الإتفاق الصيني الايراني.. بنود غامضة وأخرى مخفية
مرصد مينا – الصين
مازال الاتفاق الصيني الايراني يثير جدلا في الأوساط الدبلوماسية، وكذلك في أوساط المحللين السياسيين الذي يرون فيه مدخلا لتغيير مراكز النفوذ في منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص.
التفاصيل الغامضة لبنود الاتفاق، سبق ونشر بعضها موقع “بترولیوم إیکونوميست” في 3 سبتمبر 2020، لكن أجزاء منها بقيت سرية ولا يتوقع نشرها، وسط تقارير تشير إلى أن الاتفاق قد يعمق النفوذ الصيني في الشرق الأوسط.
وفقًا للتقرير، فإنه من المقرر أن تستثمر الصين 280 مليار دولار في صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات الإيرانية، منها 120 مليار دولار لتطوير البنية التحتية للإنتاج والنقل.
ووقع البلدان وثيقة تعاون عرفت باسم “معاهدة 25 عاما”، في 27 مارس الماضي في طهران، بين وزيري خارجية البلدين، الإيراني محمد جواد ظريف والصيني ووانغ يي.
الجديد بشأن الاتفاق هو اعتراف الأمين العام لغرفة الصناعة والمناجم في طهران، شهرام شريعتي، أن المناجم بما في ذلك مناجم الذهب الإيرانية، هي جزء من اتفاقيات الاستثمار بين إيران والصين بموجب وثيقة “التعاون لمدة 25 عاماً”، إذ أكد شريعتي، في مقابلة مع موقع “تجارت نيوز” أن عقود الصين مع الحكومة الإيرانية لم تكن شفافة بالنسبة للقطاع الخاص حتى قبل توقيع الاتفاق، مشيرا إلى أن مناجم الذهب الإيرانية ذات الاحتياطيات العالية مملوكة للدولة في الغالب، لذا يتم إبرام اتفاقيات البيع والاستثمار بهذا الخصوص من قبل الحكومة ولا يتم إبلاغ القطاع الخاص بفحوى العقود والأخبار المتعلقة بها.
وأوضح أن الصينيين كانوا يعملون في مناجم الذهب الإيرانية منذ فترة طويلة حتى قبل توقيع الاتفاق، لافتاً إلى أن سيطرة القطاع العام على مناجم الذهب، لا يعطي أي فرصة للقطاع الخاص لمعرفة أي قرار اتخذ بشأنها في الاتفاق مع الصين الذي يمتد لـ 25 عاماً.
من جانبه أكد رئيس لجنة المناجم في غرفة التجارة الإيرانية، بهرام شاكوري، أنه لم يتم تقديم أي تفاصيل للقطاع الخاص، عن الاتفاقية، موضحاً أن القطاع الحكومي وحده سيطلع على التفاصيل، في حال استمر النهج كما في السابق، حيث كان الصينيون يستفيدون من مناجم الذهب التي يبلغ احتياطها 250 طناً.
وحسبما كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، فإن الوثيقة تشمل زيادة التعاون العسكري بين البلدين، وتتضمن تدريبات عسكرية مشتركة، وتطوير الأسلحة، وتبادل المعلومات الاستخباراتية، من دون الإشارة إلى بقية أوجه التعاون الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية الواردة بالوثيقة.
يشار أن الاتفاق وقعه مؤخرا وزيرا خارجية الصين وإيران، في مراسم بثها التلفزيون الرسمي مباشرة، وحسبما نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، تم توقيع “وثيقة التعاون الشامل” خلال اجتماع بين وزير الخارجية الصيني “وانغ يي”، ونظيره الإيراني “محمد جواد ظريف” في طهران.
وزير الخارجية الصيني، قال في تصريحات صحفية إن “علاقاتنا مع إيران لن تتأثر بالوضع الراهن بل ستكون دائمة واستراتيجية”، مشيرا إلى أن “إيران تقرر بشكل مستقل علاقاتها مع الدول الأخرى، وليست مثل بعض الدول التي تغير موقفها بمكالمة هاتفية”.
والتقى وزير الخارجية الصيني الرئيس الإيراني “حسن روحاني” قبل توقيع الاتفاقية، التي من المتوقع أن تشمل استثمارات صينية في قطاعات رئيسية مثل الطاقة والبنية التحتية.
“روحاني” من جانبه قال إن التعاون مع الصين لتنفيذ الاتفاق النووي، وحث الدول الأوروبية على الالتزام بتعهداتها، من شأنهما أن يحدثا تغييرا في ظروف الاتفاق، وأضاف، لدى استقباله وزير الخارجية الصيني، إن الوجود العسكري الأميركي بالمنطقة، وتدخلها في شؤون دولها، يؤديان إلى زعزعة الأمن والاستقرار، مؤكدا على دور مبادرة هرمز التي اقترحتها بلاده في مكافحة التطرف والإرهاب بالمنطقة.
وقال الرئيس إن طهران مستعدة لاتخاذ بعض الخطوات لرفع العقوبات كليا أو جزئيا، وأضاف -خلال اجتماع اللجنة الوطنية لمكافحة فيروس كورونا- أن واشنطن تواصل “الإرهاب الاقتصادي” ضد بلاده التي تواجه صعوبات في شراء لقاح ضد فيروس كورونا بسبب العقوبات الأميركية.
كما نقلت وسائل الإعلام الإيرانية عن “حسام الدين آشنا”، مستشار “روحاني” قوله: “إن الاتفاقية هي نموذج للدبلوماسية الناجحة”. وتابع: “تكمن قوة أي دولة في قدرتها على الانضمام لتحالفات وليس البقاء في عزلة”.
من جهته، أشار “سعيد خطيب زاده”، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إلى أن الاتفاقية هي “خارطة طريق” للتعاون في مجالات التجارة والاقتصاد والنقل مع “تركيز خاص على القطاعات الخاصة من الجانبين”.
في السياق، افتتح الوزيران معرضًا للوثائق المتعلقة بالعلاقات الإيرانية الصينية، بمناسبة مرور خمسين عامًا على العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وتمت مناقشة الوثيقة أول مرة عام 2015، عندما زار الرئيس الصيني “شي جين بينغ”، طهران، لرفع العلاقات الثنائية بين البلدين إلى مستوى العلاقات الاستراتيجية.
وكانت الصين، أحد أكبر الشركاء التجاريين لإيران وحليفتها منذ أمد بعيد، وافقت في عام 2016، على تعزيز التجارة الثنائية بأكثر من عشرة أمثال لتصل إلى 600 مليار دولار على مدى عشر سنوات.
وزارة التجارة الصينية من جهتها ذكرت يوم الخميس الماضي: “إن بكين ستحاول حماية الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى العالمية عام 2015، والدفاع عن المصالح المشروعة للعلاقات الصينية الإيرانية”.