أردوغان كما لو راكب حصانين معًا، مصيره “الفشخ”
كما لو ركوب حصانين، النتيجة “فشخ” البني آدم، ويبدو أن هذا هو حال رجب طيب أردوغان، في ازدواجية علاقته ما بين الروس والأمريكان.
ـ يبقي على دولته كجزء من منظومة حلف شمال الأطلسي، ويشتري منظومة الـ”أس-400″، من الروس، والنتيجة يمكن أن يلخصها السفير الروسي في أنقرة، وقد وصف المعادلة بالتالي: “تسلمنا أموالنا ويمكن للأتراك ركوب الصواريخ للذهاب إلى الشاطئ أو لحمل البطاطا معهم”.
كلام السفير الروسي هذا جاء من قلب أنقرة، وهو كلام لسفير، يعني كلام “دولة” لاناشط على الفيس بوك.
هذا عن الروس، ماذا عن الأمريكان؟
العقوبات الأميركية تَبِعَت صفقةَ الصواريخ، فبرأي الأميركيين، الـ”أس-400″ البعيدة المدى لا تتوافق وأنظمة الدفاع لحلف شمال الأطلسي، وتركيا في الأساس عضو فيه. وعلى خلفية المنظومة الصاروخية أيضاً، طُردت تركيا من الكونسورتيوم المتعدد الجنسية بقيادة الولايات المتحدة، وهو الباني طائرات الجيل الخامس المقاتلة من طراز “إف-35”.
عمليًا ما قاله السفير الروسي لابد وأنه “خازوق” للأتراك، مع أن “الخازوق” هو ابتكار تركي، فخوفاً من فرض العقوبات الأميركية، علقت أنقرة خططها لتفعيل نظام صواريخ “أس-400”. موعد التفعيل المحدد سابقاً كان نيسان (أبريل) 2020، ولكن المنظومة لم تُفعّل، بل بقيت مُعطّلة. يعني ذلك أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وجّه لدفع مبلغ كبير قدره 2.5 مليار دولار لموسكو مقابل نظام ربما لن تقوم بلاده بتفعيله أبداً.
“الورطة” التركية استدعت سخرية السفير الروسي لدى أنقرة أليكسي يرهوف، وهذا ماحصل، فالتعليق الروسي هذا أتى محرجاً لأنقرة بحسب بوراك بكديل، المحلل التركي البارز والكاتب في منتدى الشرق الأوسط في الولايات المتحدة، في تقرير نشره معهد غيتستون الأميركي.
في 21 حزيران (يونيو)، قال إسماعيل ديمير، المسؤول الأول عن المشتريات الدفاعية في تركيا “إن قضية الصناعة الدفاعية قضية بالغة الأهمية في الدبلوماسية”.
..وعلى أهميتها، لم تحسن تركيا التعامل مع المنظومة. يقول بكديل إن عواقب الاستحواذ على الـ”أس-400″ هي أمثلة نموذجية عن كيفية إساءة التعامل التركية مع صناعة الدفاع في الدبلوماسية.
في التداعيات فإن طائرات الجيل الخامس ومنظومة “أس-400″، كانت إحدى القضايا الأكثر سخونة في مناقشة استمرت نحو 50 دقيقة بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الأميركي جو بايدن، خلال قمة حلف شمال الأطلسي.
ويقول المحلل بكديل إنه من غير المستغرب أن ينتهي الاجتماع من دون التوصل إلى حل. برأيه، هذه أخبار سيئة للقوات الجوية التركية، فعلى مدى أكثر من عقد، خطط كبار الضباط العسكريين في تركيا لقدرات القوة الجوية المستقبلية على افتراض أنهم سيحصلون على ما لا يقل عن 100 طائرة من طائرات “إف-35” بدءاً من عام 2020.
حال تركيا اليوم يقول، أنه في عملياتها ضد المسلحين الأكراد في جنوب شرقي تركيا وكذلك في شمال العراق وسوريا، تستخدم القوات المسلحة التركية أسراباً من الجيل الرابع من طائرات “إف-16″ أميركية الصنع و”إف-4” القديمة.
وفي الوقائع، بدأت تركيا في الحصول على طائرات “إف-16” من الولايات المتحدة أواخرَ الثمانينات، وهي أنتجت محلياً الطائرة المقاتلة الشهيرة بموجب ترخيص. حالياً، تمتلك القوات الجوية التركية ما مجموعه 270 طائرة “إف-16 سي دي” في مخزونها، وجميعها من طرازات بلوك 50/40/30.
سنوات قليلة مقبلة وسيتعين على تركيا التخلص التدريجي من الطائرات تلك بغية تحديثها. في الإطار، يقول بكديل، إن من علامات الاستفهام الأخرى ما إذا كان الكونغرس سيسمح ببيع قطع غيار الطائرات المقاتلة وتقديم الخدمات لعمليات التحديث.
الأمريكان يعرفون تمام المعرفة أنه لا خياراتِ بديلةً كثيرة أمام تركيا لتقليل التدهور الحتمي في قوة ردع قواتها المسلحة. يشير بكديل إلى أن “تركيا لا تزال تبتز الولايات المتحدة وحلفاء الناتو بأنها قد تختار طائرة مقاتلة روسية، “سو-57″، على سبيل المثال، إذا شعرت بأنها مهددة بسبب عدم وجود طائرات مقاتلة من الجيل الجديد”.
تقرير معهد غيتستون الأميركي يرى في التصريحات التركية “خداعاً واضحاً، فجنرالات القوات الجوية يعرفون جيداً أن التحول من الطائرات ذات المعايير المُستخدمة من قبل حلف شمال الأطلسي إلى الطائرات الروسية بعد 70 عاماً ليس مثل تغيير سيارتك الأميركية لمصلحة سيارة يابانية. في الحالة هذه، ستكون الحاجة ملحة لبناء هيكل تشغيلي جديد، وتعديل القواعد الجوية، ونظم الإصلاح والخدمة والصيانة الجديدة، وهذا يُعدّ مكلفاً للغاية، ويستغرق وقتاً طويلاً، وصعباً من الناحية التكنولوجية “.
وفي الوقائع أيضاً فإنه منذ سنوات تدير شركة توساش التركية لصناعات الطيران برنامج “تي إف – إكس”. وبشكل شبه يومي تُعلن سلطات الدفاع والفضاء التركية عن “أخبار عاجلة لإطلاع الشعب على أحدث المعلومات عن “تي إف- إكس”.
من الناحية النظرية، تفخر تركيا ببرنامجها الخاص بالطائرات المقاتلة المحلية “تي إف – إكس”. توساش أعلنت أنها بدأت بناء ثاني أكبر نفق رياح أسرع من الصوت في أوروبا لإجراء اختبارات مستقبلية لطائرتها المحلية، وتقول الشركة إنها وقعت اتفاقاً مع جامعة تركية لنظام برمجيات المقاتلة التركية.
الشركة التركية هدَفَت في البداية لتسيير طائرة “تي إف-إكس” للمرة الأولى في عام 2023، في الذكرى المئوية للجمهورية التركية. الآن هي تتحدث عن موعد آخر بين 2025 و2026 لأخذ نموذج أولي للطائرة. “وهذا الموعد النهائي ليس واقعياً أيضاً”، بحسب المحلل بوراك بكديل. هو يذهب أبعد من ذلك مشبهاً الإعلانات التركية ذات الصلة، بـ”قصص خيالية يحب الأتراك سماعها، والرواية التركية حول المُقاتلة هي للاستهلاك المحلي فقط”.
وفي تقريره الى معهد غيتستون الأميركي يكتب بكديل قائلاً إن “قلة من الأتراك يعرفون أن هندسة الفضاء الجوي الخاصة بهم هي على بعد عقود في أحسن الأحوال من بناء طائرات الجيل الجديد، ففي الواقع – يؤكد – لا تزال “تي إف-إكس” في مرحلة التصميم قبل المفاهيمي. وبعبارة أخرى، لم يتم تصميمها بعد، لأنه لا يمكنك تصميم طائرة مقاتلة قبل اختيار المحرك الذي سيشغلها. ولا تملك تركيا تكنولوجيا محركات الطائرات ولكنها تدعي أنها تطورها. وهذا الادعاء أيضاً هو للاستهلاك المحلي”، بحسب المحلل التركي البارز.
بالنتيجة، تركيا اليوم في ورطة، وثانية نقول:
ـ كراكب الحصانين مصيرة (الفشخ)