يبشروننا بالمجاعة ؟!!
الامين العام لهيئة الأامم المتحدة يحذّر من مجاعة عالمية، ويقول بالحرف”الحرب في أوكرانيا تهدد بدفع عشرات الملايين من الناس إلى حافة انعدام الأمن الغذائي وما يترتب عليه من سوء التغذية وجوع جماعي بل ومجاعة”.
لانعرف على وجه التحديد أيّ عالم يقصد الرجل، أهو العالم “الجائع” سلفًا، أم عالم “الرفاه” الذي سيجوع؟
نعرف أن العالم “جائع” والعالم الذي نقصده هو بلاد في الشرق الأوسط، وأخرى في القارة السمراء، ولابد أن دولاً آسيوية وشعوبًا نالت منها المجاعة في الماضي واليوم وغالبًا سيستمر الجوع فيها إلى الغد وما بعده.
في بلد مثل سوريا، بلغت المجاعة اليوم، أن باتت غالبية السكان تقضي نحبها بالهزال وأحيانًا بالانتحار، وهي البلد الذي صدّر في ماضيه من قمحه القاسي مايكفي لإطعام العالم الثالث قمحًا، وفي بلد مثل العراق، يتآكل الجوع الناس، وهي بلد النهرين والنفط والقمح، بل وبلد المئة ألف عالم، وحين يأتي الحديث عن السودان فقد لقبت بسلة الغذاء العالمي، وهي اليوم بلا سلّة غذائية لافي شماله ولا في جنوبه، وحتى بلد مثل لبنان تحصده المجاعة، دون نسيان أنه بلد المكتبة والميناء والمتوسط بما يعنيه هذا البحر من كونه مورد اقتصادي هائل كما هو منبع للقصيدة وتأملات الشعراء.
العالم مهدد بالمجاعة، ولابد أن مجرد “تذكّر” كلمة مجاعة، وفي هيئة محترمة كما هيئة الأمم المتحدة، تعني أوروبا حصرًا، فالعالم هو “أوروبا” و” أمريكا”، اما بقية الأمم فهي من ملحقات العالم ولابأس إن جاعت بالأمس واليوم وفي كل يوم.
العالم سيتعرض لمجاعة بما يعني أوروبا حصرًا، فالأرقام تقول بأن روسيا وأوكرانيا تنتجان 30 بالمئة من إمدادات القمح في العالم، وقبل الحرب، كان يُنظر إلى أوكرانيا على أنها سلة خبز العالم، حيث كانت تصدر 4.5 مليون طن من المنتجات الزراعية شهريا عبر موانئها، وجاءت الحرب وانهارت الصادرات وارتفعت الأسعار بشكل كبير. وزاد في الطين بلة أن الهند حظرت صادرات القمح ليضاف إلى ازمة القمح ماعلق في أوكرانيا منذ موسم الحصاد السابق.
الألمان لابد كانوا أكثر عدالة في الشكوى من المجاعة، أقله أنهم تذكروا على لسان وزيرة خارجيتهم أن الملايين كانوا يتعرضون بالفعل لتهديد الجوع، لا سيما في الشرق الأوسط وأفريقيا، ورغم أن عدد الأشخاص الذين يواجهون انعدام الأمن الغذائي كان يتزايد حتى قبل الغزو، اتهمت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك موسكو بجعل الوضع الصعب أسوأ.
ـ مجاعة بسبب الحرب؟
لنستعيد القصة التالية:
ثمة من يقول أن اغتيال الملك الراحل فيصل، ملك العربية السعودية، جاء بعد عزم بلاده على الالتفات لزراعة القمح، حتى أنه تلقى رسالة صريحة من هنري كيسنجر “القمح خط أحمر”، ويوم أدرك السادة الأمريكان عزم الرجل على إعطاء القمح اولوية تساوي اولوية النفط اغتالوه.
في بلد مثل سوريا، تصحّرت مساحات كبرى من الأراضي الزراعية يوم أهدى الفرنسيون الحكومة السورية، وكان ذلك منتصف الثمانينيات، يوم أهدوها مبيدات حشرية تبين فيما بعد أن تميت التربة، ويستعصي بعد استخدامها زراعة القمح، وكانت طائرات رش المبيدات تسرح وتمرح في حقول الجزيرة السورية.
في التاريخ القريب، بل والقريب جدًا، كانت السفن الأمريكية تغرق ملايين من أطنان القمح في البحار، لتحافظ على أسعاره في لعبة التنافس على القمح.
اليوم بات العالم مهددًا بالمجاعة إن أقفلت الموانئ الاوكرانية، وإذا تمنع الرئيس الروسي عن تصدير قمح بلاده.
يحدث ذلك فيما سلال القمح العالمي مثل السودان، وسوريا، وكذلك العربية السعودية ترى في القمح “مادة ثانوية” في حقولها.
تصحير في السودان.. تسميم الأراضي السورية، واغتيالات لمن يرى في القمح “سر الله في خلقه”.