عبد الستار السيد.. غزل مع الاخوان واسترضاء للأتراك.. تلك هي الحكاية.
عبد الستار السيد، وهو وزير أوقاف سوريا، أثار زوبعة ناتج خطبة في أحد مساجد مدينة طرطوس السورية، تساءل فيها:”ماهي سوريا؟ هل سمعتم بالأمة السورية؟”.
وحسنًا فعل وزير الأوقاف الذي لم يكن ليمثل غبارًا في أجهزة الحكم، وانتقل إلى طور الزوبعة، ليس بنكرانه لما تحمله سوريا من تاريخ يخصها، بل بالتأكيد على أن سوريا هي واحدة من اثنتين:
ـ عربية أوإسلامية فقط.
كلام كهذا هو كلام رأس بعين واحدة، أما العين الأخرى فهي عين مغمضة، ذلك أن البعد العربي في سوريا هو حقيقة، من الطيب التمسك بها، أما عن البعد الإسلامي، فهو كذلك، وأي من نكران العروبة أو الإسلام، لابد وأنه اقتلاع لما تحمل الشجرة من أغصان، غير أن الشجرة السورية هي أغنى وأوسع من غصنين فيها، فسوريا هي تاريخ الفينيق، والآشور، والسريان، والكلدان، والكرد، والعرب، والمسيحي والأزيدي، وما حمله الإسلام من تيارات بدءًا من الصوفية وصولاً إلى داعش وجبهة النصرة، وبغير ذلك، ستكون الرؤية قاصرة، وفقيرة، وبعيدة كل البعد عن الواقعية، حتى لو كانت وقائع الحياة تجافي رغباتنا أو لاتعزف على ايقاعاتها.
السؤال:
ـ لم قال وزير الأوقاف ماقاله، وفي أي توقيت قال ماقال؟
من يتابع التاريخ الشخصي لعبد الستار السيد، فالرجل حائر مابين (الكرافة) والعمامة، وهو يسعى ومنذ نعومة أظفاره (التي يقلّمها له لنظام الحاكم)، إلى الافطار مع (الكفار) والعشاء مع الصحابة، حتى يوشك بعض عارفيه على الاعتقاد بأنه يؤمن بالله من باب الاحتياط، ولم تكن مسيرته الإسلامية ترشّحه لما هو اكثر من وزير مفوض في حكومات بشار الأسد، وهاهو بشار الأسد اليوم، يثابر على الانتقال من موقع الرئيس القائد، إلى موقع فضيلة الامام، عبر تفقهاته الدينية، تلك التي باتت مثارًا للتندر حتى من أنصاره وبطانته، وقد استغرق في آخر خطبه بالتغزّل بالإسلام والدين الحنيف حتى توشك على الاعتقاد أن قصره قد بات سجادة صلاة أكثر مما هو لعبة تستغرق في مواقع البورنو، وكان بشار الأسد ووفق الكثير من المعلومات، قد مدّ خيوطًا مع جماعة الاخوان المسلمين، وعبر ممرات حماس والجهاد الإسلامي، في الطريق الى التقرب من تركيا، والتي تلعب ايران على تقريبهما، عبر استراتيجية جديدة تعمل على خلق محور يمتد من طهران الى انقرة إلى دمشق، بمواجهة المحور الخليجي المصري، وهو المحور الذي يرفض بشار الأسد حتى ولو أصلح نظامه ونفسه كما سبق وطلب باراك اوباما منه ماقبل 2011 وحتى 2014، فيما تتوالى ضغوطات رجب طيب أردوغان على نظامه، واول شروط أردوغان كانت اشراك جماعة الاخوان في سوريا الجديدة، لتتحول سوريا الى نصفين، اولهما لبشار الأسد، والنصف الثاني لجماعة الاخوان، ولاشك بأن ملالي ايران سيرحبون بذلك، أقله لاسترضاء تركيا بمواجهة مصر كما بمواجهة مجموعة دول الخليج العربي.
كثيرة هي المعلومات التي تقول بأن أنفاقًا طويلة ممتدة اليوم مابين جماعة الاخوان وبشار الأسد، وأن أعداء اليوم، قد يتزاوجون غدًا، اما بالنسبة للاخوان فالأمر لايتعدى منهجهم التاريخي الذي يقول بالصعود الى القاطرة، ولأي قاطرة، ومن ثم التسلل الى قيادتها، وحين يكون الكلام عن بشار الأسد، فكل ماعليه هو أن يتخلى عن دور ناطور الكرم، وهو ما تبقى له من الحكم بعد التقاسم الروسي / التركي / الإيراني للبلد، وعلى هذا بات وزير أوقافه يعلن اليوم ما يخفيه بالأمس، ليغازل جماعة الاخوان يوم ينادي بسوريا المسلمة، (المسلمة فقط) فيرضيهم، وبسوريا العروبة (العروبة فقط) فيرضي الاتراك الذين ماتزال عقدتهم الكردية تجرفهم الى الاراضي السورية.
عبد الستار السيد، ليس جاهلاً بالتاريخ بما يكفي ليقول ماقال، ولكنه عالم بوقائع الأنفاق التي تحفر تحت بشار الأسد، فقال ماقاله.
ـ سوريا عربية؟ نعم
ومسلمة؟
نعم.
ولكنها اكثر من عربية ومسلمة، ولو لم تكن كذلك لما وصلت خيول زنوبيا ملكة تدمر االى قرطاجنة.