أردوغان يلاحق المعارضين لنظامه أينما حلوا… هذه المرة في ألبانيا
مرصد مينا – هيئة التحرير
أخذت قضية المواطن التركي، هارون سيليك، الذي تم ترحيله من ألبانيا إلى تركيا في كانون الثاني/ يناير الماضي، ومواطنه الآخر سلامي شيمشك، الذي ينتظر حاليًا الترحيل في مركز مغلق للمهاجرين، بعداً دولياً بعد أن أرسل مسؤولون في منظمات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة برسالة إلى الحكومة الألبانية لرفع القضية، وعدم الرضوخ للمزاعم التركية التي تتهم الرجلين بالانتماء إلى حركة «الخدمة» والتي تزعم أنقرة أنها منظمة «إرهابية» وتتهمها بالمسؤولية عن الانقلاب الفاشل في تركيا في عام 2016.
السلطات الألبانية، التي لم تسمع للنداءات العديدة بالتوقف عن عملية الترحيل، تلقت رسالة تحذير من مسؤولي الأمم المتحدة، التي نُشرت هذا الأسبوع في وسائل الإعلام الألبانية، علماً أنها كتبت في 20 آذار/ مارس الماضي، من أن حقوق «شيمشك» يمكن أن تنتهك إذا تم إرساله إلى تركيا.
الرسالة الأممية ووفق ما نقله موقع «أحوال» تركية، عبرت عن تخوفاتها من مصير المواطن ذات الأصول التركية، قائلة: إن «شيمشك من المرجح أن يواجه الاعتقال والمحاكمة، وربما التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، لانتمائه المتصور أو المزعوم إلى حركة (الخدمة) التابعة لغولن».
غموض في الموقف الألباني
السلطات الألبانية قالت إنها قبضت على سلامي شيمشك، في البداية في مطار تيرانا، وقضى بعض الوقت لاستخدامه وثائق سفر مزورة. ثم أعلنت إطلاق سراحه من السجن في 9 آذار/ مارس، إلا أنه ولأسباب ما تزال مجهولة وغير واضحة، احتجزته الشرطة لساعات عدة في سيارة مدنية قبل نقله إلى مركز مغلق للمهاجرين غير الشرعيين بالقرب من تيرانا، فيما أكد محاميه، إلتون حسيني، أنه لم يتلق بعد أيّة معلومات رسمية حول القضية.
المحامي وفي تصريحات له أشار إلى أن السلطات الألبانية لم تشرح حتى عن وضعه في مركز اللجوء، وتساءل المحامي أنه «لا نعرف حتى الآن ما إذا كان طلب اللجوء الذي قدمه قد تم قبوله أم لا؟ موضحاً أن السلطات لم تشرح سبب احتجازه في مركز الهجرة المغلق.
فيما أشار الموقع إلى أن المتحدث باسم الحكومة الألبانية، إندري فوجا، لم يرد على طلب للتعليق على القضية بحلول وقت النشر، حتى تكون جميع الآراء المتعلقة بأسباب حجزه موجودة ضمن المادة، ونظراً لعدم تجاوب السلطات مع الاستفسارات التي وجهت إليها، شككت رسالة مسؤولي الأمم المتحدة في ترحيل ألبانيا لسيليك إلى تركيا أيضاً. إذ أبدى المسؤولون عن تخوفهم، حين قالوا: «نحن قلقون أيضًا من أن السيد سيليك يبدو أنه طُرد بسبب علاقته المزعومة بحركة حزمت/غولن، دون أيّ ضمانات قانونية منصوص عليها في التشريعات ذات الصلة».
المعارضة الألبانية رفضت الانتهاك
في انتهاك واضح لمبادئ حقوق الإنسان، قامت الشرطة الألبانية، بوضع سيليك على متن طائرة متجهة إلى إسطنبول في الأول من كانون الثاني/ يناير رغم مناشداته لتقديم طلب اللجوء للبلد، تقول السيرة الذاتية للمحتجز كما عرضه الموقع إنه كان مدرسًا في مدرسة مرتبطة بغولن في كازاخستان، ثم حاول الهروب إلى كندا باستخدام تأشيرة مزورة. إلا أن محاولته باءت بالفشل فألقي القبض عليه في ألبانيا عام 2018 وقضى عقوبة بتهمة تزوير وثائق سفر.
من جانبها، المعارضة الألبانية، وُصف عملية تسليمه إلى تركيا بأنه انتهاك كبير لحقوق الإنسان، واتهمت المعارضة السلطات بالرضوخ للمطالب التركية، رابطة القرار السريع غير المعتاد للشرطة بإرساله إلى تركيا بالعلاقات الودية التي تجمع بين رئيس الوزراء الألباني إيدي راما، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
تواقيع مهمة
الرسالة التي وجهت للحكومة الألبانية، من الأمم المتحدة، بخصوص القضية وقع عليها وقع عليها خمسة مسؤولين أمميين في مناصب مهمة، وهم: لوسيانو هازان، رئيس – مقرر الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي، ولي تومي، نائب رئيس الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، وفيليبي غونزاليس موراليس، المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في مهاجرين، وفيونوالا ني أولين، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية أثناء مكافحة الإرهاب، ونيلس ميلتسر، المقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.
آراء في غاية الأهمية
في مقابل رسالة المسؤولين في الأمم المتحدة، عبر العديد من المراقبين عن آرائهم عما يجري في دول البلقان مؤكدين أن نفوذ تركيا في تلك الدول أعطاها سلطات واسعة في تلك الدول تتجاوز القانون والسيادة مبنية على استعادة الأطماع العثمانية.
في ذلك يقول الباحث المساعد في المعهد الفرنسي للدراسات التركية، جان ماركو، إنه «ومنذ نهاية الحرب الباردة، مارست تركيا سياسة نشطة في البلقان حيث ساهمت في إنهاء النزاعات وفي جهود إعادة الإعمار ومن ثم من خلال سياسة خارجية توجهها التطلعات العثمانية الجديدة»، مشدداً على أن الخطاب القومي لأردوغان، أساء إلى الهالة المحيطة بتركيا.
فيما أوضح المحلل الكوسوفي المقيم في سويسرا، أنور روبيلي، في تعليقه على أن تركيا «لم يعد من الممكن أن تشكل نموذجاً يحتذى بالنسبة لدول البلقان التي تتطلع للانضمام الى الاتحاد الأوروبي»، لافتاً إلى أن سبب توسعها أنها «تحظى بنفوذ اقتصادي وديني وثقافي في البلقان وهو امر واضح للعيان»، حسب المصدر ذاته.