وقد اهتزت جمهورية “أمراء المال والسلاح”
وصول مجموعات من الشخصيات “التغييرية” إلى المجلس النيابي اللبناني، لابد ويشكل اختراقًا لصيغة “امراء الطوائف”، و”ملوك المال ومافياته، نعم، يشكل اختراقًا للصيغة، ولا احد يعتقد أنه سيشكل التغيير الحاسم، والاختراق في هكذا حال امر طيب وإن لم يكن حاسمًا، فالصيغة “عميقة” و متماسكة” و”متجذرة” في دولة الفساد والطوائف، وليس ادل على تجذّرها من إعادة نبيه بري إلى مقعد “الًحَكَم” التي بومجبها يستخدم مطرقته لإسكات هذا وإطلاق ذاك من البرلمانيين، وعرقلة مشروع وإطلاق مشروع يُدَم للبرلمان، دون نسيان أن الرجل بات قريبًا من المقبرة، فأحكام الطبيعة لن تكون محكومة بأحكام “الصيغة”، مع مايدلل عليه إعادة هذا “الانتخاب”.
الصيغة تقول بـ “دولة رئيس البرلمان شيعي”، و “دولة رئيس الوزراء سنّي”، أما “دولة رئيس الجمهورية” فلابد أن يكون مارونيًا حتى لو كان على “الزحّافة” مفوضًا شؤون القصر للصهر وقد تزوج الصهر الدولة مع زواجه من بنت الرئيس.
الثنائي “أمل وحزب الله”، اشتغلا بكل جهودهما على عدم أيصال أي من الشخصيات الشيعية المناوئة اليهما للمقعد البرلماني، كي لايكون مرشح رئاسة البرلمان سوى نبيه بري، فبات المرشح الوحيد من طائفة لها مالها من االشخصيات الوازنة والمعتبرة والتي تمثل في حقيقة الأمر تاريخًا وطنيًا لبنانيًا، تاريخ المواطن لا تاريخ “المملوك” من الحزبين، وهؤلاء من الشيعة إما كانوا تحت مقصلة الاغتيال، وإما تحت مقصلة التكفير والإبعاد والتغييب، دون نسيان حقيقة أن للحزبين قوتهما الواسعة في الطائفة، وهي قوة مستمدة من السلاح أولاً ثم من المال ثانيًا، وكليهما وعلى مدى تاريخهما اشتغلا على تهميش الشيعة والضغط على قياداتهم المأمولة بحيث لايكون للشيعة قيادات سواهما في لبنان، وهكذا استفرد بري بالبرلمان، ومعه أجّل حزب الله صراعه مع حركة امل لحساب احتكار السلطة والشيعة، بحيث لاينبت جناح للطائر الشيعي بما يجعله يخرج من قفص الحزبين وأي محاولة للطيران خارج سربهما ستودي بصاحبها الى الاغتيال والهلاك، وليس آخر من طالته رصاصات الاغتيالات “لقمان سليم” فالسلسلة طويلة وهي تضم الكثير من الأسماء اللامعة التي لها تراثها الفكري والأدبي والسياسي ومن بينها مهدي عامل، وحسين مروة، وثمة الكثير من الشكوك التي تدور حول تغييب الإمام موسى الصدر الذي إن لم تكن حركة أمل شريكة فيه، فهي على الأقل استثمرته أبشع استثمار، بما جعل من نبيه بري صاحب المقود في العربة الشيعية، دون أي فرصة لصعود نجم أي من الشخصيات الشيعية اللبنانية لتشكل وزنًا سياسيًا أو رمزًا سياسيًا وهكذا بات نبيه بري هو “الممثل الشرعي والوحيد” لشيعة لبنان، متقاسمًا مع حزب الله الهيمنة والسيطرة على الشيعة بدءًا من الاستثمار في العقيدة و “الحسينية” وصولاً للاستثمار بالاغتيال والسلاح.
لبنان اليوم، في مرحلة هي مرحلة “الاختراق”.. اختراق مجموعات من الشباب لحكم “العجزة” وأمراء المال والسلاح، لن يكون جوده في البرلمان وجودًا حاسمًا، غير أنه لابد ويشكل هزًا لصيغة استرطبت حكم البلد، وأوصلته إلى ماوصل إليه.
الأمر يدعو إلى التفاؤال.
تفاؤل دون مبالغة، فالرقص اكثر من الموسيقى لابد ويشق الجسد.
ثمة معزوفة جديدة في البرلمان اللبناني.. معزوفة من خارج أوركسترا الهيمنة والفساد.. الإصغاء اليها واجب غير أن المبالغة في قدرتها على التغيير وهم.
حسنًا أن يحدث ثقبًا في جدار أمراء الحرب والسلاح.
حسنًا أن يحدث هذا.