يتّجون ملوكهم بالقنابل الصوتية.. نتوّجهم بالذخيرة الحيّة
يتوّجون ملوكهم بالقنابل الصوتية، ونتوّجهم بالذخيرة الحية.. اليس كلامًا لافتًا يحمل على التامل ومن ثم الوجع؟
هذا عن التتويج أما عن الرحيل، فبالوسع القول، يرحلون بهدوء وموسيقى وورود ويقابلهم من يرحلون بـ “كسر الجرار” والاغتيال وحفلات الإعدام؟
رحلت ملكة بريطانيا، وكان أن أقام لها البريطانيون وحكومات الكومنولوث “56” دولة مراسم عزاء هادئة، تحمل القليل من الدموع ولكنها لم تحمل نقطة دم واحدة.
وعلى مسافة أمتار، أمتار فقط، في أفريقيا، وفي الشرق الاوسط والمشرق العربي، يرحل الزعماء بالخناجر كما يأتون بالخناجر، وهاهي مشاهد إعدام صدام حسين تحضر، وكذا مشاهد معمّر القذافي، ومن قبلهما أنور السادات، ومن لم يرحل بالخنجر، تمنى له شعبه حفلة خناجر، لا لشئ سوى لأنه جاء بالخنجر ومن يأتي بحافلة لابد ويعود بها.
أمر يدعو إلى الحسد بالإضافة إلى التأمل، ويدعو للغيرة كذلك، ومعهما الغيرة والتأمل يتساءل سكّان العالم الثالث:
ـ ما الذي حملته الزراعة بالدماء سوى الحصاد بالدماء؟
يحدث ذلك، ولا تحوّلاً ممكنًا أو مرئيًا، فالكل يحمل الكراهية للكل، حتى باتت الكراهية وحدها الزراعة المعتمدة لبلاد تعاني مجاعات القمح، وقد كانت ذات يوم من أراضي القمح.
كيف نقول ذلك؟
نقوله حين نعلم أن بلدًا مثل سوريا وحتى منتصف خمسينيات القرن الفائت كانت قادرة على إطعام العالم الثالث قمحًا، وهاهي اليوم وقد باتت جائعة ومطاردة ومطرودة وكل من فيها هو كذلك.. مطارِد أو مطرود، ولا سبيل لتصالح مابين بشر لم تربحهم حروبهم، فيما بات السلام كلمة مفقودة من لغتهم، وما على البلاد سوى الرحيل عن البلاد، فإذا ماجاءها حاكم ياتيها بالدم، وإذا مارحل فلن يتقرر رحيله إلاّ بالدم، والدم يهدر الدم.
غيرة؟ نعم.
تامل؟ نعم.
فضاء؟
لافضاءات في عتمة هذه البلدان التي تتوّج قادتها بالذخيرة الحيّة وتودعهم بالذخيرة الحيّة.
ليتنا نتعلم استخدام القنابل الصوتية علّنا نتعلم كيف نصنع المهرجان بعد أن اكتفينا من علوم:
ـ كيف نحفر المقابر.