـ “المصالح الوطنية” للبلاد، وفقا لتقارير إعلامية في ذلك الوقت.
سبق وأن أدلت هاشمي بتعليقات منفصلة بخصوص السيدة خديجة زوجة النبي محمد، وبحسب ما ورد وصفت السيدة خديجة بأنها “سيدة أعمال”، مما يدل على أنه يمكن للمرأة أيضا أن تنخرط في النشاط الاقتصادي، وقالت أيضا إن الرسول أنفق أموالها، وكان هذا القول وسابقه للتأكيد بأن “المرأة” فعل وخلق ودور لانصف عقل ولا نصف دين.
ليس هذا هو الاعتقال الأول للسيدة رفسنجاني ففي عام 2012، حُكم عليها بالسجن ستة أشهر بتهمة “الدعاية ضد الجمهورية الإسلامية”، غير أن اليوم قد يختلف عن الأمس، ففي الأمس كانت رفسنجاني ظاهرة اعتراضية مفردة، أما اليوم فهي جزء من طوفان الصبايا الإيرانيات اللواتي صرخن:
ـ الموت للمرشد.
متأسلمو الشرق، خصوصًا من العرب، والذين تجمعهم “الأخونة”، توحدوا بمواجهة الثورة في ايران والتي تأخذ طابعًا علمانيًا، وتتجه نحو توليد دولة المواطنة ما بعد “دولة الفقيه”، .. هذا عن صمتهم، أم بوحهم فبلا أدنى شك فما زال في الموقع المضاد لثورة الصبايا، لتكريس “الفقيه”، وفي الوقت ذاته رُبِط لسان تيارات يسارية لحساب حياد لايعني في حياديته سوى الإذعان للفقيه ودمويته وسلاحه وقتل المتظاهرين في شوارع طهران والمدن الإيرانية وقد امتدت ثورتهم لتطال جميع أرجاء إيران، وكل ذلك يتزامن مع قطيعة إعلامية تعبيرها في محطة الجزيرة التي تتجاهل مايحدث في طهران، فيما كان بثها الحي يذهب إلى أقاصي أحداث العالم.
ما يحدث يؤشر للكثير، ومن الكثير هو وحدة التيارات االإسلامية بمواجهة الحريات، الحداثة، المواطنة، وتلك النوبات الهستيريائية التي يصابون بها إذا مانطقت كلمة “ديمقراطية”.
اليوم يصح القول:
ـ هنا الوردة.. وردة الحرية وإعلاء صوتها.
وهناك الضواري الذين يتحدون كما لم يتحدوا يومًا على إطفاء شعلتها.
ثورة صبايا إيران تكشف الغطاء.
ليس ثمة غطاء بوسعه تدارك الفضيحة.. أقله فضيحة صمت اليسار حين يتوجب عليه أن يناصر ثورة بمواجهة دولة شعارها القتل، حتى لم يعد بوجه ضحاياه سوى الهتاف:
ـ الموت للمرشد.