سورية.. الثورة الثانية
بالأمس، كانت ثورة السوريين وقد انطلقت تحت شعار “كرامة / حرية”، وبالأمس أجهضت ثورة السوريين يوم نبتت لها قيادات (صدفة)، ارتهنت لسياسات الإقليم، والدول، فتحوّلت إلى الموقع المضاد للثورة يوم شاركت السلطة بإجهاض حركة الشباب السوريين، وأحالت الثورة إلى اللعبة الدولية بتناقضاتها وأجنداتها، ومنعت ثوار الميادين من انتاج قياداتهم فسيطرت الفنادق على الخنادق.
وبالأمس، دفع السوريون من الأثمان مالم تدفعه ثورة على مرّ التاريخ المعاصر.. دفعوا من دمائهم ودموعهم ومدنهم المدمرة.
وبالأمس، حدث الإنجاز الكبير:
كان بالوسع أن يتلخص الإنجاز بما يلي:
ـ السقوط الأخلاقي والسياسي للسلطة في سوريا، وغياب أي مبرر لبقائها فيما مبررات محاكمتها بالجرائم ضد الإنسانية واسعة وتستلزم محكمة يمكن أن يطلق عليها محاكمة التاريخ.
ـ السقوط الأخلاقي والسياسي للمعارضات بما يسمح بالقول ىأنها فقدت أي شرط أخلاقي أو سياسي لتلعب أي دور في تمثيل السوريين.
نتيجتان بالغتا الأهمية، جعلت من سوريا اليوم صفحة بيضاء، وعلى هذا الصفحة سترتسم ثورة جديدة، ثورة بلا سلطة طاغية، ولا إقليم فاسد، ولا لعبة دولية آخر همها حرية الشعوب واستقلالها وكرامتها.
اليوم، سوريا بمواجهة الثورة الثانية، وفي هذه المرة، ستكون “ثورة الخبز”، و “ثورة الكرامة”، و “ثورة الأمهات الثاكلات”.
سيكون الأمر كذلك فيما أسبابها قد باتت أكثر وضوحًا من أي يوم آخر، أسباب يمكن إجمالها بالتالي:
ـ لم يترك نظام العهر والإبادرة للناس ما يخسرونه، فقد دمر البيت والبستان وأسباب الحياة.
ـ دمر النظام قاعدته الاجتماعية وبيئاته التي ضللها بتخويفها من الحرب الأهلية خصوصًا الأقليات في سوريا، فدفعت هذه البيئات أثمانًا باهضة ليحصد النظام أثمان دماء أبنائها، وها قد بات ثمن الضحية من شباب الساحل السوري “عنزة وساعة حائط”.
ـ تسع سنوات والنظام يمعن في الخصومة مع الناس، كل الناس، من يعتبره صديقًا وحليفًا، ومن يضعه في موقع الخصم.
ـ تضاعف فساد النظام، حتى بات محتكرًا لكل الفساد، ليحرم بقية الفاسدين من شركاء أمسه بفساده، فبات حتى الفاسدون يقفون في الجبهة المضادة له، ويمكن تلمس هذا في المؤسسة العسكرية، حيث بات الفساد محصورًا بجنرالات العائلة وأنساب العائلة وأزلام العائلة.
ولم يبق للنظام مبرر واحد للبقاء.. لا التنمية ولا الصحة ولا المعيشة، فالسوري بات يتضور جوعًا ومن لم تقتله الحرب يقتله الرغيف.
هل ثمة نظام في المعمورة بمن فيها أنظمة الطغيان بلا مبرر ما للبقاء؟
فقط النظام السوري بلا مبرر للبقاء، سوى العنف، والمظلة الروسية / الإيرانية الغارقة في صراعاتها، تلك الصراعات التي لابد وتعلن عن نفسها لتعلن معها انهيار ماتبقى من نظام هو العصابة، وجزافًا نطلق عليه مصطلح نظام.
الثورة الثانية مقبلة.. خطوة .. خطوتان.. ثلاث خطوات وستكون.
ستكون بلا أخطاء الأمس، ولا قيادات من طراز قيادات الأمس ولن تكون مرتهنة للعبة الدول والاقليم.
الثورة الثانية قادمة.
إن لم تكن، فلهذا معنى واحد:
ـ موت سوريا إلى الأبد.
مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي©.