اليمن.. تصعيد حوثي يهدد العملية السياسية ويضاعف خسائر الميليشيات
مرصد مينا- هيئة التحرير
بينما ينتظر اليمنيون بدء المبعوث الأممي الجديد “هانس غروندبرغ” مهامه رسمياً، لاستئناف الجهود التي بذلها سلفه “مارتن غريفيث” لإحلال السلام وإقناع الحوثيين بوقف الحرب، تواصل الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران تصعيدها على معظم جبهات القتال، مع استئناف الهجمات على الأراضي السعودية، الأمر الذي دفع الكثير من المراقبين للتشكيك في نجاح مهمة المبعوث “غروندبرغ”، لجهة التعنت الحوثي المعهود، وبسبب عقيدة الجماعة القائمة على استمرار الحرب والرغبة في السيطرة على اليمن بقوة السلاح لخدمة الأجندة الإيرانية.
تصعيد حوثي..
واستهدفت ميليشيا الحوثية اليوم الأحد، منشآت نفطية تابعة لشركة أرامكو السعودية في رأس تنورة بشرق المملكة ومواقع أخرى منها جدة على ساحل البحر الأحمر، بطائرات مسيرة وصواريخ بالستية، ما تسبب بإصابة طفلين في مدينة الدمام شرقي المملكة، حسبما أفادت وزارة الدفاع السعودية.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية “واس” عن الوزارة أن “عملية الاعتراض تسببت في تناثر الشظايا على حي ضاحية الدمام ونتج عن ذلك إصابة طفل وطفلة سعوديين وتضرر 14 منزلاً سكنياً بأضرار خفيفة”.
يشار إلى أن المنطقة الشرقية بالسعودية تعتبر مركز مهم للبنية التحتية النفطية وقد تعرضت في السابق لهجمات جوية، حيث تسبب هجوم في سبتمبر/ أيلول 2019 على منشأتين تابعتين لأرامكو في شرق المملكة في وقف نصف إنتاج السعودية من النفط مؤقتا.
وفي السابق أعلن الحوثيون، الذين يشنون هجمات متكررة باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ على المملكة، المسؤولية عن عدة هجمات على المنشآت النفطية السعودية.
كما تتعرّض مناطق عدة في السعودية باستمرار لهجمات بصواريخ بالستية وطائرات مسيّرة مفخخة تُطلق من اليمن باتجاه مطاراتها ومنشآتها النفطية، وخلال آب/ أغسطس الفائت، تزايدت وتيرة هجمات الطائرات المسيرة التي يشنّها المتمردون الحوثيون خصوصا باتجاه المدن الجنوبية مقارنة بالأشهر السابقة.
ويوم أمس السبت، أكد التحالف تمكنه من اعتراض 3 مسيرات مفخخة وتدميرها، بعدما أطلقها الحوثيون تجاه المملكة، ليرتفع إجمالي الطائرات المفخخة التي أعلن التحالف بقيادة السعودية اعتراضها منذ ظهر الجمعة، إلى 6 مسيرات.
يذكر أن السعودية تقود منذ 2015 تحالفاً عسكرياً دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً التي تخوض نزاعاً دامياً ضدّ الميليشيات الحوثية، منذ سيطرة الأخيرة على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى في 2014.
رسائل سلبية تستبق مهمة “غروندبرغ” ..
من شأن تصعيد الحوثيين تعقيد مهمة المبعوث “غروندبرغ”، الذي يتسلم منصبه رسمياً اليوم الأحد، بشكل أكبر من السابق، حسبما يرى المحلل السياسي “عبدالله بن محمد”، الذي يرى أن تجربة حركة طالبان في أفغانستان قد فتحت شهية الجماعة الحليفة لإيران للانقضاض على كامل التراب اليمني.
وبحسب “بن محمد”، فإن التصريحات التي أطلقها عبد الملك الحوثي، أواخر الأسبوع الماضي، والتي أعلن فيها أن جماعته “حسمت قرارها بتحرير اليمن واستعادة كل المناطق التي احتلها التحالف”، مجرد خطوة للأمام، تهدف إلى رفع سقف مطالبها من الأمم المتحدة قبل الالتقاء بالمبعوث الجديد خلال الأيام المقبلة.
كما يعتبر أن التصعيد الحوثي الأخير داخليا وخارجيا “يحمل رسائل غير مشجعة” للمبعوث الجديد، ومن شأنه إضافة مزيد من التعقيدات لفرص إحياء مشاورات سلام متعثرة منذ منتصف عام 2016.
يشار إلى أنه من المقرر أن يعقد “غروندبرغ” خلال اليومين المقبلين سلسلة لقاءات مع طرفي النزاع اليمني في الرياض ومسقط، وذلك قبيل تقديم إحاطته الأولى أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي في 10 سبتمبر/ أيلول الحالي.
معارك على 12 جبهة..
تؤكد مصادر يمنية، أن المعارك مستمرّة في حوالي 12 جبهة ممتدّة بين محافظتي مأرب والجوف، ما بين قوات الحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية، كما تشير المصادر إلى أنّ المعارك محتدمة في أكثر من جبهة، وتشارك فيها مقاتلات التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، حيث شنّت غارات كثيفة على مواقع الحوثيين.
وبحسب المصادر فقد تمكّنت قوات الجيش اليمني من استعادة مواقع عسكرية كانت جماعة الحوثي سيطرت عليها خلال الأيام الماضية.
ومنذ فجر الإثنين الماضي، دشنت جماعة الحوثيين جولة عنف جديدة على محافظة مأرب النفطية التي تحاول اجتياحها منذ أكثر من عام، وذلك عبر شنّ هجمات برّية مكثفة من محاور مختلفة.
وهي المحاولة الثالثة للجماعة خلال العام الحالي، والخامسة منذ بداية الزحف نحو منابع النفط والغاز منتصف العام الماضي.
وفقاً لمصدر عسكري في المنطقة العسكرية الثالثة التابعة للشرعية بمأرب، فقد تركزت الهجمات الحوثية الجديدة من جبهات صرواح ومدغل غربي مأرب ورحبة في الجهة الجنوبية، فضلاً عن هجوم عنيف من اتجاه جبال الشهلا في صحراء الجوف.
خسائر بشري أرهق الميليشيات..
تعرض الحوثيون لنزيف بشري واسع خلال الهجمات الجديدة، ووفقاً لبيانات التشييع التي تم رصدها من وسائل إعلام حوثية، فقد شيّعت الجماعة 60 عسكرياً، بينهم قيادات رفيعة، منذ يوم الإثنين الماضي فقط، فيما يرجح مراقبون أن يكون الرقم الحقيقي للقتلى أعلى من ذلك بكثير، خاصة أن القنوات الحوثية تحرص على بث بيانات تشييع القيادات الرفيعة.
الخسائر البشرية التي تعرضت لها الميليشيات الحوثية في محافظة مأرب اليمنية، دفعت قادة الميليشيات إلى الاستنفار خلال الأيام الماضية بحثاً عن مقاتلين جدد لتعويض النقص في أعداد مسلحيهم، حيث عقدوا الكثير من اللقاءات مع مشرفيهم في أحياء العاصمة ومحيطها لحضهم على تبني حملات وفعاليات للحشد والتعبئة، حسبما يقول الصحفي “مناف العابد”، الذي يؤكد لمرصد “مينا” أن مساعي الجماعة لحشد مجندين جدد قوبلت بفتور شديد في أوساط السكان في صنعاء والمناطق القبلية المحيطة بها.
ويضيف “العابد”: تسربت في الأيام الماضية عن انسحاب العشرات من المجندين الحوثيين من جبهات مأرب والجوف المجاورة بعد تفاقم الخلاف على المخصصات المالية وإقدام المشرفين على سرقة المبالغ المقدمة للمجندين إضافة إلى نقص كميات الغذاء، وهو الأمر الذي دفع جهاز أمن الميليشيات الداخلي إلى شن حملات لملاحقة الفارين وإعادتهم للجبهات.
في السياق، أكدت مصادر محلية أن القيادي الحوثي “خالد المداني” أحد المقربين من زعيم الجماعة والمسؤول المباشر عن السلطة المحلية في العاصمة، كثف من تحركاته من أجل حشد المجندين لا سيما في المدارس والمساجد والمصالح الحكومية، حيث عقد اجتماعات عدة في مختلف مديريات المدينة وأحيائها، ضمن عملية التحشيد والتعبئة للقتال، كما اعترفت المصادر الرسمية للجماعة بأن المداني إلى جانب القيادي الآخر حمود عباد المعين أميناً للعاصمة، عقدا اجتماعاً أمس السبت لمناقشة جهود التحشيد ورفد الجبهات.
يشار إلى أن الإعلام العسكري للجيش اليمني، كان أفاد في وقت سابق بأن الميليشيات الحوثية تكبدت أكثر من 10 آلاف قتيل، منذ يناير الماضي في مختلف الجبهات، لا سيما في محافظة مأرب التي تستميت الجماعة للسيطرة عليها دون جدوى.
وبحسب ما أورده الإعلام العسكري فإن قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية تمكنت من كسر أكثر من 300 هجوم حوثي على جبهات الكسارة والمشجح وجبل مراد وصرواح، منذ مطلع العام الجاري، غرب مأرب وجنوبها.