“حزب الله”.. الفيل داخل الغرفة
أن يغرق لبنان على المدى البعيد فهذا أمر بالغ الصعوبة، أقله لأن هذا البلد ومنذ تأسيسه كان نموذجًا للقيم الديمقراطية في منطقة تجتاحها أنظمة دكتاتورية ومثالها الجار السوري، ما يعني أن منظومة الدول الغربية، لن تسمح بإغراقه، فإذا ماغرق لابد وأن يقع في القبضة الإيرانية ليتحوّل إلى قاعدة انطلاق لكل أشكال الإرهاب بدءًا من إرهاب السلاح إلى إرهاب العقيدة والمخدرات، ولاشك بأن “حزب الله” وبالرعاية الإيرانية سيتوليان هذا التحوّل.
كلام كهذا سيعني فيما يعنيه أن الغرب بشقيه الأمريكي والأوربي لن يسمح بهذا الغرق، فإذا ما سمح فهذا يعني تقديم البلد كهبة لإيران، و”المتوسط”، ليس البحر قليل الشأن في عالم يتنافس على المرات والموانئ والمياه لتسليمه إلى بلد “الملالي”.
ولكن كيف سيكون الحسم؟
حال لبنان لايسمح بخطوة عسكرية بمواجهة “حزب الله”، فالمواجهات العسكرية قد تعطي مردودًا معكوسًا، وهو مردود يقوم على شدّ عصب هذا الحزب، كما سيحمل موجة من الضحايا سواء في مناطق سيطرة الحزب أو سواها من المناطق اللبنانية، وهذا مايجعل الولايات المتحدة كما فرنسا يشتغلان على ضبط إسرائيل ومنعها من إطلاق عملية عسكرية واسعة، ذلك أن مردود حرب كهذه لابد وسيكون أقل بما لايقاس من تكاليفها.
إذن مالطريق إلى رفع قبضة “حزب الله” عن لبنان؟
الحرب السورية وشراكة الحزب في هذه الحرب، كلّف حزب الله آلاف من القتلى، وتمدده نحو العراق واليمن زاد من التكلفة، والمآزق التي قاد لبنان إليها ضاعفت من السخط الشعبي في لبنان وتحديدًا السخط داخل البيئة الشيعية التي نمى فيها حزب الله متكئًا على “المظلومية” و”العقيدة” فضاعف “مظلومية” الشيعة” وصاغ “عقيدة” بالقطع لاتشبه عقيدة الإمام موسى الصدر الذي غُيّب بتواطؤ من “حركة” أمل و”الخميني” وهذا ماتكشّف بعد أربعين عام من غيابه، وهو مابات شيعة لبنان يدركونه اليوم، وهم بمواجهة “القمصان السوداء”، تلك التي اغتالت “حسين مروة” و “مهدي عامل” وسلسلة من المفكرين الشيعة وكان آخرهم لقمان سليم، ما جعل لشيعة اللبنانيون يعرفون بأن “الفيل داخل الغرفة الشيعية” وليس خارجها، كما يعرفون بالتمام والكمال أن تسليم لبنان إلى الحزب لا يعني سوى نزع الصفة الأكثر قيمة عن البلد وهي “المدنية” و “الديمقراطية” وهما الصفتان اللتان امتاز بهما لبنان وافترق عبرهما عن محيطه.. محيط “القائد الخالد” و “القبضة البوليسية”، وهذا لابد ويخلق حراكًا شيعيًا على التضاد من الحزب، وهو حراك حتى اللحظة مازال تحت الرماد، غير أن الخروج من تحت الرماد لايتطلب المزيد من الزمن في ظروف بات فيها البلد محاصرًا من الداخل والخارج، و “الجوع أبو الكفار”، ومادام البلد يجوع، وشيعته من الجوعى فلابد أن يرفع جوعى الشيعة أصواتهم وقبضاتهم بمواجهة هذا الحزب، والكثير ممن يستطلعون أحوال البيئة الشيعية يعرفون هذا، واللعبة مازالت لعبة الوقت.
مابين “وقت حزب الله” و “وقت الهبّة الشيعية” قد لايكون وقتًا طويلاً.
ثمة جنرال اسمه “الجنرال وقت”.. كل المسألة مرهونة للوقت.
لن يطول هذا الوقت، فـ “المجاعة” لاتميّز مابين كتاب وكتاب، ودين ودين، والمظلومية التي ترعرع حزب الله على حصادها، قد ضاعفها على شيعة لبنان، فبات وحده:
ـ الظلام والمظلومية التي سترفع الرماد عن الحرائق الشيعية في لبنان.