حزّر فزّر أنت في لبنان
نبيل الملحم
كل اللبنانيين، كلّهم، ونعيد “كلهم” متوافقون على فساد “المنظومة”، وإعادة النظر بنظام المحاصصة والطوئف، و”تقليع” نظام الاقتصاد الريعي، وبؤس القيادات “التاريخية”، كذلك متوافقون على “الكارثة” وقد حلّت ببلدهم حتى باتت ربطة الخبز معضلة والدواء في علم الغيب، وأكثر من ذلك، متوافقون على أن “بي الكل” يستعصي عليه الإنجاب، ووزير الاقتصاد “جاكل نسوان” وخرتيت اقتصاد، أما وزير خارجيتهم فإن خرج بتصريح يدعون الله أن لايخرج من الفراش، فعلام يتحسبون للحرب الأهلية ماداموا متوافقين على كل أسباب الاتحاد؟
ليس ثمة مجتمع بتاريخ الأمم على هذا النحو من التوافق، كما ليس بتاريخ الأمم أمّة متوافقوها، يتوافقون على الوقوف على بوابات الحرب الأهلية بعد أن اختبروها كما حال اللبنانيين؟
حلقة من برنامج “صار الوقت” الشهير، الذي يقدّمه مارسيل غانم، وقد يكون من الإعلاميين المشاركين بالفساد، جمع شباب من كل التيارات والأحزاب والطوائف، والمستقلين عن الأحزاب والتيارات والطوائف ومن بينهم “ثوار”، لايجمعهم إطار واحد ولا مرجعية واحدة، وكان على كل من في صالة “العرض” الهتاف لإسقاط المنظومة، “كلها يعني كلّها”، فكيف للمنظومة “كلّها” أن تسقط إذا كانت كل المؤشرات تقول بأن إسقاطها ممكن بالانتخابات النيابية، فيما نواب الأمس هم الأكثر ترجيحًا ليكونوا نوّاب الغد؟ وكيف للمنظومة أن تسقط إذا كان القضاء موزعًا على زعامات المنظومة، ومقيّدًا بشروط الطوائف، وإذا كان البلد مقسّمًا مابين الأمريكي، والإيراني، والسعودي، والإسرائيلي، ولبعض من التركي، وصولاً للكثير من الفرنسيين؟
الكل متفق، فعلام يختلفون؟
هي معضلة في علم الفوازير، ومعضلة في علم سايكولوجيا الجماهير، ومعضلة في تاريخ الأمم، ومعضلة على لبنانيي الغد الذين وروثوا لبنان الأمس، لبنان بكركي، ولبنان مشيخة العقل، ولبنان دار الفتوى، ولبنان الحسينية وقد تقاسمها سلاح حزب الله ورزالة نبيه بري؟
كلّهم متفقون، وهنا المعضلة، وليتهم يختلفون كي تخفف المعضلة من حجم الفزورة، فينشغل الناس بطبخ الحصى بديلاً عن حلّ الفوازير.