الفاتحة، ثم الفاتحة على “الربيع العربي”
ربما يكون ترشح سيف الإسلام القذافي لمنصب رئاسة الجمهورية في ليبيا، هو “ورقة النعوة” الأخيرة لربيع ليبيا، الربيع الذي انتهى إلى الدولة المفكّكة التي أجهزت على خريف الطاغية، ولم تنجز “ربيع” الدولة.
لن يفوز سيف القذافي بالرئاسة، وقد لاتشهد ليبيا انتخابات رئاسية، فالدولة منشطرة لا إلى قسمين فحسب، بل إلى “القبيلة”، هذا إن لم تكن دولة الميليشيات التي تبعثر السلاح والمصائر، لتتحول إلى أزقة محكومة بالبنادق.
ترشح سيف الإسلام االقذافي، لايعني فوزه، سوى أنه يعني وكما كتب بورزو درغاهي في الاندبندنت “قد تجعل منه شخصية محورية في مستقبل الحكم في ليبيا”، والكل يتذكر ذلك المصير القاتم الذي واجهه سيف الإسلام وقد بترت اصابعه، وكان قد لوّح بها بمواجهة جماهير الثورة في ليبيا مرددًا لغة أبيه، كما لو انه نسخة عن “القائد”، مع إضافة “ملك ملوك افريقيا”.
على االجانب الآخر كانت رسالة ابنة صدام حسين لسيف الإسلام، وهي الرسالة المشبعة بالتعاطف والتأييد، وكأنها تقول:
ـ والعراق لي أيضًا.
في استعادة للتاريخ القريب، كان معمر القذافي قد دفع ابنه إلى السلطة في ليبيا، ماقبل الثورة، وبدوره أقنع الأخير ناشطي حقوق الإنسان والأكاديميين وحتى المعارضين، بأنه كان على وشك إحداث تغيير ديمقراطي في بلاده، على اعتبار أنه الإصلاحي المتخرج من جامعات بريطانيا، وحين اندلعت الثورة، كان سيف لأبيه ولم يكن لليبيين، وقد شارك في الأحداث الدموية التي سبقت اعتقاله.
اليوم يأتي ترشح سيف القذافي وقبل ستة أسابيع من موعد الانتخابات، ليخلط أوراق من يخوضون صراع السلطة في ليبيا خلال العشر سنوات الماضية، ما يمثل تحوّلاً مدهشًا في البلد الذي يعاني من الفوضى خلال عقد من الزمن.
عمليًا فإن سيف ملاحق من المحكمة الجنائية الدولية، ومذكرات الضبط والاعتقال بحقه في ليبيا مازالت نافذة، وفوزه “المستحيل”، ليس إلاّ تأكيدًا على كتابة خاتمة الربيع العربي، الذي يصح معه القول “ما يسمى بالربيع العربي”، غير أن المستغرب في الأمر هو الدعم الروسي لهذا الترشيح وهو دعم بلا حدود، ما يطرح السؤال:
ـ لحساب أي قوى دولية يشتغل سيف الإسلام القذافي؟
في مصر، ثمة عودة مظفرة لجمال مبارك، أقله في استعادته لأموال أبيه المسلوبة من دماء المصريين، وفي تونس يجمّد البرلمان لحساب الرئيس، وفي اليمن اللف يمن وصراع دام لم يبق على الدولة ولم ينصر القبيلة، أما في سوريا، فثمة صفحة تطوى اسمها “الربيع السوري”، وبالنتيجة:
ـ لا ربيع.
لقد سبقت التسمية المولود، فكانت الولادات المشوهة المشوبة بأنهار من الدماء.
واليوم:
ـ لا ربيع والكثير ممن يحزنون.