هجمات أربيل.. دور محتمل لإيران ورد منتظر من واشنطن
مرصد مينا – هيئة التحرير
تعيد الهجمات، التي طالت مطار أربيل، فجر الثلاثاء، مسألة تحول العراق إلى ساحة صراع دولي، خاصةً بين إيران والولايات المتحدة، لا سيما في ظل ظهور مؤشرات على وجود بصمات إيرانية في الهجوم، الذي طالت بعض صواريخه قواعد للتحالف الدولي بالقرب من مطار أربيل.
يذكر أن مجموعة مسلحة، تطلق على نفسها اسم “سرايا أولياء الدم” قد أعلنت مسؤوليتها، عن الهجوم، الذي قالت إنه كان يستهدف ما وصفته بـ”الاحتلال الأمريكي”، وسط وجود ترجيحات بأن تكون تلك السرايا مرتبطة بميليشيات عراقية مدعومة من إيران.
خطاب واحد وهدف واحد
أكبر المؤشرات على وجود البصمات الإيرانية في هجمات أربيل، يلخصها الباحث في شؤون الميليشيات والحركات المسلحة، “عبد الستار المطلق”، بلغة بيان تبني العملية، والتي قال إنها تتشابه إلى حد كبير مع اللغة المستخدمة من قبل الميليشيات العراقية، والتي تصف دائما الوجود الأمريكي بأنه احتلال، لافتاً إلى أن توقيت الهجوم وشكله والأسلحة المستخدمة فيه وأسلوب تنفيذه كلها تقود إلى طهران.
كما يوضح “المطلق”: “الميليشيات المدعومة من طهران هي الجهة الوحيدة، التي تنفذ هذا النوع من الهجمات باستخدام الصواريخ المحمولة، فحتى تنظيم داعش الإرهابي لا يتبع ذلك الأسلوب، وإنما دائما ما تتمثل عملياته سواء ضد الجيش العراقي أو التحالف الدولي، باستخدام العبوات الناسفة أو الهجمات المسلحة المباشرة”، مبيناً أن إيران قد تكون تعمدت أن تتم تلك العملية بذلك الأسلوب دون أن تتبناها ميليشيات معروفة، وربما يكون ذلك بقصد توجيه رسائل للأمريكان.
يشار إلى أن السلطات الأمنية لإقليم كردستان العراق، قد كشفت خلال الساعات القليلة الماضية، أن عناصرها عثرت القوات على منصة إطلاق الصواريخ مثبتة على سيارة على الطريق الرابط بين أربيل والكوير، فيما ذكرت وزراة الداخلية في حكومة إقليم كردستان، أن الهجوم الأخير على المطار يشبه الهجوم السابق من حيث الآلية وأسلوب التنفيذ.
في السياق ذاته، يعتبر “المطلق” أن الدور الإيراني في الهجوم حتى وإن لم يكن مباشر فإنها على الأقل تتحمل مسؤولية وصول مثل هذا الوع من الصواريخ إلى داخل العراق، على اعتبار أنها تعتبر الجهة الوحيدة التي كانت تسيطر على المنافذ الحدودية بينها وبين العراق عبر الميليشيات المدعومة من قبلها، لافتاً إلى أنه لا يمكن استبعاد وحدة الهدف بين طهران والميليشيات، التي تبنت الهجوم، والمتمثل في ضرب القوات الأمريكية وإثارة نوع من التوتر.
لماذا إقليم كردستان
في الحديث عن معطيات الهجوم، يشير المحلل الأمني العراقي، “محمد الهاشم النعيمي” إلى أن مكان تنفيذ الهجوم وهو إقليم كردستان، يحمل رسالة بدوره، مفادها أن الميليشيات قادرة على الوصول إلى أي نقطة في العراق، وتنفيذ هجمات كبرى فيها، بما في ذلك، الإقليم المتمع بالحكم الذاتي، مضيفاً:”يتضح أن اختيار كردستان مفاده أن كل شبر في العراق معرض لأن يكون ضحية أحداث أمنية وتوترات، وهنا اعتقد أن إيران قد تحاول من خلال ذلك، فرض نفسها كطرف أساسي سواء في معادلة استقرار العراق أو توتر الأمن به”.
كما يعتبر المحلل الأمني، أن اختيار منطقة حيوية ومكتظة مثل مطار أربيل ومحيطه، وبهذا الشكل والحجم، يعكس مدى المشكلة الأمنية في الإقليم وفي العراق ككل، مشيراً إلى أن إيران قد تسعى لاستغلال هذه المشكلة لضرب جهود الحكومة العراقية في ترسيخ الأمن والاستقرار وإعادة بناء الدولة، بالإضافة إلى إحداث حالة من التوتر داخل الإدارة الأمركية الجديدة من خلال إشغالها بامن قوات التحالف في المنطقة وإبعادها قليلاً عن الملف النووي الإيراني، خاصةً وأن إقليم كردستان يعتبر امتداداً لقواعد حلف شمال الأطلسي، “ناتو” المنتشرة جنوب تركيا.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، “أنتوني بيلنكن” قد أعرب قبل ساعات، عن غضب بلاده واستيائها من الهجوم، فيما كشفت مصادر مطلعة أن حلف شمال الأطلسي سيدرس إمكانية رفع عدد عناصره في العراق من 500 إلى 2500 عنصر.
من جهته، يعلق “النعيمي” على التسريبات الخاصة بحلف الأطلسي، بأنها مؤشراً على جدية الموقف واحتمالية أن تكون هذه الهجمات ليست الأخيرة من نوعها، ما ينسف من وجهة نظره تصريحات رئيس الحكومة العراقية، “مصطفى الكاظمي”، التي اعتبر فيها أن حكومته نجحت في منع تحول العراق إلى ساحة حرب إقليمية.
رد أمريكي منتظر.. فمتى سيأتي
حديث الإدارة الأمريكية بأنها ستحتفظ لنفسها بحق الرد على الهجمات الصاروخية، يفتح سلسلة من إشارات الاستفهام حول ذلك الرد وطبيعته ومكانه، وهو ما يجيب عليه المحلل السياسي، “عمرو عبد المحسن”، حيث يرجح أن يكون الرد الأمريكي ضمن الملف النووي الإيراني، والمفاوضات المحتملة بين إيران والولايات المتحدة، مضيفاً: “لو كانت إدارة ترامب موجودة لكان الأمر اختلف وسارعت مباشرةً إلى الرد وتوجيه ضربات اقتصادية واستراتيجية لإيران، حتى وإنم لم يثبت تورطها، ولكن في حالة إدارة بايدن، الأمر مختلف على اعتبار أن الإدارة جاءت جديدة ولا تريد أن تبدأ عهدها بتصعيد مع إيران خاصة وأن لديها العديد من الملفات الأخرى بينها ملف كورونا والاقتصاد والمواجهات التجارية مع الصين والنفوذ الروسي”.
يذكر أن مصادر أمريكية، قد كشفت في وقتٍ سابق أن الإدارة الأمريكية بانتظار هوية الفائز بالانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر إجراءها صيف العام الجاري، لتحديد موقفها من الاتفاق النووي الإيراني.