شيزوفرينا أردوغان
وكأنما يحلو للرئيس التركي رجب الطيب أردوغان فتح كل الجبهات معًا.. جبهات على نصف أصدقاء، كما جبهات على “من كانوا أصدقاء”، وجبهة ممتدة على من يعتبرهم أعداء.
جبهته الأولى كانت على الإدارة الأمريكية، وجيشه واحد من جيوش الناتو، فالرجل مازال “عضو في الناتو”.
وجبهته على الروس، وهو يبادر لشراء s400 والمفارقة “دون أن يشتغل على تفعيلها”.
وجبهته على كامل المجموعة الأوربية وهو يهدد المجموعة بسلاح اللاجئين.
كل ذلك والمعارك بالانتظار:
ـ معركة شمال شرق سوريا، مع الأكراد، وتعني حكمًا معركة مع الأمريكان.
ـ معركة “أدلب”وتعني حكمًا معركة مع الروس.
وبالنتيجة فهو :
ـ خصم للروس في “ادلب” وصديقهم في الـ s400
ـ خصم للأمريكان في شمال شرق سوريا وحليفهم في الناتو.
وكذا حاله مع مجموع دول الخليج التي يشتغل على الحوار معها عبر دبلوماسية تحكي بالتقارب، فيما الخصومة ترتفع إلى أقصى مداها على الارض الليبية، وقد تذهب الوقائع أكثر من ذلك مع طهران، وهذه آخر الأخبار تفيد بأن طائرات مجهولة استهدفت قاعدة تديرها فصائل مسلحة مدعومة من إيران في محافظة دير الزور شرق سوريا، قرب الحدود العراقية ليل الإثنين.
فيما تنقل الوكالات عن السكان والمصادر قولهم إن الضربات وقعت جنوب بلدة الميادين على نهر الفرات، والتي أصبحت قاعدة كبيرة لعدد من الفصائل الشيعية المسلحة، ومعظمها من العراق، ما يعني اقتراب النيران من تركيا، بما يجعل الاشتباك الايراني ـ التركي ممكنًا في أي وقت.
سياسياً، يستضيف الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في مدينة سوتشي، اليوم، نظيره التركي رجب طيب اردوغان، في قمة يصفونها بـ “الحاسمة” وتعقد في ظروف حساسة، لجهة الوضع المتأزم في إدلب شمال غربي سوريا، والتذمر التركي تجاه التصعيد الروسي المتواصل، ومواضيع سياسية خلافية، مثل تصريحات الرئيس التركي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حول عدم اعتراف بلاده بضم جزيرة القرم إلى روسيا.
وهكذا فقد نقل اردوغان بلاده من “صفر مشاكل”، وهي نظرية “حكيمه”، ووزير خارجيته الأسبق، وشريكه (الأسبق ايضًا) في “العدالة والتنمية”، أحمد داوود أوغلو، إلى “كل المشاكل”، وهو أمر سيهدد تركيا بلا شك.
الروس وعبر فلاديمير بوتين يستثمرون في أردوغان مرتين:
ـ مرة بالاقتصاد، فثمة مليارات تدفع ثمنًا للصواريخ الروسية، ومرة في توسيع الفجوة ما بينه وبين الأمريكان فيسقطون حليفًا للناتو من الناتو.
والأمريكان، يستخفون بالحليف، فلا يغامرون بإهدائه أي دور على حدود بلاده، وتحديدًا في سوريا.
أما الإيرانيون، فبلا شك يجلسون على رأس التلة للفرجة على ما ستؤول اليه الأحوال وليسوا بخاسرين في كل الأحوال.
من يقرأ خرائط أردوغان، سيعلم حقيقة الدوافع، فتركيا من الداخل متأزمة، ولابد أن أزماتها المركبة قد انعكست على سياسات قيادتها، والأزمة تتدرج ما بين صعود قوى المعارضة التركية استنادًا إلى ماهدره أردوغان من حقوق الإنسان، فالسجون ممتلئة على الآخر بالمعتقلين، وبين المسألة الكردية التي تقض مضجع الرئيس التركي كما الشوفينيين الأتراك، وهي مسألة “تربح” في الكثير من الجولات، فالقوى الكردية لابد وباتت قوى فاعلة سواء عبر المجتمع الدولي، أو في الحياة الداخلية التركية، ولابد لأروغان من الاستثمار فيها، وذلك بالاستناد إلى خطابه الذي يشتغل على “وحدة الأراضي التركية” و “محاربة التقسيم”، ومن بعدهما الكلام عن المؤمرات الدولية التي تحاك ضد بلاده والتي يشد عبرها عصب أنصاره ومحازبيه، ففي هذا النوع من الأنظمة الدكتاتورية لابد من العثور على صيغة العدو “وراء الأبواب”، والعدو هنا هو :
ـ الأكراد، وداعمي الأكراد.
وبهذا ستكون معركة ادلب المقبلة، وبلا شك ستكون قريبة لتكون العكاز الذي سيستند اليه أردوغان.
ولكن ماذا لو وقعت هذه المعركة؟
لن تكون معركة مع بشار الأسد، فبشار الأسد ليس “في النير ولا في النفير”، انما ستكون مع الروس.
ـ مع من؟
مع من يشتري منهم السللاح دون تفعيله.
أية سياسات هذه وأي فصام.
لاشك، ثمة شيزوفرينا في شخص هذا الرجل.
ـ شيزوفرينا يمكن نعتها بـ :
ـ شيزوفرينيا أروغان.