الأردن .. احتجاجات تزداد سخونة

صحيح أن مظاهرات مدينة الرمثا الأخيرة ليست الأولى من نوعها التي يشهد فيها الأردن احتجاجات على الوضع الاقتصادي للبلاد وسياسات الحكومة الاقتصادية، إلا أنها وبحسب من شارك في الاحتجاجات تعكس عجز الحكومات المتعاقبة خلال السنوات الماضية عن إيجاد حل معضلة الاقتصاد التي تعيشها البلاد منذ عقود بعيداً عن جيب المواطن.

من الدوار الرابع وإليه
آخر موجة احتجاجات شهدها الأردن وربما واحدة من أكبرها كانت المظاهرات التي عرفت بـ”اعتصام الدوار الرابع” أمام مقر الحكومة الأردنية، والتي انطلقت أواخر العام الماضي ضد سياسات رئيس الحكومة السابق “هاني الملقي” الخاصة برفع الأسعار وفرض ضرائب جديدة على المواطنين، بالإضافة للمطالبة بإلغاء مشروع القانون المعدل لضريبة الدخل، الأمر الذي اعتبره المحتجون “سرقةً لأموال المواطنين”.

مظاهرات الدوار الرابع أو ما عرف على مواقع التواصل الاجتماعي باحتجاجات “معناش” استمرت عدة أسابيع لتنتهي بالإطاحة بحكومة “هاني الملقي” وتكليف “عمر الرزاز” الذي كان يشغل حقيبة “التربية والتعليم” بتشكيل حكومة جديدة.

حكومة تغيير الطواقي
على الرغم من حالة الهدوء الشعبي التي عقبت تكليف “الرزاز” بتشكيل حكومة جديدة إلا أن الجدل سرعان ما عاد حولها مصطحباً موجة كبيرة من الانتقادات، حيث وصفها مجموعة من الناشطين الأردنيين بما يعرف “حكومة تغيير الطواقي” في إشارة لاحتفاظ العديد من الوزراء في الحكومة السابقة بمناصبهم، ليقتصر التغيير على رئيس الحكومة وبعض الوزراء غير المؤثرين، مما دفع الناشطين لاعتبارها امتداداً لحكومة “الملقي” لاسيما مع اتباعها ذات السياسة في رفع الأسعار والضرائب.

أما عن احتجاجات الرمثا الحالية التي اندلعت إثر قرار حكومة “الرزاز” بتحديد كميات السجائر الداخلة إلى الأردن من سوريا “بكروز” واحد لكل مسافر، فقد غردت حسابات عديدة للأردنيين على مواقع تويتر، عبروا فيها مجدداً عن استيائهم من بقاء الوزراء السابقيين في الحكومة الحالية وحملوهم المسؤولية الكاملة عن ما يجري في البلاد، حيث غرد حساب يحمل أسم “وطن”: “للأسف مشاركة الوزراء الحاليين في حكومة الرزاز عززت كل معاني المهزلة والانحطاط منذ تأسيس الامارة الى اليوم” معتبراً إعادة تعيينهم احتقار وازدراء بماضي وحاضر ومستقبل الاردنيين.

من جهته، غرد الصحفي الأردني “محمد العرسان” قائلاً: “السجائر تشتعل في وجه حكومة الرزاز” في إشارة ضمنية لاحتمالية اتساع رقعة الاحتجاجات ضد الحكومة.

في السياق ذاته، اتهمت الناشطة سمر حدادين في تغريدة على تويتر حكومة الرزاز بمحاولة حل مشاكل الاقتصاد بالتضييق على لقمة عيش الشعب، مضيفةً: “من البداية حكينا خفضوا ضريبة المبيعات والرسوم والضرائب على السلع الغذائية والملابس والمستلزمات الاساسية حركة السوق ستنشط و ترتفع الإيرادات مش تتشاطروا على كروز دخان وقصص تافهة”.

أما الأكاديمي الأردني “سلطان ابراهيم العطين” فقد ذهب إلى المطالبة بخلع “عمر الرزاز” وعدم اسقاطه فقط، مضيفاً: “الذي يستغرب غضب أهل الرمثا الأوفياء وكأنه في الأردن لغرض السياحة، شاهدت بعيون شباب الرمثا قهر الرجال وحزنهم على وطنهم”.

فشل حكومي وعجز عن إيجاد الحلول
المعضلة الاقتصادية في الأردن، لم تنحصر فقط في حكومتي “الرزاز” و”الملقي”، وإنما امتدت لحكومات سابقة على رأسها حكومة “عبد الله النسور” التي واجهت بدورها ما عرف بمظاهرات دوار الداخلية، التي خرج بها الأردنيون احتجاجاً على قرار النسور بإلغاء دعم أسعار المشتقات النفطية ورفع أسعارها بنسب غير مسبوقة، لتمتد المظاهرات وتشمل عدة مدن ومناطق من الشمال إلى الجنوب في أوسع حراكٍ احتجاجي عرفته المملكة خلال السنوات العشر الماضية.

النسور لم يكن أوفر حظاً بكثير من سابقيه في مواجهة المظاهرات الغاضبة من سياسته، فعلى الرغم من أنه الوحيد بين رؤوساء الحكومة المذكورين الذي شكل حكومتين متتاليتين، إلا أن المظاهرات لم تتوقف إلا بإقالته، خاصة مع وصف الأردنيين لقراراته بالصادمة، وهو ما عبرت عنه تغريدة لحساب باسم “محمد عبد الرزاق” على تويتر، حيث تسائل: “السؤال القوي احنا في الأردن شو عملت حكومة الدكتور عبد الله نسور غير رفع الاسعار طوال الفترة الماضية”.

بالأرقام.. اقتصاد غير منتج
بعيداً عن الاحتجاجات، فقد أظهرت دراسات اقتصادية حقيقة ما يعانيه الاقتصاد الاردني كونه اقتصاد استهلاكي غير منتج يعتمد بشكل أساسي على السياحة والخدمات، في حين تتسع الهوة بشكل كبير بين الصادرات المنخفضة والمستوردات الآخذة بالصعود، حيث بلغ حجم العجز في الميزان التجاري بحسب الإحصائيات الرسمية الأردنية خلال الربع الأول من العام الحالي 1928.8 مليون دينار.

إلى جانب ذلك، فإن الأردن يعاني أيضاً من ظاهرة ارتفاع الدين العام الأردني التي أثقلت كاهل الاقتصاد بشكلٍ عام، حيث تخطت المديونية حتى منتصف العام الحالي حاجز 40.3 مليار دولار، في وقت وصلت فيه معدلات البطالة إلى 18.7 في المئة.

مرصد الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الإعلامي