تركيا تعرض بضاعتها على مصر.. ليس لجماعة الاخوان من يشتريها
المشهد بالغ الوضوح، ومن ملامحه تلك المحطات المصرية المنفلتة المستقرة في استنبول، ومن بينها (مكملين) و (الشرق) وكلتاهما تحولتا الى غرف عمليات بمواجهة الحكومة المصرية، حيث الشحن والتحشيد والشغل على إحداث قلاقل في مصر، من بينها الدعوة الى تظاهرات 20 سبتمبر التي كان موعدها بالأمس والتي لم تخرج كما وعدت المحطتان، وبالدعم التركي المرئي والصريح.
دعم للاتجاهات الراديكالية، وهي الاتجاهات الناطقة بلسان جماعة الاخوان، أو تلك المستثمرة من قبل الاخوان، وربما تلك التي يمكنها أن تكون بواجهات مدنية ـ ديمقراطية كبلدوزر اخواني، وبالنتيجة تلعب تركيا على احداث خراب ما في مصر، مستثمرة أخطاء فادحة تقوم بها الحكومة المصرية، تلك الأخطاء منتوج الفساد الذي يعشش ي الدول العربية ويشكل واحدة من سمات النظام العربي.
لكن بالمقابل ثمة ما يختبئ تحت الطاولة، وما يختبئ تحتها، هو الرسائل التركية إلى الحكومة المصرية، والتي تبحث عن تسوية ما في النزاع المصري ـ التركي، وهو نزاع متعدد الأوجه جزء منه في ليبيا، وجزء أعم ويأتي تحت سؤال:
ـ من سيقود العالم الإسلامي؟
من المعلومات التي تتسرب عن التوجه التركي لتسوية مع الحكومة المصرية، تلك التي لم يكشف عنها سوى عبر تسريبات اعلامية تناثرت هنا وهناك، ومن بينها:
– تركيا هي من سعت للاتصال بمصر في الشهرين الماضيين، وتقدمت بثلاثة طلبات سرية إلى القائم بأعمال السفارة المصرية في بلادها، طلبت في احدها ضرورة زيارة وزير الخارجية مولود أوغلو الى القاهرة، غير أن القائم بالأعمال في السفارة المصرية بأنقرة تجاهل الطلب التركي.
ـ حصلت لقاءات أمنية ما بين الجانبين المصري والتركي داخل السفارة المصرية (بأنقرة) بين نائب رئيس جهاز الإستخبارات التركي ودبلوماسي مصري طلب خلاله معرفة المطالب المصرية لتعبيد الطرق السياسية للحوار بين البلدين، غير أن “الدبلوماسي الثالث” وعد بالعرض وتجاهل الأمر .
– قدمت تركيا اعتذارا رسميا للجهات المعنية في مصر الشهر قبل الماضي عن غضب القاهرة من توغل السفن التركية في أقل من واحد كيلو متر داخل المياه الاقتصادية المصرية بالبحر المتوسط .. وتعهدت كتابيا في الإعتذار عدم تكرار مثل هذا الخطأ مرة أخرى.
– رئاسة الجمهورية التركية تقدمت بطلب لوزارة الخارجية المصرية طلبت فيه السماح لنائب الرئيس التركي زيارة القاهرة بصحبة وزير الداخلية، ولقاء المسؤولين في القاهرة، إلا أن “الخارجية” لم ترد أيضا، مما أغضب الرئاسة التركية.
ـ تحدث وزير الخارجية التركي مولود أوغلو سرا مع مسؤولين مصريين يطلب مجددا زيارة القاهرة بصحبة مسؤولين أمنيين، دون إعلان، وقال إن تركيا تتفهم مطالب أجهزة الأمن بتسليم المطلوبين واقترح تسليمهم عن طريق دولة عربية ثالثة عبر خطة استخباراتية لحفظ ماء وجه السياسة التركية، فتحفظت القاهرة ورفضت طلب الزيارة .
– مسؤول عسكري تركي رفيع المستوى اتصل بالقاهرة وتعهد بالالتزام بالخط الأحمر الذي حددته القاهرة في ليبيا عقب إعلان الرئيس السيسي، مؤكدا احترام تركيا ومجموعاتها المسلحة القرار المصري، وعبر صراحة عن تقدير تركيا لقدرات الجيش المصري الهائلة في حسم المعركة، لكنه طلب أن “ لا تأخذ القاهرة تركيا بجريرة احتمالية تجاوز البعض ممن لا علاقة لهم بها، اذا ما أرادوا تجاوز سرت أو الجفره”!
– القاهرة لم تطلب تسليم الإخوان الهاربين لدى تركيا، ولم تسجل أي مطالب من أنقرة في أي اتصال، لأن موافقة مصر على التواصل وقعت تحت الإلحاح والتحايل، وجهاز الاستخبارات التركي هو من عرض تسليم المطلوبين من باب المغازلة وفك طلاسم التجاهل الذي تفرضه مصر لبدء حوار حول الحدود البحرية التركية المصرية!
– نائب رئيس جهاز المخابرات التركي قدم خطة بعملية تسليم الإخوان الموجودين لدى تركيا، وصنف قوائم المطلوبين التسليم إلى ثلاثة أنواع اقترح تسليمهم على أوقات متفاوتة!
ـ قطر عبرت بشدة عن مخاوفها من سعي تركيا التصالح مع مصر وتلقت رسائل من قيادات وإعلامي الإخوان الموجودين في أنقرة عبروا فيها عن رعبهم من تسليم تركيا لهم وشحنهم إلى مصر، وتحدث المسؤولون القطريون صراحة مع المسؤولين الأتراك حول حقيقة السعي التركي تجاه مصر.
– طلبت قطر الأسبوع الماضي وساطة إحدى الدول العربية لفتح قنوات اتصال مع مصر تحسبا لتحسن العلاقات المصرية التركية، غير أن القاهرة رفضت وذكرت للوسيط العربي أن مصر تنسق مع دول المقاطعة في هذا الملف ولا تقوم بعمل منفرد بعيدا عن الأشقاء في الخليج العربي.
المعلومات السابقة، ستؤكد أن الحكومة التركية (بيّاعة)، أما جماعة الاخوان فليسوا سوى االبضاعة التي تستخدم مرتين، مرة كهراوة، وثانية كجزرة، وفي الحالين، لم تجد هذه البضاعة من يشتريها، أقله بعد خيبتها كهراوة، وبعد انتهاء صلاحيتها كجزرة.
الرد المصري على الأتراك كان:
ـ كلوا الجزرة.. تلك بضاعتكم احتفظا بها.