ومن الحب ماقتل
أخيرًا ستؤيدنا العلوم الحديثة، ومن بينها علم الجريمة بأنه “من الحب ماقتل”، أقله ماحمله كتاب نشره مجموعة من الأطباء النفسيين بجامعة أكسفورد تحت عنوان “باسم الحب: التفكير الرومانسي وضحاياه”.
في الكتاب يشير الأطباء إلى أن التفسيرات السائدة لقتل الرجل لزوجته، دائمًا ما تشير إلى التملك الذكوري والغيرة، أو تطور طبيعي للسلوك العنيف للزوج، والذي يكون قد استمر فترة طويلة في الماضي، ولكن النظرية التي يطرحها هذا الكتاب أن هناك دافعًا آخر وهو الحب.
بعد مثل هذا الكلام سنطمئن بأن شيماء جمال، لبنى منصور، إيمان ارشيد، ونيرة أشرف هن ضحايا “الحب”، وكلهن قتلن خلال الأيام القريبة الماضية في سلسلة من عمليات قتل النساء، ونفذها بشكل انتقامي، أشخاص إما كانوا أزواجا للضحايا، أو رفضت النساء القتيلات الارتباط بهم.
القتل المتتالي للنساء في المنطقة العربية، زوجات كن أو مرشحات لمشروع ارتباط من قبل القتلة، يطرح قضية إنسانية مهمة، يلخصها السؤال:
ـ لماذا يقدم الرجال على قتل زوجاتهم، أو المرأة التي يسعون للارتباط بها؟
خبيرة بريطانية في علم الإجرام واسمها جين مانكتون سميث، نشرت في دراسة سابقة بحثت خلالها في 372 جريمة قتل، وقعت في المملكة المتحدة، إن هناك نسقا يتكون من ثماني مراحل يمر بها الرجل قبل أن يقدم على قتل شريكة حياته.
أما هذه المراحل التي اكتشفتها جين عبر دراسة معظم حالات القتل بين الأزواج فهي:
ـ تاريخ من الملاحقات أو المضايقات قبل الارتباط.
ـ تسارع وتيرة العلاقة الرومانسية والدخول في علاقة جادة.
ـ نزعة إلى السيطرة السلوكية تتحكم في العلاقة.
انطلاق مسيرة السيطرة وصولا إلى الانتقام أو القتل
ـ التخطيط؛ وشراء سلاح أو تحيّن الفُرص للانفراد بالضحية.
تنفيذ الجريمة؛ بقتل الشريكة (أو الشريك) .
تلك هي المراحل التي يمر بها القاتل، وكلها وفق الباحثة البريطانية تأخذ طابعًا سيكولوجيًا صرفًا، بما يعني أن للجريمة بعد سيكولوجي وهو ما سيغفل الكثير من الأسباب التي تتصل بهذا النوع من الجرائم خصوصًا في بلدان “عالم ثالث” التمية فيه معاقة، وفرص العمل فيه محدودة، وانسداد آفاق المستقبل هي الصيغة الصريحة، والأهم من هذا وذاك سطوة الاستبداد بما يجعل العنف هو الصيغة المعمول بها لا في الجنس فحسب، بل بمجموع ما يتصل بالحياة، ليكون الإنسان “الملغى” وكان الالماني كارل ماركس قد قال “إن شعبًا يضطهد شعبًا ليس حرًا”، وهو كلام ينطبق على الافراد بما يفسح المجال للقول بأن “فردًا يضطهد فردًا ليس حرًا” وتلك هي خلاصة الإنسان المقتول الذي يتحول إلى قاتل، كما يحيل السجين إلى سجّان، ويحوّل الإنسان إلى اللحم والناب معًا.
مع كل جريمة قتل يتعالى التنديد والاحتجاج خصوصًا من المنظمات والاصوات النسوية، في إحالة الجريمة إلى بعد أخلاقي فقط مع اقتراحات حلول غالبًا ما تبدأ باقتراحات اولها الإعدام.
للقصة بعد آخر، كان ينبغي أن يُرى:
ـ البعد باختصار هو :
هذا القاتل، هل كان قتيلاً ما قبل اقتراف جريمته.
هو الامر كذلك.
ومن الحب ماقتل.