هذا اللبنان العجيب
ماهذا الـ “لبنان” العجيب، وقد تقاسمه الفساد والسلاح .. فساد المصرف ولعنة سلاح حزب الله؟
أما عن السلاح، فقد حمل مظلة فلسطين، ولم تكن فلسطين سوى الاستدارة للتنكيل بالسوريين بالتحالف مع نظام بشار الأسد، والابتعاد أكثر إلى ساحات العراق، واليمن، و “شحط” لبنان من مهرجانات بعلبك، وكان لها تراثها الموسيقي العظيم، إلى ساحات اللطم لاستدراج ١٤٠٠ من صراع إسلامي/ إسلامي، انهك الإسلام، ولم يعطه سوى حقول من الدماء تسبح في حقول من الدماء.
يتبقى الفساد، وللفساد رموزه، وعلينا أن نتامل / مجرد نتامل/ اسمًا من طراز “رياض سلامة” ومعه، ما الذي اتى، وما المتبقي ليأتي إلى لبنان؟
ـ بسهولة يمكن إجمال الحالة.
سُرقت أموال المودعين، وتصدّر لبنان لائحة أسوأ ثلاثة انهيارات مالية شهدها العالم منذ القرن التاسع عشر، وطال الفقر ثمانية من بين كل 10 أشخاص، وفقد واحد من كل خمسة عمّال وظيفته، وباتت 41% من العائلات عاجزة عن الوصول الى الطعام والأساسيات الأخرى، وتعاني 36% من الأسر من صعوبات في الوصول الى الرعاية الطبية (كان ذلك بحسب تقرير للبنك الدولي صدر في حزيران 2021، والأرجح أن هذه الأرقام تغيّرت نحو الأسوأ). ولكن، لأن سلامة هو ذراع الكارتيل وكاتم أسراره ومُهرّب أمواله، يبقى حُرّاً طليقاً، عصيّاً على المحاسبة، يمارس مهامه كالعادة، ويستعيد نفوذه ويوسّع صلاحياته، حتى بات في يده، منفرداً، مصير موظفي الدولة وعناصر الأسلاك العسكرية والقضاة والمدرّسين والطلاب والأطباء والصناعيين والفلاحين… يحدّد حجم الاستيراد وعدد ساعات التغذية بالكهرباء، ويقرر تجفيف السوق من المحروقات أو إغراقه، وحرمان الناس من رغيف الخبز أو تزويدهم به، ويتحكم بتوافر حليب الأطفال والدواء، ومتى شاء يقطع الأوكسيجين عن المرضى. هو، باختصار، القضاء والقدر، أو بالأحرى القدر الذي نصّبه القضاء على عموم اللبنانيين عندما رفض الادعاء عليه، رغم تأكده من أنه يكذب، وأنه مذنب بالوثائق والمستندات. جلّ ما جرى هو إحالة المدعي العام التمييزي غسان عويدات الملف القضائي الموسع الذي أنجزه القاضي جان طنوس (هاجر من لبنان نتيجة الضغط السياسي) الى المدعي العام في بيروت القاضي زياد أبي حيدر للادعاء على سلامة بجرائم الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع وغيرها. غير أن أبي حيدر، بدوره، رمى بالملف في أحضان المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم. هكذا طيّر القضاة الثلاثة الملف و«نيّموه»، ليتقدم محامي سلامة بدعوى مخاصمة الدولة، ما أودى بالملف الى الهيئة العامة لمحكمة التمييز التي يرأسها القاضي سهيل عبود، والتي لا تعقد جلسات أبداً.
قضاءين وقدر.. قدر اسمه “حزب الله” وقدر اسمه الفساد بـ “رياض سلامة” وسواه.
ـ والموجة تجري ورا الموجة عايز تطولها.