لبنان.. أي قدر هذا؟
تلك الصيغة اللبنانية المتنقلة ما بين استحالة واستحالة، وهذا قانون قيصر يكثّف ويبرهن على الاستحالات:
ـ إذا ذهب لبنان للتوافق مع قانون قيصر، فثمة لبنان آخر وعلى التضاد لن يذهب إليه، وهذا سيفجّر وضعًا لبنانياً هو بالأساس على كف عفريت، فقد يذهب بلبنان إلى شارع مقابل شارع ولا احد يستطيع حساب نتائج لعبة الشوارع.
ـ إذا توافق اللبنانيون كل اللبنانيين على السير بقانون قيصر (هذا مستبعد إن لم يكن مستحيلاً)، فقانون قيصر سيؤدي بلبنان إلى المزيد من الضائقة الاقتصادية، فالتداخل ما بين البلدين، واقتصاديهما، يعني إغلاق كل الطرق للاقتصاديات اللبنانية التي تمر حتمًا من سوريا، وهذه استحقاقات الجغرافية لا استحقاقات ارادات الناس.
ـ إذا توافق اللبنانيون، كل اللبنانيين على رفض قانون قيصر (وهذا مستبعد إن لم يكن مستحيلاً)، فهذا يعني إغلاق المؤسسات الدولية بوجههم بدءاً من صندوق النقد الدولي، فاستفزاز المجتمع الدولي سيزيد لبنان غرقًا وهو غارق إلى حد بعيد.
ـ إذا استمر الشقاق في الموقف اللبناني، فلن يتوقف عند الموقف من قانون قيصر وإنما سيذهب اكثر وسيصل إلى اشتباك سياسي، هو اشتباك متراكم، قد ينفجر على غير ما يشاء أي من اللبنانيين وبكل تياراتهم، فتصعيد الاشتباك يعني اضرام حرائق عواقبها وخيمة على البلد.
وهكذا تبدو الاستحالات كما لو متوالية هندسية، استحالة تنتج استحالة، وفي صيغة لابد وأن يكون للسلاح فيها دورًا يزيد لبنان غرقًا، والسلاح بيد حزب الله، وليس ثمة أفق لتخلي هذا الحزب عن سلاحه، والسلاح الذي أعلن أنه متجه لإسرائيل، لن يتردد في أن يتوجه للبنانيين إذا ما ضيق الخناق عليه، ولهذا فاللبنانيون، وبكل تياراتهم ، سيكونوا بالغي الحذر إزاء هذا السلاح، وقد تظهّر هذا من خلال التظاهرات الخجولة والمترددة المطالبة بوضع سلاح حزب الله في يد الدولة وتصرف الدولة، وهو ما اتضح في اليومين السابقين، حيث لم يتجاوز عدد المتظاهرين المطالبين بنزع هذا السلاح أصابع اليد الواحدة، فيما الحقائق تقول بأن ثلثي الشعب اللبناني يرفض هذا السلاح، أما عن التردد في مواجهة هذا السلاح، فهو تردد ناتج عن الخوف من هذا السلاح.
الصورة بالغة التعقيد في الحالة اللبنانية، وهاهي تزداد استعصاء يومًا وراء يوم، حتى لتبدو وكأنما صورة مرتبطة بالمسألة الاقليمية بكل أبعادها، بما لايجعل حلها ممكنًا إن لم تكن مرتبطة بالحلول في سوريا، والحلول في طهران، ما يجعل لبنان رهينة لما ليس لبناني.
إنها الاستحالات التي تنتج استحالات.
أي قدر وقد أصاب هذا البلد؟