أمريكا تعود إلى أمريكا.. اقلعوا أشواككم بأيديكم
سيتساءل حلفاء الولايات المتحدة بعد انسحابها من افغانستان وفي أكثر من مكان:
ـ هل سيهجرنا الزوج الأمريكي ويتركنا إلى الفراغ؟
ليس هذا بدقة ماكان عليه حال صحيفة نيويورك تايمز، لقد جاء سؤالها على نحو آخر:
ـ تفكك أفغانستان هل يشكل ضربة أخرى لمصداقية الولايات المتحدة؟
نقل نيويورك تايمز عن من تسميهم “محللون” أن “فكرة أنه لا يمكن الاعتماد على أمريكا ستترسخ الآن بسبب أفغانستان”.
كاتب المقال وفي مقدمة ماكتب قال أن الانهيار السريع لأفغانستان يثير بالفعل التذمر بشأن المصداقية الأمريكية، مما يضاعف من جراح سنوات ترامب ويعزز فكرة أن دعم أمريكا لحلفائها ليس بلا حدود، مشيراً إلى أن تقدم طالبان الخاطف جاء في وقت كان يأمل فيه الكثيرون في أوروبا وآسيا في أن يعيد الرئيس جو بايدن ترسيخ الوجود الأمريكي في الشؤون الدولية، خاصة وأن الصين وروسيا تتجهان إلى توسيع نفوذهما، ومن المحتم أن يثير تراجع أمريكا الشكوك”.
الصحيفة اتكأت على محللين من غير الأمريكيين، ومن بينهم فرانسوا هايسبورغ، المحلل الفرنسي لشؤون الدفاع الذي علق ساخرا:” عندما يقول بايدن إن أمريكا عادت، سيقول الناس، نعم ، عادت إلى الوطن”، مؤكداً أن هناك قلة من الناس الذين يرغبون في إيقاف مشروعها الفاشل.
وأكد الباحث الفرنسي، بحسب ما ورد في مقال “نيويورك تايمز” أن فكرة أنه لا يمكن الاعتماد على أمريكا ستترسخ الآن بسبب أفغانستان، مشيراُ إلى فكرة الانسحاب الأمريكي من الاشتباكات العسكرية بدأت منذ الرئيس الأسبق باراك أوباما وفي ظل حكم ترامب.
ثمة ما يشبه الاجماع، وهذا الاجماع اختزله توم توجندهات، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان البريطاني، بالقول ” إن ما جعل الولايات المتحدة قوية وغنية هو أنه من عام 1918 حتى عام 1991 وما بعده، كان الجميع يعلم انه يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة للدفاع عن العالم الحر”.
ـ واليوم؟
اليوم سيتساءل حلفاء أمريكا بعد الانسحاب المفاجئ من أفغانستان بعد 20 عاماً من الاستثمار في الأرواح والجهود عما إذا كان عليهم الاختيار بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية، وإدراك أن بعض الديمقراطيات لم يعد لديها قوة البقاء بعد الآن.
وفي آسيا، يُنظر إلى الانسحاب الأمريكي والانهيار الوشيك للحكومة الأفغانية بمزيج من الخوف والارتباك، ووفقاً لرأي العديد من المحللين الأمريكيين، فقد كانت الدولة التي أعربت عن أكبر قدر من القلق هي الصين، التي تشترك بحدود قصيرة ونائية مع أفغانستان، وهي تتخوف من أفغانستان تحت حكم طالبان قد تصبح ملاذاً لما وصفتهم بالمتطرفين الأيغور من شينجيانغ، التي تقع في أقصى غرب الصين.
لقد حذرت الصين، التي تنتقد الولايات المتحدة بشكل روتيني لتصرفها كطرف محارب عالمي، من أن الانسحاب الأمريكي المتسرع قد يؤدي إلى عدم الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة، وفي الوقت نفسه عرضت الصين دعماً لطالبان في محادثات استمرت يومين أواخر الشهر الماضي.
بالنسبة لأوروبا لم تكن أفغانستان أبداً مصلحة حيوية ، حيث ذهب الناتو هناك قبل 20 عاماً لإظهار التضامن مع الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر، ولكن الانهيار المفاجئ في أفغانستان هو تذكير آخر بما يمكن أن يحدث إذا أرادت أوروبا بمصادر خارجية، وتتركز مخاوف الدول الأوروبية الآن على تدفق جديد للمهاجرين الأفغان.
الأهم من كل هذا وذاك، ما الذي تقوله حركات التحرر وسواها بما فيها منظمات المجتمع المدني إزاء الرهان على المنقذ الأمريكي؟
ما بعد الانسحاب من افغانستان غير ما قبله.. لم يعد الأمريكي “الخيّال” يأتي على ظهر جواده لينقذ أحدًا.
لاخيالة ولا أحصنة أمريكية في الملعب.
أمريكا تعود إلى أمريكا و:
ـ اقلعوا أشواككم بأيديكم.