يوم يدافع المسروق عن سارقه
من يشتري الخاسر بماهيته؟ الإجابة بالغة السهولة: ما من أحد يشتري خاسرًا بماهيته.
وهذا يعني ان الخاسر يشترى حين يكون خاسراً بإدارته لا بماهيته، وهذا أول ما ينطبق على قطاعات الدولة، أي تلك المملوكة للناس، وحين يأتي البنك الدولي ويضع شرط إقراضك بيع قطاعات الدولة فلهذا معنى واحد:
ـ أنك عاجز عن إدارته، او انك ستتحول إلى بلد منهوب.
ليس ذلك فحسب، بل سيتجاوز الأمر بيع قطاع الدولة إلى رفع الدعم عن مواد أساسية، هي المواد التي تبقي الناس على قيد الحياة.
وهذا ما يحدث في لبنان اليوم وهي تمد يدها للبنك الدولي، من أجل سداد ديون ارتكبت بفعل الفساد واللصوصية، وبفعل المال اللبناني الذي بات خارج البلاد فيما ودائع الناس ومدخراتهم غائبة ومضيّعة وقد لا يعرف لها مصير.
يقولون بأن الحل سيكون لا بالاقتراض من البنك الدولي، بل باستعادة المسروق من مال الناس، ولكن السؤال المقابل:
ـ من يستطيع استعادة المنهوب إذا كان الناهب هي الطبقة السياسية التي تتوحد في مواجهة الناس وقد بسطت يدها على القضاء والأمن والجيش، بل على جماهير طوائفها في بلد يدافع فيه الجائع عن سارقه ومادام سارقه يمثل طائفته، في صيغة قامت على توافقات أمراء طوائف أدخلوا الناس في حرب أهلية امتدت إلى مايزيد عن 15 عامًا ومن ثم خرجوا من الخنادق ليرتدوا ياقات منشاة وربطات عنق ويتحوّلون إلى برلمانيين وسهيّرة في نوادي الأغنية، ويحكون بالمجتمع المتعايش بعد أن أورثوا الدماء على ثياب جماهيرهم بما جعل البلاد مقسّمة وجدانيًا وأخلاقيًا وثقافيًا وبما جعل الدولة كانتونات لادولة؟
لبنان اليوم هو النموذج.
نموذج دولة الطوائف لا دولة الدولة، ودولة الزعيم لادولة المواطنة، ودولة اللص لادولة الزارع، وبالنتيجة هاهي أمام المعضلة الكبرى:
ـ نستدين من البنك الدولي لنسرق ما سنستدينه، اما القضاء فمعطل، وحياة الناس معطّلة، ولقمة الخبز بالغة الثمن، واكثر من هذا فصراخ الشارع لاقيمة له ولا يغير شيئًا بل:
ـ ولن يغيّر شيئًا.
القلب على الناس.
الناس الذين لم يتزحزحوا عن عن طوائفهم لتأكلهم زعامات طوائفهم.