هل أصبح الجيش الوطني السوري “مرتزقا” بيد الأتراك؟
800 قتيلٍ وفقاً لتقارير محلية، سقطوا في المدينة، التي كانت تسمى مجازاً بـ”المحررة”، قبل أن تتحول إلى ورقة تفاوضية تركية، تقايض بها حكومة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” مصالحها، التي قد تتعدى في بعض الأوقات حدود سوريا الجغرافية، لتعبد بذلك طريق التحالف الروسي – التركي بدماء السوريين، وفقاً لمعلقين وناشطين معارضين.
يقول ناشط سوري “رفض الكشف عن هويته”: “إن كان طريق نصر الله إلى القدس، قد مر من حمص وحماة ودمشق، فإن طريق أردوغان إلى أمجاد الباب العالي والسلطنة العثمانية ومنظومة إس 400 الصاروخية، مر فوق جثث السوريين وأوجاعهم وقهرهم”، لافتاً إلى أن الفرق الوحيد بين “نصر الله” وإيران من جهة، وبين “أردوغان” من جهة أخرى، يكمن فقط باختلاف الأداة المستخدمة في تحقيق مصالحهم.
وأردف الناشط: “إن كانت طهران وروسيا وحزب الله استخدموا بشار الأسد، لاحتلال سوريا ونهب خيراتها، فإن أردوغان اختار من سموا أنفسهم زوراً وبهتاناً بالجيش الوطني أو ثوار، فلا فرق بين من يحركه ملالي طهران أو قيصر الكريملن، وبين من يحركه العثماني الجديد، طالما أنه يوجه بندقيته بتوجيهات الداعم”.
إلى جانب ذلك، بدت لهجة الرفض للتدخل التركي بين الأوساط السورية تتعالى، وتزداد انتشاراً، خاصةً مع عودة الطيران الروسي للتحليق في سماء إدلب لحرق أرضها وأهلها، بضوء أخضر من الضامن التركي، الذي يبدو انه بات يتعامل مع الروس على مبدأ “هات وخذ”.
تزامناً، مع شن الطيران الروسي 60 غارة جوية خلال يوم الخميس، وجه الناشط السوري “ماجد عبد النور” في منشورٍ على صفحته على موقع “فيسبوك”، رسالة قاسية للفصائل المقاتلة إلى جانب الجيش التركي في ما يسمى بـ”عملية نبع السلام”: “قاتلتم عن تركيا لثلاث سنوات في معارك لاناقة لكم فيها ولاجمل وقدمتم خيرة شبابنا ووفرّ الأتراك المئات من دماء شبابهم ، ثم ماذا كانت النتيجة؟”، بهذه الكلمات علق الناشط السوري ، موجهاً كلماته إلى عناصر الجيش الوطني الموالي لتركيا.
وأضاف “عبد النور” في منشور: “لقد تركم دياركم وأهلكم تحت رحمة بوتين يسومنا سوء العذاب دون أن يرفّ لهم جفن، بل ويقتلون بحرس حدودهم من أراد منّا الهروب من هذا الجحيم دون أي رأفة أو شفقة”، في إشارة إلى الاتفاقات الروسية – التركية في سوريا، والتي مهدت لدخول قوات النظام إلى عشرات المناطق والقرى في شمال سوريا، إلى جانب مقتل عدد كبير من النازحين السوريين برصاص الجندرما التركية، أثناء محاولتهم عبور الحدود.
كما قال الناشط “عبد النور”: “أيها الجيش الوطني إنكم لم تُكرموا كريماً ليبادلكم نفس الشهامة فأهلكم تُقطّع أشلاؤهم على مرأى قواعدهم وجنودهم وأرتالهم المخادعة ، ولم تخرجوا بثورة لتكونوا حراساً لأحد ولم تطالبوا بالكرامة لتهدروها على أهون سبب ، سوريا هي سوريا اليوم وغداً والتاريخ لن يعود إلى الوراء أنتم فقط من يضحكون عليكم ويتاجرون بدمائكم ويحولونكم إلى هجانة وحرس لأناس ليسوا بأفضل منكم، فأنتم من قارعتم الظلم لسنوات وأنتم من تحملتم مالم يحتمله أحد، آن لكم أن تصحوا وتعلموا بأنه لا صديق للسوري إلا البندقية ولاأخاً للسوري إلا خنادق القتال ، اصحوا من سكرتكم وعودوا إلى رشدكم وكرامتكم ونصرة أهلكم قبل فوات الأوان”.
معارضة السوريين للتدخلات التركية، ومطالبتهم للفصائل الموالية للجيش التركي، بفك الارتباط مع أنقرة، جاءت على خلفية سلسلة عوامل، كان آخرها، الحملة التي استهدفت اللاجئين السوريين في مناطق عدة من تركيا، وترحيلهم بشكل قسري إلى ريف حلب الشمالي، بالإضافة إلى اعتقال بعضهم في سجن إعزاز، وفقاً لما أكدته تقارير حقوقية، كشفت عن احتجاز الجيش التركي وفصائل موالية له لأكثر من 200 لاجئ مرحل من الأراضي التركية.
كما ارتبط الموقف من التدخل التركي، وفقاً لمحللين، من اكتشاف حقيقة عبارة “المهاجرين والأنصار”، التي أطلقها رئيس الوزراء التركي آنذاك، بالتزامن مع اندلاع الثورة السورية، مشيرين إلى أن تهديدات “أردوغان” المتكررة لأوروبا بفتح الحدود أمام اللاجئين، شكلت قناعة لدى السوريين أو على الأقل معظمهم، بأنهم ليسوا المهاجرين، وأن الأتراك ليسوا الأنصار، وإن الحقيقة المرة أن الحكومة التركية أرادتهم مجرد أوراق تصفي فيها حساباتها مع الجيران الأوروبيين.
عملية “نبع السلام”، التي أطلقها الجيش التركي في منطقة شرق الفرات، شمال سوريا، كانت بحد ذاتها، واحداً من العوامل، التي عرت المصالح التركية، وساهمت في تصاعد الأصوات السورية المعارضة للوجود التركي، خاصة مع التقارير التي أشارت إلى مقتل مئات المدنيين بغارات وعمليات قصف شنها الجيش التركي، والفصائل الموالية له، شبيهة إلى حد بعيد بتلك الغارات التي كان يشنها النظام السوري فيما سبق، ليحرق بها الأرض والبشر، وفقا لما اكد ناشطون سوريون معارضون.
ولفت الناشطون في حديث خاص مع مرصد “مينا”، إلى الشبيه الكبير بين عمليات الجيش التركي، وعميات النظام السوري، من حيث استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، واستهداف المناطق المدنية والسكنية، مستندين إلى الصور الملتقطة لآثار الدمار في منطقة شرق الفرات، والمصابين جراء الغارات التركية.
بالإضافة إلى ذلك، أكد الناشطون الذين رفضوا الكشف عن هويتهم، إلى أن القوة التدميرية التي استخدمها الطيران التركي ضد مواقع المسلحين الأكراد، والمناطق المدنية، تضاهي نظيرتها التي استخدمها النظام في قصف، حي جوبر وغوطة دمشق الشرقية، وأحياء حمص وحلب، منوهين أيضاً إلى التشابه الكبير في سياسات التغيير الديغرافي التي يمارسها كلاً من الجيش التركي وقوات نظام بشار الأسد.