هل تكفي العقوبات الاقتصادية لردع بوتين ؟
مرصد مينا
تستعد الولايات المتحدة ومعها الاتحاد الاوروبي لفرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا لمهاجمتها أوكرانيا، إلا أن السؤال الذي بات مطروحا هل العقوبات الاقتصادية كافية لردع الرئيس فلاديمير بوتين لاسيما أن حلف شمال الأطلسي أعلن عدم نيته إرسال قوات إلى أوكرانيا.
يرى أستاذ العلاقات الدولية ورئيس معهد غلوبال بوليسي في واشنطن، باولو فان شيراك، يرى أنه بإمكان العقوبات الاقتصادية الأميركية أن تجدي نفعا وتركع الاقتصاد الروسي بشرط أن تحذو حذوها دول الاتحاد الأوروبي”، مشيرا إلى أن كون روسيا الممول الرئيسي لدول الاتحاد الأوروبي بالغاز، صعب من مهمة واشنطن في إقناع تلك الدول بضرورة محاصرة موسكو اقتصاديا.
وقال: “إذا قررت أوروبا معاقبة روسيا اقتصاديا فستنتظر من موسكو ردا اقتصاديا سيكون أقوى عليها” وهو في نظره سر تأخر التحاق تلك الدول بقرارات الولايات النتحدة بخصوص العقوبات على موسكو.
لكنه عاد وقال بحسب موقع “الحرة” الأمريكي إن العقوبات الاقتصادية لا تجدي نفعا ما لم تتبع بمواجهة دفاعية عسكرية لردع التقدم الروسي في أوكرانيا وهو ما لم يتم لحد الآن، مرجحا أن يستمر الناتو في متابعة تطور الأحداث بعيدا، لأنه “لا يمكنه التدخل بصفة مباشرة.”
وقال: تقنيا لا يمكن للناتو مواجهة روسيا، لأن أوكرانيا ليست عضوا فيه، كما أنه لم يوقع مع الأخيرة أي اتفاق يجبره على ذلك”، مردفا: “لكن ليس هناك ما يمنع دوله الأعضاء في مساندة أوكرانيا عسكريا، بصفة فردية”.
فان شيراك أضاف: إن علم الدول الغربية المسبق بنية بوتين كان لا بد أن يترجم بتحركات ميدانية على شاكلة ما قمت به الولايات المتحدة وبريطانيا، اللتان رفعتا من حجم المساعدات لأوكرانيا خلال الأيام الأخيرة، مطالبا من الدول الغربية، جميعا، من انتهاج ذات السياسة.
من جهته يقول المحلل السياسي، فيصل جلول فإن هذا الوضع يحيلنا إلى سيناريو جورجيا لعام 2008، ردود الفعل الغربية ولا سيما حلف الناتو “لا ترتقي إلى مستوى التهديد الذي يشكله قرار الرئيس الروسي بالهجوم على أوكرانيا، الحليفة للدول الغربية”، بالرغم من اعترافه بأن “المعادلة جد صعبة، ولا تتيح الكثير من الحلول”.
جلول قال إن ما يحدث في أوكرانيا اليوم، وما يصحبه من “تقاعس” غربي على حماية كييف يذكرنا بما حدث في جورجيا، مرجحا أن تنتهي الأمور كما انتهت الحرب في جورجيا طالما أن المعطيات تكاد تتشابه مع ما حدث قبل 14 سنة.
وقال بحسب المصدر نفسه: “كان هناك تأييد غربي لجورجيا وضغط متواصل على الرئيس الروسي، ديمتري ميدفيديف، رغم ذلك حركت موسكو جيوشها وأمنت المناطق الانفصالية الموالية لها”.
فيصل جلول تساءل كذلك عن السبب وراء ترك، الغرب، الأحداث تصل إلى حد دخول القوات الروسية إلى دونيتسك ولوغانسك، في أوكرانيا، وعدم حمل بوتين على العدول عن نيته التي كانت معروفة منذ البداية رغم إنكاره، وقال: “بالطبع لا تكفي بيانات التنديد في هكذا حالات، كما أن العقوبات الاقتصادية لا تجدي نفعا، وهو ما أثبتته عديد الأمثلة مع دول أخرى”.
وبالحديث حول ما وصفه “تقاعس” الناتو عن حماية أوكرانيا، يرى جلول أنه من الصعب بمكان أن ترد عسكريا على دولة نووية، وهو في نظره “وضع يزيد من تعقيد فرص الرد الرادع على موسكو”.
يشار أن أوكرانيا اقترحت، الخميس، جملة من العقوبات التي من شأنها ردع موسكو، حيث نشرت وزارة الخارجية الأوكرانية بيانا ضمنته عقابا “مدمرا” لروسيا، يشمل وقف نظام التحويلات المالية (سويفت).
وتضمنت قائمة العقوبات التي اقترحتها كييف 14 بندا وهي حظر أصول جميع معاملات المؤسسات المصرفية الروسية بما فيها سبيربنك، وألفا بنك، وصندوق الاستثمار الروسي المباشر، وبنك الائتمان في موسكو، والبنك الزراعي الروسي، وبنك VTB ، وشركة غازبرو، وبنك “إف سي أوتكريتي، وبنك سوفكوم، وبنك ترانس كابيتال، والشركات التابعة والكيانات اللاحقة لهذه المؤسسات المالية.
إلى جانب حظر استيراد النفط والغاز الروسي، وفصل النظام المالي الروسي عن نظام التحويل أو التراسل المالي الدولي (سويفت)، بالإضافة إلى حظر الرحلات الجوية لأي شركة طيران روسية.
كما اقترحت كييف، طرد السفراء الروس حول العالم وقطع العلاقات الدبلوماسية مع روسيا، و طرد موسكو من مجلس الأمن الدولي.
المقترحات الأوكرانية تضمنت حظر توريد أي سلع، بما في ذلك الأجهزة والبرامج، وكذلك الخدمات عموما، والخدمات المالية للشركات الروسية العاملة في قطاع النفط والغاز والطاقة النووية وتعدين الفحم والمعادن الأخرى، كما أوصت بحظر جميع الأصول الخاضعة للولاية القضائية الأميركية، وكذلك يحظر على الأفراد والكيانات الأميركية التعامل مع كيانات قانونية أجنبية وأفراد مشاركين بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات شراء منتجات المجمع الصناعي العسكري الروسي.
ومن ضمن النقاط كذلك، حظر جميع الأصول الخاضعة للولاية القضائية الأميركية، وكذلك يحظر على الأفراد والكيانات الأميركية التعامل مع كيانات قانونية أجنبية وأفراد مشاركين بشكل مباشر أو غير مباشر في شراء منتجات التعدين ومنتجات الطاقة الروسية.
أوكرانيا حضت الدول كذلك على ضرورة حظر توريد أي سلع أو تقنيات، بما في ذلك البرمجيات المستخدمة في قطاعات صناعة الطيران الروسية، بما في ذلك في الطيران المدني.، وحظر جميع الأصول الخاضعة للولاية القضائية الأميركية، وكذلك حظر التعامل مع كيانات وأفراد مشاركين بشكل مباشر أو غير مباشر في الإعلام الروسي المرتبط بالحكومة الروسية.
ومن ضمن العقوبات التي طالبت كييف تسليطها على موسكو، منع الشركات الأميركية من توريد وتحديث البرمجيات لصالح المستهلكين الروس، وحظر توريد منتجات الاتصالات الأميركية، بما في ذلك الإلكترونيات الدقيقة، إلى جانب تجميد الأصول في الولاية القضائية الأميركية، وفرض قيود على التأشيرات الممنوحة للقيادات السياسية والعسكرية في روسيا والنخبة السياسية وكذلك أفراد عائلاتهم.
جلل رجح أن تتمكن روسيا من الالتفاف على هذه العقوبات، داعيا إلى إيجاد “حل مبتكر” لمعاقبتها لتفادي السيناريو الجورجي الذي أكد أنه من المرجح أن يعيد نفسه في أوكرانيا.
وقال: “نحن هنا أمام نتائج مزدوجة للحرب العالمية الثانية والحرب الباردة، التي أفرزت نظاما دوليا أعطى فرصة لدول ديكتاتورية وتوسعية من فرض منطقها (في إشارة إلى روسيا والصين وحلفائهما).
وأكد أن من سوء الحظ أن يكون لروسيا دور في النظام العالمي كدور فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، مجددا التأكيد على أن الرد الرادع لموسكو لا يمكن إلا أن يتمخض عن معادلة صعبة قد لا تحمل حلا نهائيا لهذه المعضلة.
كذلك قال باولو شيراك، حيث أكد أن العقوبات الاقتصادية التي تهدف إلى إضعاف روسيا “لن تجدي نفعا” ما لم تصاحبها قرارات ردع عسكرية بطريقة أو بأخرى، مضيفا: “لقد جربنا العقوبات الاقتصادية في أكثر من دولة وأبرز مثال إيران التي لم ترضخ بعد رغم كل تلك السنوات من العقوبات”.